نشر بتاريخ: 23/11/2012 ( آخر تحديث: 28/11/2012 الساعة: 20:39 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
كتب رئيس التحرير د. ناصر اللحام - نال الاحتلال جزاءه بعد ان استهان بالفلسطينيين واعتقد انهم فرع مقطوع من شجرة عربية يابسة لا حول لهم ولا قوة ، وانه يستطيع ان يضربهم متى شاء وان يقصفهم ويروّع اولادهم ويغتال رموزهم ويهوّد ارضهم ويستبيح حرماتهم ويقتحم الاقصى ويحرق المساجد دون حسيب او رقيب .
استهان الاحتلال بالفلسطينيين ، واعتقد ان قبول منظمة التحرير باتفاقية اوسلو جاءت عن وهن ويأس . وان الارض والانسان لقمة سائغة امامه ويستطيع ان يفعل ما يشاء وقتما شاء وكيفما شاء . وقد ضرب الاحتلال بعرض الحائط دعوات العالم الحر لكف يده عن الفلسطينيين ، فاوغل في العدوان النفسي حتى قهر كل فلسطيني واهان جباه الرجال في السجون وعلى الحواجز العسكري ، ما ولّد غضبا لا يمكن تخيله في نفوس السكان ، لا سيما في الارض المحتلة وبالذات في القدس والضفة الغربية . فقد وصل الامر بالاحتلال ان يصدر امرا بهدم منزل في القدس وان يدفع صاحب المنزل ما قيمته 15 الف دولار ثمن الجرافة التي ستقوم بهدمه !!!!!!! الى جانب سحب الهويات والابعاد وتشتيت الشمل واذلال المواطن .
ولم يكتف الاحتلال بحصار القطاع وتجريف المطار وقصف الميناء واحراق مروحيات الرئيس عرفات واغتيال الشيخ ياسين والزمرة الملكية من قادة الثورة ورموزها ، بل واصل الحصار عشر سنوات ما جعل الامر شخصيا عند كل مواطن . ثم راح يفكر بشكل مازوخي منقطع النظير في التفنن بتعذيب السكان في غزة وقهرهم اكثر واكثر وجعلهم فريسة لكل انواع الانتقام والألم .. وصولا الى خرق سافل للتهدئة التي اشرف عليها الرئيس مرسي ، وبعد ساعات من الاتفاق مع الرئيس مرسي ومع المخابرات المصرية غدرت اسرائيل وقتلت احمد الجعبري . فنالت ما نالت من الصواريخ التي جعلتها تعرف ان الطرف الاخر لم يعد يسكت على ظيم او ظلم .
ووصولا الى ما وصلنا اليه ، ترى ان الفلسطينيين يحتفلون بالنصر ، وترى ان الاسرائيليين يحملون الغصّة في حلوقهم من جراء ما حدث وسط مقارنة فريدة نادرة لم تخطر ببال اسرائيل . ويعيش الفلسطينيون معنويات عالية يستحقونها ، ويعيش الاسرائيليون عذاب الهزيمة ويستحقونها . ولكن الامر لم ينته بعد ، وهناك تتمة .
فكل المؤشرات تدل على ان اسرائيل لن تسكت طويلا ، وستحاول الانتقام من غزة وسرقة فرحها بكل قوة ، لا سيما في ظل انسداد الافق السياسي ، ومن الخطأ تقديم غزة امام العالم على انها قوة عسكرية عظمى ويجب تذكير العالم كل مرة انها منطقة مدنية مكتظة لا يوجد بها غواصات ولا صواريخ عابرة للقارات ولا مدافع ولا جيوش ، فاسرائيل تحاول ترسيم غزة امام العالم كمخزن سلاح يشكل خطرا على السلم العالمي .
تصريحات باراك وليبرمان ومعظم قادة اسرائيل تدل على ان الحرب القادمة لن تغيب اكثر من عام واحد فقط وان المواجهة القادمة في الطريق ولذلك لا ارى سببا للاستهانة باسرائيل كقوة احتلال غاشمة قاتلة وقوية .. وقد لاحظت ان بعض قادة المقاومة البارزين كتبوا على صفحات الفيس بوك ما يشير الى الاستخفاف بقوة اسرائيل ورغبتها في الانتقام . وهو امر خطير لا يجب الاعتماد عليه ابدا . وتجربة الثورة في لبنان عام 1982 ، وتجربة الضفة الغربية عام 2001 حين كان ثوار الكتائب يقفون على بوابات المدن ويعلنون على شاشات التلفزة انه يستحيل على اسرائيل اعادة اجتياح الضفة ، ما خلق صدمة نفسية لدى المواطن وسمح لموفاز ان يشن عملية ( الحسم الادراكي ) ضدنا .
وفيما يخص عناوين الصحف العبرية وتصريحاتها ان حماس انتصرت وان اسرائيل لم تنتصر فهذا صحيح ويجب الافتخار به ، لكن مع الاخذ بعين الاعتبار ان اسرائيل كمجتمع يستنسخ سمات المجتمع الغربي ، فهي مجتمعات مبنية على الموقف وليس على السلوك ، فيما ان المجتمع العربي ومنه الفلسطيني مبني على السلوك وليس على الموقف ، فالسلوك الفردي للقادة وتصريحاتهم امر مهم في المجتمع العربي ويمكن بناء موقف عليه وهكذا نظرنا الى جمال عبد الناصر والى ياسر عرفات وعشرات غيرهم وطالما ان سلوكياتهم تعجبنا وخطاباتهم تفرحنا فلا يمكن ان يخطر ببالنا ان نحاسبهم او نعاتبهم او نسألهم لماذا اخذتمونا الى الحرب ولماذا لم تنتصروا ؟؟
اما في اسرائيل فهناك موقف اساسي ومن ثم تتشكل السلوكيات حوله ولا مانع لديهم من زج رئيس في السجن او اقالة قائد حقق نصرا سابقا على العرب ولا يترددون في سؤال قادتهم : لماذا اخذتمونا الى الحرب ؟ ولماذا عدتم منها ؟؟ وفي اسرائيل لا يجب المراهنة كثيرا على صور انبطاح الجنود الاسرائيليين والقادة على الارض تحت صوارخ المقاومة ، فهناك موقف اسرائيلي راهن يقول : ان حروبا اخرى قادمة وان وقف اطلاق النار ، هو مجرد وقف اطلاق نار وليس اتفاق سلام شامل بين اسرائيل وبين العرب .