نشر بتاريخ: 18/06/2012 ( آخر تحديث: 24/06/2012 الساعة: 09:29 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
كتب رئيس التحرير د. ناصر اللحام - حين وصل رئيس الوزراء التركي طيب رجب اردوغان في ايلول 2011 ودعا الاحزاب الاسلامية في مصر الى تبنّي النموذج الاسلامي التركي العلماني ، غضب اصحاب الرؤوس الحامية منه واعتبروا ان مصطلح علمانية لا يليق بهم وتناسوا ان تجربة الاسلام السياسي في تركيا من انجح التجارب قياسا مع افغانستان والسودان وايران والصومال والباكستان وغزة .
وكم حاول اردوغان ان يشرح للعوام ان العلمانية بمعنى فصل حكم الدين عن حكم الدولة هي مكسب للاسلام وللمسلمين .فالعلمانية هي الاعتدال واحترام الاخر وتقدير طاقاته ومواهبه ووطنيته بغض النظر عن كونه ذكر او انثى او اسود او ابيض ،بل ان العلمانية هي الوسط وهو روح الاسلام الحقيقي الذي يمكن ان نفخر به بعيدا عن الجهل والتخلف والتشدد والتعصب .
وبالمقابل وفي كلمته الاسبوع الماضي قال وزير داخلية الحكومة المقالة في غزة : لن نصالح العلمانيين ولو على رقابنا !!! على اعتبار ان العلمانيين هم الذين يركضون ويلهثون وراء الاحزاب الاسلامية ولا يكفّون عن التوسل لمصالحتها فيما الاحزاب الاسلامية لا تريد ، رغم ان العكس هو الصحيح ، فالعلمانيين هم الذين يرفضون مصالحة المتشددين الاسلاميين ولا يثقون بهم ويعتبرون انهم اصحاب تقية ومخادعون وغدّارون وينقلبون على الانظمة الديموقراطية ويحوّلون كل بلد يحكمونها الى ارض يباب .
ولا ننسى ان اليسار وقع في نفس الفخ من قبل ، وحين حكم بلاد بعينها كان شديدا وعنيفا وقاسيا وقمع الشعوب واستسهل اقامة نظام شمولي فاشل بحجة ان احزابه هي الاطهر ثوريا والانقى ايديولوجيا ، ووصل الامر في حزب الخمير الحمر في كمبوديا ان يذبح اساتذة اللغة الانجليزية باعتبار انهم مسكونون بجن اامريكي امبريالي !!! وقد تمكّن الخمير الحمر بقيادة بول بوت ان يذبحوا ثلث الشعب الكمبودي بحجة تطهيرهم ثوريا !!!ّ!!!!! وراحت كوريا الشمالية تعصف الارض عصفا ضد المعارضة ما جعل الناس يميلون الى تفضيل الانظمة اليمينة المتخلفة والفاسدة على اليسار " المجنون " الذي يريد ان يحرق الارض بهم وباولادهم . وفي روسيا اقام ستالين المقاصل لمن خالفه الرأي واتهمه بانه خائن لوطنه وللشيوعية الثورية !!! ولغاية الان يدفع اليسار العالمي اثمان تلك التجارب الفاشلة .ولولا سارع اليسار الاوروبي الى تبنّي العلمانية لما فاز مرة اخرى .
وها قد فاز الدكتور محمد مرسي في مصر ، وهو على مفترق طرق حقيقي ، فاما ان يحترم نصيحة اردوغان ويقيم نظاما علمانيا في مصر على الطريقة التركية ، ترفع اسهم الاحزاب الاسلامية في كل العالم العربي وتجعل منها نموذجا للنجاح والتحرر والتطور والازدهار ، واما ان يختار نموذج رافض لمصالحة العلمانيين ولو على رقبته هو الاخر ...
الرئيس المصري الجديد فاز باصوات الجماهير ، ومن خلال انتخابات ديموقراطية حرة ، فالشعب قال كلمته وانه يريد من الاخوان المسلمين ان يحكموا مصر ،وعلى الصحافيين والمثقفين ان يمكّنوه من النجاح وان يتمنوا له رفع مصر الى مصاف الدول العظمى ، وبالمقابل فان على الاخوان ان يكفّوا عن التباكي والشكوى ان العالم ضدهم وان العلمانيين ضدهم ، فالعالم ليس ضدهم لوحدهم ، بل ان العالم الغربي الامبريالي ضد كل الاحزاب العربية .... والله الموفق.