نشر بتاريخ: 03/12/2012 ( آخر تحديث: 06/12/2012 الساعة: 14:53 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
كتب رئيس التحرير د.ناصر اللحام - يبحث الاصدقاء والزملاء عن امور لم تنشر عن الامم المتحدة، وفي كل مرة تراهم يسألون عن خفايا القصة، عمّا لم ينشر عن التصويت للدولة وهو نوع من انواع حب الفضول المحمود والذي يدل على وعي سياسي، فالجميع يدرك ان الولايات المتحدة مارست ترهيبا وضغطا على فلسطين وباقي دول العالم كيلا ينجح التصويت.
بعض الزملاء طلبوا ان اكتب بطريقة القصة، ليفرح الممثل الموهوب عماد فراجين وفرقته الجميلة، بل وطلبوا ان اكتب مقالة عنوانها ( ابو مازن شخص رائع ) وان يكون مطلع المقالة "جلسنا في الطائرة" من باب التملح والمزح وتخفيف الألم السياسي الذي عشناه . ورغم ان المزاح فيه اصطلاح الا ان الامر جاد وقضية فلسطين لا مزاح فيها.. ومن القضايا التي لفتت انتباهي، ان الادارة الامريكية لم تكل ولم تمل عن الضغط على الرئيس عباس حتى آخر لحظة بل ان بيرنز نائب الرئيس الامريكي وصل الى مقر اقامة الرئيس في فندق ميلينيوم ومارس الضغط على القيادة حتى ما قبل التصويت.
ومن الامور التي لم تنشر ان فلسطين وجّهت الدعوة لـ 22 وزير خارجية عربي لحضور التصويت، والدعوة شاملة تذاكر الطيران first class واقامة بفندق خمس نجوم ووجبات ثلاث دسمة وحضور اعلامي كبير وان يقفوا الى جانب فلسطين في هذه اللحظة التاريخية، الا ان احدا منهم لم يلب الدعوة ما احبط القيادة والتي رفضت التصريح او التمليح عن الموضوع بل ان الرئيس منعنا من نشر القصة، وقال ان ظروفهم لم تسمح . ولم يلب الدعوة سوى وزير خارجية تركيا ووزير خارجية اندونيسيا . والسؤال الذي كان يشغل بالنا ( لو ان هيلاري كلينتون دعت وزراء الخارجية العرب لحفل عيد ميلادها !!! هل كانوا سيرفضون ؟؟؟ ام انهم كانوا سيسارعون للحجز على اول طائرة لنيويورك !!! ) .
وفي ذلك اليوم وقبل دقائق من التصويت، احتجزت شرطة الامم المتحدة الزميلين محمد عتيق وثائر غنايم وهما مصوران صحافيان مرافقان للرئيس لانهما رفعا علم فلسطين في وجه متشددين يهود كانوا يهتفون ضد فلسطين ويرفعون علم اسرائيل ...
وفي ذلك اليوم وقبل دقائق من التصويت حضرت شرطة الامم المتحدة وانتشرت بيننا وطلبت منا عدم رفع الكوفية الفلسطينية او الاعلام او اليافطات وظلت الشرطة بيننا حتى لحظة انتهاء التصويت.
وفي ذلك اليوم وقبل دقائق من التصويت جرى قطع الانترنت عن القاعة، وانا اعتقد ان الامر مقصودا، فلم نتمكن من بث الصور مباشرة او استخدام الايميلات لنقل الاخبار العاجلة للعالم.
كان وجه السفير الاسرائيلي رون بروشاور، امتقع لحظة التصويت . وكأنه أجبر ان يأكل شيئا لا يستحن ذكره، علما انه ذكر اسم الرئيس الفلسطيني 15 مرة خلال خطابه ما يشير الى انه فقد مهارته الدبلوماسية في الدفاع عن قضية الاحتلال الخاسرة امام قضية فلسطين العادلة .
في القاعة لم يصفق لاسرائيل سوى عشرة اشخاص فقط فيما كان الحضور كلّه يصفق لفلسطين، وشاهدنا اناسا من سحن مختلفة، لاتين ولادين وشقر وحمر وصفر وفيتناميون وصينيون وكوريون ويابانيون وكاريبيون وافارقة ومتوسطيون واسكيمو يقفون ويصفقون لفلسطين وما تعبت اياديهم من التصفيق.
الرئيس لم يتمكن من قراءة اللوح ومعرفة نتيجة التصويت وحين قفز الوفد يهتف ويصرخ فرحا، سأل الرئيس ( شو فيه شو فيه ؟؟؟ ) فقال له ابنه ياسر : 138 دولة ياسيادة الرئيس صوتت معنا فقفز من الفرح مثل طفل جذل، وعم الفرح كل القاعة وقفز وزير خارجية تركيا واحتضنه وهو يقول الحمد لله مبروك لفلسطين مبروك يا ابومازن . علما انه دعا الرئيس لحفل عشاء خاص احتفالا بالنجاح.
علّق الكثيرون على الفيس بوك على صورة امين سر اللجنة التنفيذية ياسر عبد ربه وانه لم يقف ولم يصفق لحظة التصفيق، وكان الامر مثار حديثنا هناك لكن " ابو بشار " اكّد انه مثل الجميع لم يشاهد ما كتب على اللوح من بعيد وحين عرف النتيجة قام وصفّق لكن الكاميرا كانت اخذت زاوية اخرى لمشهد اخر في القاعة.
خطاب الرئيس في الامم المتحدة كان مثار جدل واسع الليلة ما قبل التوجه للقاعة، وما كان من الرئيس وفي خطوة تدل على ثقافته العالية وحسّه بالمسؤولية، الا ان اجتمع مع الوفود الثلاثة على حدة، الوفد السياسي المرافق، الوفد الدبلوماسي المرافق، والوفد الاعلامي المرافق، واستمزج اراء الجميع وصولا الى التشاور ووضع اللمسات الاخيرة.
يشار الى ان اية دولة عربية غنية او فقيرة، لم تمنح الرئيس طائرة للسفر، واكتفى الرئيس وحراسه بالسفر في طائرة صغيرة ضيّقة جدا الى نيويورك بينما سافر الجميع في طائرات الركاب العادية وفي تذاكر عادية مثل اي مواطن اخر ... والله من وراء القصد . فانا لا يمكن ان اسمح لخيالي ان يذهب ويقول ان امريكا قد طلبت من الدول العربية عدم منح الوفد طائرة مناسبة، اعوذ بالله فانا لا يمكن ان افكر بهذه الطريقة !!!!!!!!
وفي الختام اقول ان انتصار المقاومة في غزة وانتصار السياسة في رام الله قد خلقت جناحي النجاح الكبير، وان كل الضغوطات والترهيب كانت تتبدّد لحظة بلحظة حين شاهد الرئيس التظاهرات تملأ المدن الفلسطينية في قطاع غزة والضفة وتدعم الحرية والاستقلال.