نشر بتاريخ: 21/10/2012 ( آخر تحديث: 23/10/2012 الساعة: 12:02 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
كتب رئيس التحرير د.ناصر اللحام - على عظمتها وكثرة اموالها واستقرارها وحروبها وشأنها في العالم فان الولايات المتحدة الامريكية تجري انتخابات دورية كل اربع سنوات لضمان تبادل الحكم ، اما الدول المتخلّفة فانها تميل الى الهروب من الانتخابات كمنجز ثقافي مجتمعي وتستعيض عنه بتعظيم الذات وتأليه الزعيم وصولا الى الاغاني الوطنية وصور الزعيم في كل مكان . ولو دققنا في الدول المتخلفة سنجد ان الاغاني الوطنية فيها اشهى من رغيف الخبز ، وفي اية دولة فقيرة دكتاتورية ترى صور الزعيم وهو يبتسم تملأ الجدران فيما ان رائحة الخبز المعطّر في فرنسا تنسيك اسم الرئيس هناك .
والانتخابات ليست رفاهية اختيارية ، بل منهاج حياة . كما ان حق الانتخاب وحق الترشح امران بديهيان يعتبران من مقدسات الحياة المدنية ومكوّن حضاري لكل مجتمع راقي . ودائما هناك سبب كي تؤجل الانتخابات ، وهناك الف سبب لتؤجل الانتخابات في امريكا او اوروبا لكنها لا تؤجل وتعتبر من انجازات الامة . اما في المجتمعات الخائفة المرتعدة من تسليم الحكم فيكفي ان يكون الطقس غائم جزئيا حتى يعلن الزعيم والحزب الحاكم ان الظروف لا تسمح باجراء الانتخابات وسرعان ما يصبح الذي يدعو الى الانتخابات خائنا وعدوا للوطن ويعاقب عقابا شديدا .
مرة اخرى ان الانتخابات والديموقراطية منهاج حياة ، وللعلم فان ثمن الديموقراطية باهظ جدا ،وطعم الانتخابات مرّ في كثير من الاحيان لكنه الدواء الذي يمنع الجسم من المرض والتعفّن .
ولربما تثبت الايام ان اكبر انجاز وطني هو نجاح الحركات الاسلامية في الانتخابات العربية ، لانه لا يجوز ان تبقى طاقة التيارات الدينية مهدورة على هوامش الوطن او في زنازين المعارضة . وان من حقهم الترشح والفوز والقيادة والحكم والمغامرة والنجاح والهزيمة من دون ان يمنّ احد عليهم انه هو الذي جعلهم يفوزون . وما يهم المواطن هو ان كل من يفوز سواء كان شيوعيا او شيخا او شرطيا ان يلتزم بالقانون وعدم اقصاء الاخر واحترام الاختلاف وعدم التنكيل بالمعارضة او بالمواطن الذي لا حزب ولا عشيرة له .
علماء الاجتماع العرب اكّدوا من قبل ان هناك 3 فئات من المظلومين بين ظهرانينا وهم الفقراء والنساء والمعارضة " الاقلية الثقافية " . وبالتالي فان تقييم حضارية المجتمعات ينبثق من خلال فهم هذا العامل . وحين ترتقي الاحزاب العربية من درجة استغلال الاطفال والنساء والفقراء والمعارضة في الانتخابات الى مستوى احترام هؤلاء وضمان حقوقهم نكون قد وصلنا برّ الامان .
هناك الف سبب يمنع اي دولة من اجراء الانتخابات ، مثلا يمكن ان نتذرع بالربيع العربي والثورات والمؤامرات الصهيونية والامريكية ضدنا وتهويد القدس والمعتقلين السياسيين والفقر وتأخر الراتب وانحباس المطر ومحاصرة غزة وتهديدات ليبرمان ضد الرئيس واعتداء المستوطنين على مزارعي شمال الضفة وغيرها.
معظم المحللين يرون ان الانتفاضة الثالثة قادمة ، وهذا منطقي ، ولربما ان الدعوة لانتخابات قد تمنع او تؤجل ذلك . لان الدعوة لانتخابات ليس امرا منوطا بالنوايا ، او الاعتقادات ، او الظنون فحتى اللص حين يريد ان يسرق الخزنة يقول يا الله ويطلب التوفيق من السماء على فعلته ، وانما الانتخابات حق له زمان ومكان محددان لا يجوز الارتجال فيهما ، وعلى القيادة الفلسطينية ان تدعو وفورا الى انتخابات رئاسية وبرلمانية بمن يحضر ومن يشارك وسواء قبلت حماس او رفضت فتح وفصلت كوادرها فهذه مشاكل تنظيمية خاصة بالاحزاب . ولا ننسى ان الاسرى في السجون قد شاركوا في الانتخابات السابقة بل وفازوا فيها كاعضاء برلمان . فهل هناك اصعب من ان نكون اسرى ، وننتخب .