نشر بتاريخ: 21/07/2012 ( آخر تحديث: 24/07/2012 الساعة: 16:41 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
كتب ناصر اللحام- ليس على الصحافيين في العام 2012 ان يقبلوا بواقع عدم وجود تيار كهربائي، وليس علينا ان نكلّ أو نملّ من الكتابة عن الموضوع، ولو تطلب الامر ان نكتب كل يوم نفس الكلام ونفس العبارات. وخصوصا في شهر رمضان.
ان ما يحدث للشعب الفلسطيني في قطاع غزة يفوق كل خيال، وان التعاطي الاعلامي العربي معه مبني على نمطية خاطئة اساسها البكاء واللطم على الضحية فيما ومن دون قصد يتحوّل الاعلام المحلي الى تغطية اخبار غزة من باب الشفقة والتسوّل من جهة او شتم الواقع العربي والعالم من جهة اخرى، وهي طريقة لا تليق سوى بالعالم الثالث الذي يواصل التعلم عن طريق التجربة والخطأ وليس عن طريق البحث العلمي.
في العام 2003 قام شارون بقطع الطريق بين قطاع غزة والضفة الغربية، وباستثناء بعض تصاريح الV I P لكبار الشخصيات في السلطة وعدد من رجال الاعمال لم يكن بمقدورنا ان نزور غزة ولم يعد بمقدور اهلنا في غزة ان يزوروا الضفة ما انتج جيلا كاملا لا يعرف الواقع، ولا يسمع عنه الا من خلال الاذاعات وشاشات الفضائيات.
وفي نفس العام قصفت اسرائيل طائرات الهيلوكبتر التابعة للرئيس عرفات، فلم يعد عرفات نفسه قادر على زيارة منزله ومكتبه، واستشهد عرفات ففقد الناس قاسما مشتركا اساسيا بينهم، ومع انتخابات عام 2006 وفوز حماس اتسعت الهوة بين رام الله وغزة، حتى جاءت عملية شاليط في 2007 فاكتمل الحصار المخطط اصلا، وجاء الاقتتال فانقطع حبل المشيمة بين القطاع وبين الضفة الى يومنا هذا.
وقد اتهم الجميع، الجميع في السنوات العشر الماضية بالتسبب في الحصار، حماس اتهمت وزير الداخلية السابق محمد دحلان وان اتفاقه مع الاتحاد الاوربي ومصر هو السبب ليتضح لاحقا انه انسب اتفاق وافضل ما قيل حتى الان في فك الحصار، لكن الرجل منبوذ ومطرود ومتهم ولا اعتقد ان احدا سيذكر اتفاقه بالخير، اما منظمة التحرير فاتهمت حماس وقسوتها ومقنعيها بالسبب وراء الحصار لانهم ومن دون خبرة في السياسة احتلوا معبر رفح وطردوا الامن الرئاسي من هناك فانهار اتفاق دحلان مع الاوروبيين. اما اليسار فاتهم كل العالم بالحصار. وكل العالم اتهم حسني مبارك بانه متعاون متهاون مع الغرب واسرائيل في حصار غزة.
قبل ايام زارني صديقي من غزة، وهو استاذ جامعة محترم، وقد فاجأني بانه فوجئ من الضفة الغربية، ومشينا في النهار وسهرنا بالليل فقال لي عبارة جرحت ثقافتي واوجعت ضميري، قال: تبدو الضفة مثل اوروبا او اسرائيل وتبدو غزة مثل الصومال او دارفور. فشعرت بالمرارة والالم، وقلت لنفسي اننا نقول لاهلنا في داخل الخط الاخضر نفس الكلام.
اللاجئون في العراق يحسدون الفلسطينيين في لبنان على "النعيم". واهلنا في لبنان يحسدون اهلنا في سوريا على"النعيم"، واهلنا في سوريا يحسدون اهلنا في الاردن، واهلنا في الاردن يحسدون اهلنا في غزة واهلنا في غزة يحسدون اهلنا في الضفة واهلنا في الضفة يحسدون اهلنا في القدس، واهلنا في القدس يحسدون اهلنا في عكا... ويا خسارة على العرب وعلى الحياة اذا صرنا نفكر بهذه الطريقة ولا نفعل شيئا.
مبارك في السجن، وعرفات في القبر، ودحلان في المنفى، وهنية في السرايا ومشعل في قطر ومرسي في قصر عابدين وعباس في رام الله.... فمن الذي يحاصر غزة الان؟؟؟؟ ولماذا يقطع التيار الكهربائي عن الصائمين هناك؟؟؟ وكيف نطوي هذا الملف مرة والى الابد؟