الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الفرق بين الاخوان المسلمين وحماس

نشر بتاريخ: 17/02/2013 ( آخر تحديث: 21/02/2013 الساعة: 19:44 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

كانت فرحة الخصوم السياسيين للاخوان عارمة بصدور كتاب " سر المعبد " الذي كتبه ثروت الخرباوي ، والرجل كان وصل اعلى المراتب في تنظيم جماعة الاخوان في مصر قبل ان يتركهم ، ويكشف كتاب اسرار معبدهم بكل ادب وتحليل دون تطاول او تسويف ، ويتحدث عن الصراع المحتدم داخل الجماعة بين تيار سيد قطب التكفيري المتعصب وبين تيار حسن البنا الليبرالي المعتدل .. ولغاية الان صدر الكتاب 6 مرات و يزال يحقق نسبة مبيعات عالية . وان كان كل من يقرأ الكتاب يصل الى نتيجة ان تيار سيد قطب اقوى واكثر نفوذ وفاعلية الا ان الامر لم ينته بعد .

صحيح ان القوميين يسرّهم كثيرا ان يقرأوا هذا الكتاب وربما يشعرون بلذة الانتقام من هذا التيار " المكابر المتجهم الذي اتهم القوميين بكل انواع الخزي والانحراف وجعل من نفسه هو الصالح الوحيد نافيا اية امكانية للشفاعة للاخرين مهما فعلوا ومهما قدّموا للوطن" ، الا ان الامر يجب ان يخرج من اطار هذه الدائرة ليصل الى مستوى اعمق واكثر اهمية ...

فالسجال بين الاخوان المسلمين وبين التيارات القومية لم يعد صراعا على مقعد مجلس طلبة او نقابة موظفين او حتى برلمان وحكومة وانما وصل الى حد تهديد خطر الحضور العربي على الساحة الدولية كلها . كما ان فشل تجربة الاخوان المسلمين في الحكم سيكون كارثيا على صعيدنا كعرب امام العالم وسيؤدي الى تعزيز نظرة الازدراء من الغرب الى المنطقة وتكالب الاطماع الاستعمارية . وان فشل الاخوان السريع في الحكم سيكون مصيبة من مصائب القدر التي ستحل على رؤوسنا جميعا من الناحية الاقتصادية والسياسية والحضارية ، فلا يتعجلّن احد من القوميين سقوط تجربة الاخوان بهذه الطريقة لانه الخسارة ستكون كارثية على الجميع .

وانا ارى ، او ربما أنا اتمنى . وارجو ان يكون هناك فرق بين الاخوان المسلمين وحركة حماس ، بل انني كلما امعنت النظر في تجربة حماس ارى انها تجربة حميدة وجديرة بكل الاحترام ولولا الانقلاب الدموي الذي خذل كل فلسطيني ، أسواء كان سبب الانقلاب تلك المجموعات العنيفة الجاهلة التي احتضنها ورعاها بعض بارونات الامن الفلسطيني ، او كان سبب الانقلاب والانقسام تيار متعصب وتكفيري داخل حماس . فان نتيجة الانقلاب لا تزال راهنة ولا نزال ندفع ثمنها حتى اليوم وفي كل بيت وعلى حساب وحدة الجغرافيا ووحدة السكان . واتجرأ واقول اليوم الحمد لله أننا خلصنا من الفلتان الامني ومن بارونات الامن الذين كانوا يعتقدون ان الوطن مزرعة لعائلاتهم ، كما اقول الحمد لله ان حماس تلقنت الدرس وعرفت الان انها لا تستطيع ان تحصل على اية شرعية دولية او اقليمية او حتى عربية لوحدها من دون منظمة التحرير ومن دون اخوتهم في النضال من كل الفصائل الاخرى .


واذا لا يكون هناك فرق بين الاخوان المسلمين وبين حركة حماس . علينا نحن القوميين ان نبحث عن هذا الفرق ، لان حركة حماس حركة تحرر وطني تقاوم الاحتلال وتواصل التخندق في معركة المصير والاستقلال ، اما جماعة الاخوان فهي حركة فكرية ايديولوجية تسعى ان خلق منهاج حكم اخر مختلف عن المنهاج القومي او الماركسي او الكنوقراط ولم تشارك في معركة فلسطين سوى بالدعاء او بعض المال والمشورة . بل ان اي حاكم عربي مهترئ شارك في معركة فلسطين وقدّم لفلسطين اكثر من جماعة الاخوان . وان التاريخ يعطينا كفلسطينيين حق الاختيار ، ويمنحنا فرصة التريث وتأجيل دخول معركة السلطة واشكالها .

واستنادا الى ما يكتبه فلاسفة الغرب وعلى رأسهم تشومسكي وفيليب تشيمتر فان الربيع العربي هو ربيع تحت اشراف المزرعة الامبريالية الامريكية ، او على الاقل من الناحية الاقتصادية ، وفيما فشل الاخوان في حكم ليبيا ، ويترنحون في تونس ، فانهم ورغم فوزهم الكاسح في البرلمان المصري يواجهون خطر الموت جوعا ، لان الادارة الامريكية تقوم بأكبر عملية تركيع اقتصادي لمصر وبشكل لم تشهده المنطقة من قبل .

ان ربط تجربة حركة حماس بتجربة الاخوان المسلمين ستكون من اكبر اخطاء قيادة حماس التاريخية كما ان ربط الاحزاب الماركسية الفلسطينية معركتها بالاتحاد السوفييتي السابق كان اكبر خطأ تاريخي ارتكبته ، وكما ندم اليسار على ذلك ستندم حماسا ندما شديدا ان ربطت مصيرها بمصير الاخوان ، وان ما يفعله خالد مشعل يعتبر ذكاء سياسيا مذهلا ، وان قرار قيادة حماس التوجه الى منظمة التحرير من اجل الشراكة النضالية والسياسية سيكون اكبر شبكة امان للحركة من التعويم او التذويب او التعريب او التدويل .