نشر بتاريخ: 06/12/2012 ( آخر تحديث: 10/12/2012 الساعة: 21:05 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
كتب رئيس التحرير د.ناصر اللحام - بنظرة الواقعية السياسية البحتة فان اعتراف الجمعية العمومية للامم المتحدة بفلسطين كدولة لا يعني شيئا على ارض الواقع لان الاحتلال هو القوة المسيطرة ولا يزال يفرض ما يريد على من يريد وفي الوقت الذي يريد ، فهو يستطيع اعادة احتلال كل المناطق الفلسطينية او هدم اي منزل او الاستيطان على اية تلة او اعتقال اي شخص حتى لو كان الرئيس نفسه ، كما يعتقل نواب البرلمان دون اية حصانة . وهو يستطيع ان يحرمنا من اموالنا ومن اراضينا وبيوتنا ، بل انه يستطيع ان يفعل اكثر من ذلك بكثير ......
ولكن هذا الكلام رغم منطقيته الا انه منزوع الدسم ، فهو خال من الكرامة الوطنية وينقصه روح الثورة وعزيمة القائد ...لان الثورة تعتمد بالاساس على فكرة التغيير الايجابي قبل ان تعتمد على السلاح ، فالسلاح لوحده لا يصنع سوى قطّاع طرق اما الفكرة الثورة فتصنع امة وحضارة ومجد عظيم .
ان اعتراف العالم بفلسطين كدولة حقق لنا النتائج التالية :
الكرامة الوطنية - التي تثلّمت في فترة اوسلو وضربت صورة الفدائي والثائر الحر ، ويستطيع الفلسطيني الان ان يرفع رأسه عاليا ، وتستطيع قدماه ان تعلو رأس الجلاد كما في قصة يوليوس فوتشيك " تحت اعواد المشانق " . فحتى لو نفّذ الاحتلال حكم الاعدام فينا فان اقدامنا ستبقى اعلى من رأس الجلاد مهما حاول تغيير الحقيقة . وقد نجحت خطوة الامم المتحدة في استعادتنا لكرامتنا ونثر غبار البحث عن سراب الحلول واصبحنا نقف امام الجيل الجديد ونقول الحمد لله اننا نسلمكم دفتر الحساب ونحن قد اوفينا الدين امام الله والوطن وليس في رقابنا ما نندم عليه . واذا كانت اوسلو خطيئة فقد كفرنا عنها ودفعنا ثمنها دماء وشهداء واسرى ، واذا كانت محاولة تكتيكية من الزعيم عرفات فقد اوفى دينه وحوصر حتى استشهد دون ان يتنازل .
الاستراتيجية الشعبية - فلم نعد نختلف على العناوين وان اختلفنا على التفاصيل ، ولم تعد الثوابت محط نقاش سرّي او علني بيننا ، لان اسرائيل جعلت من جميع الفلسطينيين على قلب رجل واحد ، وعرف القاصي والداني ان الاحتلال لا يفهم ولا يريد ان يفهم انه الى زوال . مهما فعل ومهما بطش ومهما استخدم القوة المفرطة .
انتهى عصر امريكا - واعرف ان هذا الكلام كبير ، وانه اكبر من ان نقوله في زمن ينفرد فيه غلمان البيت الابيض في ضبط كل شاردة وواردة في المشرق العربي ، لكن عدوى امريكا اللاتينية اصابتنا ، والان نحن على درب شعوب امريكا اللاتينية وقد قرأنا الفاتحة على روح الهيمنة الامريكية الفاشلة ، وقلنا لا لامريكا ونقول كل يوم الف لا لسياسة امريكا الداعمة للاحتلال .
الوحدة الوطنية - وان كانت لم تنجز رسميا فقد انجزت شعبيا ، وما وقفة الضفة الغربية مع المقاومة في غزة ، ووقفة غزة مع منظمة التحرير في الامم المتحدة سوى دليل ساطع على ان الانقسام لم يعد موجودا سوى في صدور المسؤولين وظنون العسكريين وعقول المنظّرين النابحين للترويج للمزيد من الانقسام . اما على صعيد المواطن فقد طوى هذه الصفحة وبدأ يصنع تاريخا جديدا .
الخطوة القادمة - لاول مرة منذ عشرين عاما يعرف الفلسطيني الى اين يذهب ، وفي اطار تجربة جنوب افريقيا بداية التسعينيات ، فاننا ذاهبون نحو محاصرة اسرائيل دوليا وشعبيا وقانونيا حتى تسقط شجرة الاحتلال ، ومثلما سقط الدكتاتور دي كليرك في جنوب افريقيا وخرج نيلسون مانديلا من السجن رغم انف امريكا واسرائيل ، وشاهدنا كيف تراجع البيت الابيض واستقبل مانديلا كبطل وداعية للحرية ... سنرى كيف يخرج الاسرى وعلى رأسهم مروان البرغوثي واحمد سعدات وكل القادة ويعتلون منصات المجد والغار .. فيما سيصار الى زج جنرالات الاحتلال في زنازين لاهاي .
عربيا - كانت الفصائل قبل عام تبحث عن عاصمة عربية او اقليمية تحتمي بحماها ، فهذا الفصيل يضع اوراق الطاعة في هذه العاصمة وذاك في تلك ، اما اليوم فان جميع العواصم العربية ترتجف من شعوبها وتضع اوراقها في خزائن الثورة الفلسطينية . لاننا استعدنا ذاتنا واحترمنا كرامتنا ، فسارع الجميع لاحترامنا وعلى رأسهم ايران وتركيا ومصر وكل الدول الاخرى .
ان الدولة شيك من دون رصيد ، هذا صحيح . ولكنها المسمار الاخير في نعش الاحتلال ، وهذا وعد الله ، ان الله لا يخلف وعده .