السبت: 23/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

على ابواب السنة الجديدة ... لا تعادوا الايام فتعاديكم

نشر بتاريخ: 29/12/2012 ( آخر تحديث: 31/12/2012 الساعة: 12:57 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

كتب رئيس التحرير د.ناصر اللحام - اول من صادق بعض الايام وعادى بعضها الاخر هم اليهود، ولم تكن هذه الامور موجودة في تاريخ البشر وحضاراتهم، ليس في ايام الطوفان الكبير وجلجاميش وبداية التاريخ المكتوب ولا في ايام نابليون وصولا الى عصر الظواهري، وقد جاء اليهود ببدعة الايام فقالوا هذا يوم جيد وهذا يوم سيئ، هذا شهر جميل وهذا شهر قبيح، هذا عام موفور وهذا عام ملعون وهكذا.

وقرأت في امهات الكتب ان العرب ايام الجاهلية " العصر الوثني " كانوا يصادقون الايام او يعادونها، ولكنني قرأت بعدها ان بعض العرب ظلّوا حتى بعد وفاة النبي محمد عليه الصلاة والسلام، على هذه العادة، حتى يومنا هذا، وعن السجستناي انه جعل لكل قبيلة يوم فقال ان يوم الجمعة يوم عبادة ويوم السبت لآل محمد عليهم السلام ويوم الأحد لشيعتهم ويوم الإثنين لبني أمية ويوم الثلاثاء يوم لين ويوم الأربعاء لبني العباس ويوم الخميس يوم مبارك بورك لأمتي.

هذا الكلام لم يدخل عقلي ولم يقنعني، ثم وبحجة الاسناد عن علي بن موسى الرضا عن امير المؤمنين: ان يوم السبت يوم مكر وخديعة، ويوم الأحد يوم غرس وبناء، ويوم الإثنين يوم سفر وطلب ويوم الثلاثاء يوم حرب ودم، ويوم الأربعاء يوم شؤم فيه يتطير الناس، ويوم الخميس يوم الدخول على الأمراء وقضاء الحوائج، ويوم الجمعة يوم خطبة ونكاح.

وفي احدى المدن الفلسطينية درج مثل شعبي يدعو الى التزاوج يوم الخميس فيقول "ضيّع قميصك ولا تضيّع خميسك"، في اشارة الى ضرورة التواجد في المنزل وعدم الغياب يوم الخميس !!

وعن احد العرب أنه لم يخرج من بيته في يوم الاحد وقال إن رسول الله قال احذروا حد الأحد، فإن له حدا مثل حد السيف، ولكن الفقهاء ردوا عليه ان هذا كذب وما قال ذلك رسول الله، فإن الأحد اسم من أسماء الله عز وجل، اما القول إن الاربعاء قد خلق الله اركان النار والخميس خلق الجنة والجمعة والسبت وهكذا، فان كل من قرأ التوراة بالعهد القديم يعرف ان هذه التسميات قد رودت في هذا الاصحاح او ذاك.

والفرق بين الدين والاساطير هو استخدام العقل، فالدين يدعو للايمان بالله وعمل الخير ونبذ الشر والاذى اما الاساطير فتطلب منك اقتباس النص الروائي البشري واعتباره مقدسا وتصديقه السير عليه دون تمييز.

ولو ان الابراج والمنجمين يعتمدون المنهاج العلمي في التحليل لما كتبنا ضدهم، فالتنجيم في الارصاد الجوية تنجيم مقبول ومحمود، اما دعوة شاب في اول عمره ان يترك خطيبته التي تنتظر عرسها لانها من برج لا يتوافق مع برج "العريس الاهبل" فهذه امر مبالغ فيه ويضطرنا للكتابة بشكل حاد وقوي ضده.

ومؤخرا نرى الدول المتقدمة تصنع كل شيئ وتبدع في ارقى العلوم والطب والاتصالات، فقد صنعوا الطائرة والباخرة والقطار الكهربائي و"الاي فون والريموت كونترول والسيشوار والبلازما"، فيما لا يزال المسلمون يتناقشون على شاشة التلفاز اذا كان نبش الاسنان بعود النقاشة يفطر الصائم ام لا ؟؟؟؟

ونرى امة العرب غارقة في معرفة ماذا ستقول فلانة عن برج فلان، حد وصل الامر بهؤلاء الدجالين ان يتدخلوا في السياسة، وقد سمعت بعضهم يتحدثون عن مصير مصر وثورة سوريا وعن الرئيس عباس وانه سيتعرض لعملية اغتيال في 2011 وعن فتح وحماس وفصائل المقاومة دون عيب او خجل.

انا لست ضد نشر او بث برامج الابراج تحت بند الترفيه والتسلية، اما ان تتحول الى كاتالوج لحياتنا فهذا عيب على الامة، والاجدر ان ننطلق لجسر الهوة بيننا وبين الامم المتقدمة وان نكرس جهدنا للعلوم والفضاء والبحث العلمي والاختراعات وان نعلم ان العام 2013 سيكون مثلما نريده نحن ان يكون، وان نكف عن هذه الهرطقة، لان الكلام يجرح احيانا اكثر من السيف الدامي، وقد قال العرب...

وجرحُ السيف تدمله فيبرا ويبقى الدّهر ما جرح اللسانُ