السبت: 23/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

دم الغزال المصري - عملية سيناء وعملية ناجي عطالله

نشر بتاريخ: 06/08/2012 ( آخر تحديث: 10/08/2012 الساعة: 12:55 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

د. ناصر اللحام - ان ذبح 15 جنديا مصريا بواسطة رشاشات متوسطة وسيارات رباعية على اطراف الصحراء ساعة الافطار الرمضاني تعتبر " جريمة مخزية "بحق من ارتكبها ، فحتى المافيا لا تقوم بمثل هذه العملية . ولغاية الان لم تنشر وسائل الاعلام العربية سوى الرواية الاسرائيلية ، فيما ننتظر جميعنا الرواية المصرية والتي من المفترض ان تكون اصدق وادق واكثر مسؤولية .

صديقي ناصر يقول بألم : ان المنفذين للعملية أبدوا من السذاجة بحيث ارادوا تقليد فرقة ناجي عطالله ، واعتقدوا ان عبور الحدود مع اسرائيل يمرّ بهذه الطريقة التلفزيونية الكوميدية . وانهم مجرد مشاهدي قنوات تلفزيونية لا اكثر ولا اقل ، ولا يفهمون في اصول الامن ولا في ابعاد السياسة .

ولان الامر في غاية الحساسية ، ونتائجه كارثية ، وهناك من يحاول ان يجعل سكان قطاع غزة يدفعون ثمن العملية ، بودي الاشارة الى عدة نقاط تؤخذ في الحسبان قبل الوصول الى نتيجة :

اولا : ان العملية كارثية بكل معنى الكلمة ، ونتيجتها كارثية ، واذا كان المقصود النيل من جنود وضباط الجيش المصري فهي عملية مشبوهة وممولة من اعداء الامة ومن جانب اطراف تدفع المال السياسي من اجل تدمير انجازات الربيع العربي وافشال الرئيس مرسي .
ثانيا : اذا كانت العملية موجّهة ضد اسرائيل فهي عملية فاشلة وتافهة ، وان الذي خطط لها جاهل وحقود ، فان تقتل جنودا وضباطا مصريين بحجة انك تريد ان تحصل على ملابس وسيارات لتنفيذ عملية ضد اسرائيل ، أشبه بأن يقوم شخص باطلاق النار على شقيقه بحجة انه يتدرب على القتال من اجل محاربة اعداء الوطن ، وهو منطق سخيف ورخيص . وادارة جاهلة وغير مؤتمنة ادّت الى عملية منحطة ، واذا كان المقاتلون الذين شاركوا في العملية لا يعرفون ذلك فان المسؤول عن العملية ومن يقف خلف العملية مجرم .

ثالثا : اسرائيل لم تفاجئ من العملية وهي الطرف الوحيد الذي كان جاهزا ومستعدا من قبل وقام بتحريك المروحيات وقصف المدرعة قبل وصولها الحدود ، ما يعني ان الطرف الفلسطيني والطرف المصري هو الذي فوجئ بالعملية !!!!!

رابعا : ان كثرة الادانة والشجب للعملية تشير الى ان قيادة حماس - كقوة مسيطرة على قطاع غزة - فوجئت جدا من العملية ، ومن الناحية الامنية يبدو ان حماس صارت تعاني الان ما عانته فتح قبل عشر سنوات حين بدأت تفقد السيطرة على الحدود والمجموعات المسلحة .

خامسا : انا استبعد ان تكون المجموعات الفلسطينية المناصرة للقاعدة هي التي تقف وراء عملية سيناء ، ورغم اتهام التنظيمات المناصرة للقاعدة اكثر من مرة بالوقوف وراء عمليات مشابهة الا ان المجموعات الجهادية الفلسطينية المتطرفة نأت بنفسها حتى الان عن الدم العربي . صحيح ان تنظيم القاعدة العالمي لم يقتل حتى الان اي ( صهيوني ) ويفضّل ذبح المسلمين من خلال تفجير الاسواق والعواصم الاسلامية ، الا ان نشطاء القاعدة في فلسطين كانوا بغالبيتهم اعضاء ونشطاء في تنظيمات فلسطينية سابقا ، ولم يتورطوا حتى الان في قتل فلسطينيين او عرب ، لذلك لا ارى اي دقة في اتهام جلجلت او غيرها من المجموعات الجهادية في هذه العملية ، لان بصمات المال السياسي واضحة على هذه العملية ومن المرجح ان تكون دول او جهات كبيرة دبّرت هذه العملية "الوسخة" .

سادسا : الشارع المصري غاضب جدا ، ومجروح ، وعلى التنظيمات الفلسطينية ان تتفهم ذلك ، فالاخطر هو القادم وليس ما حدث ، وكل مسؤول مصري او فلسطيني يفكر في مستقبل سيناء وماذا يمكن ان يحدث فيها؟ وكيف تنتشر المافيا وتجار المخدرات وعصابات خطف النساء وتهريب السبايا وتجار الاعضاء البشرية في 76 الف كيلومتر تعيش الفلتان الامني ، وهي مساحة تساوي مساحة اسرائيل وفلسطين 3 مرات تقريبا .

سابعا واخيرا : هذا هو الدرس الذي نتعلمه من دم الغزال المصري المسفوك على رمال سيناء : ليس للارهاب دين ولا رب ولا وطن ولا اخلاق ، وان كل ما يحدث في فلسطين سرعان ما ينتشر في العالم العربي بنفس الطريقة ولكن مع فارق زمني مؤقت .