الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

حرب تحريكية

نشر بتاريخ: 17/11/2012 ( آخر تحديث: 23/11/2012 الساعة: 13:36 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

كتب رئيس التحرير د.ناصر اللحام - تصل تكلفة الحرب الاسرائيلية على غزة مليار شيكل يوميا ، فكل طلعة طيران تكلف 130 الف شيكل وكل صاروخ من القبة الحديدية تصل تكلفته الى ربع مليون شيكل وكل كيلومتر تسيرها دبابة المركفا تكلف الف دولار وكل قنبلة اضاءة من مدفعية تكلف خزينة اسرائيل 2000 دولار .

ومع ذلك تسعى اسرائيل ان تخسر هي من سمعتها وامن سكانها وخزينتها مقابل ان يخسر الطرف الفلسطيني ، فالدعم المالي الامريكي موجود وبوفرة ، وليس غريبا ان تقوم واشنطن بتحصيل تكلفة الحرب على غزة من حسابات العرب واموالهم ولا اعتقد ان احدا يمكن ان يتفاجئ من هذا القول . والمهم عند اسرائيل ان يخسر الفلسطينيون وان يقع بهم الاذى الشديد وان يفكروا مرتين قبل ان يقدموا على مواجهة اسرائيل مرة اخرى .

وباعتراف قادة اسرائيل فانه لا رغبة لديهم بالعودة الى غزة ، وان عودتهم الى هناك تشبه تجرع السم اجباريا ، لكن من ناحية نظرية وعملية هم مستعدون لذلك لتحقيق اهداف اكبر واثقل سياسيا . فالحرب القائمة وباعتراف اعضاء لجنة الخارجية والامن هي حرب تكتيكية هدفها اعادة ترتيب الاتفاقيات السابقة لصالح اسرائيل ، وتحسين شروط وقف اطلاق النار بشكل يضمن لوكلاء الحرب ان ينتصروا في الانتخابات وينالوا رضى الجمهور الاسرائيلي اكثر واكثر .

الحرب القائمة تستهدف حماس والمقاومة بشكل مباشر لكنها تستهدف مصر بشكل اكبر ، فاسرائيل ترى ان الاتفاق مع مصر الجديدة باتفاق جديد هو الاهم على صعيدها الاستراتيجي ، وكذلك فعلت اذ جعلت الرئيس مرسي في امتحان مبكر لقياس مدى تجاوبه مع الاتفاقيات ومدى التزامه بقواعد اللعب المعروفة . وعلى لسان مسؤول اسرائيلي ان طواقم البيت الابيض شرعت في لوم الرئيس اوباما قائلة : وهل هذا هو الرئيس مرسي الذي دعمته واسقطت حسني مبارك من أجله ؟

اسرائيل لا تريد اجتياح قطاع غزة برا ، ولكنها تريد التفاعل مع المشهد العربي وايصال رسائل لحزب الله ولايران في اطار نفس التهدئة وبنفس المواصفات والظروف ، ان الجميع لديه اسلحة ولكن الجميع لا يرغب باستخدامها ، فحزب الله لا يريد حربا جديدة على لبنان وحماس لا تريد ان يسقط حكمها واسرائيل لا تريد ان تتورط بحرب تهين كرامتها وتجرح هيبتها .ما يجعلها حرب تحريكية ، واذ نقول تحريكية لا نقلل من قيمتها فهي حرب بكل معنى الكلمة لكن اهدافها السياسية مختلفة .
البداية كانت من عند نتانياهو في تل ابيب ... مرورا بكل الاطراف والقوى وتركيا والمانيا واوروبا واوباما والسلطة .. ولكن الكلمة النهائية ستكون من عند الرئيس مرسي في القاهرة . فهو الذي يقرر الان كل شئ وبأي شكل ستكون المرحلة القادمة .