الثلاثاء: 19/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

على القيادة ان تصرف المزيد من البودي جاردز للمسؤولين !!!

نشر بتاريخ: 06/04/2013 ( آخر تحديث: 15/04/2013 الساعة: 16:13 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

في العصور البدائية كان القوي يحكم الضعيف ، وكانت المرأة والطفل والشيخ والجريح بحاجة لعناية خاصة في ظل النزاع الدموي وصراع البقاء. ولاسباب بيولوجية مثل الحمل والولادة والرضاعة كانت المرأة لا تستطيع ترك اطفالها أوالسفر للغزو فجرى استبعادها عن الغزوات ، و في العصور الوسطى كان قطّاع الطرق والمجرمون واللصوص والمنحرفون يستسهلون الاعتداء على الضعفاء والاطفال والنساء ما استرعى حراسة من جانب العائلات لضعاف البنية الجسدية او ذوي الاحتياجات الخاصة . وهكذا كانت القبائل تترك خيرة الفرسان ونخبة المخلصين من ابناء الجهاز العسكري لحراسة مضاربهم .

وبعد الحرب العالمية الثانية نشرت السينما التجارية الرأسمالية في هوليوود ثقافة الحارس الشخصي الملاصق للممثلات الشقراوات اللواتي كن يخشين الاختطاف والاغتصاب وصولا الى زعماء العصابات والقتلة الذين كانوا يخشون من اجنحة المافيا الاخرى او من ابناء الضحايا ,,,,, وللاسف نجحت السينما الامريكية في خلق ثقافة الحراس الشخصيين بطريقة ممجوجة وتافهة حتى صارت لازمة من لوازم الحياة السياسية ووصل الامر بالزعيم القذافي ان يمشي ومعه مائة حارسة !!! حتى صار مسخرة لجميع مراسلي المجلات وعلماء النفس .

واليوم ، ويا لحسرتنا فان كل من هب ودب صار يطلب حراس شخصيين ، ولولا تكلفة الامر ماليا لطلب كل رئيس قسم عدة حراس من الاجهزة الامنية لمرافقته ويا ريت لو كانوا يرتدون نظارات سوداء حتى يكتمل المشهد .

وقد اعجبني الاخ نبيل عمرو كثيرا حين قال على الهواء بعد ان قامت القيادة بسحب الحراسة منه : انا لا احتاج الى حراسة .

وعبر التاريخ ظلّ القادة هم الاكفأ والأقوى جسديا وعقليا ، لأنهم نخبة النخبة وجودة الصفوة ولذلك لم يحتاجوا الى حراسة وإنما كانوا يقدّمون الحراسة للضعفاء بدء بعمر بن الخطاب ووصلا الى جيفارا . فلم نقرأ في كتب التاريخ ان خالد بن الوليد كان يمشي في شعاب مكة وهو محاط برجال يلبسون البدلات السوداء كما لم نسمع ان عبد القادر الحسيني كان يتبختر مع الحاج عبد الرحيم محمود في شوارع القسطل مع اربعة يحملون مسدسات ورشاشات قصيرة وسماعات صغيرة في الاذن !!!! وهل كان افلاطون يمشي في شوارع اثينا وهو محاط بالبودي جاردز ؟ هل كان ارسطو يطلب من احد ان يفتح له باب السيارة ؟ وهل احتاج عنترة بن شداد الى عدة عساكر ليغسلوا له حصانه ام ان ناظم حكمت كان يحتفظ بالبودي جاردز في زنزانته ! هل كان مروان البرغوثي واحمد سعدات وابو علي مصطفى وثابت ثابت وابراهيم حامد والشيخ ياسين يمشون خائفين وراء البودي جاردز ؟؟؟؟ ويكفي ان اقول ان محمود درويش والذي يوازن كثير من المسئولين في رام الله لم يكن يحتاج سوى لسائق يرافقه في الطريق ولم يطلب بودي جاردز .

احد الوزراء وهو بحالة صحية جيدة والحمد لله . طلب في احدى العواصم مجموعة كبيرة من البودي جاردز لمرافقته ، وبعد ايام اكتشف انهم يعملون لدى شركة خاصة وانهم سيكلفونه مبلغا كبيرا من المال . فما كان منه الا ان طلب منهم الانصراف ودفع مبلغا يفوق طاقته . وحين عاد قال لي الحمد لله انني تمكنت من ارضائهم بهذا المبلغ . وسألته : وما حاجتك لهم طالما ان صحتك والحمد لله جيدة . اجاب : تقليد اعمى وحياتك وندمت عليه.

وفي بلادنا العربية ارى العديد من المسؤولين لا يحتاجون الى حراسة بل يحتاجون الى اعادة تأهيل نفسي وعلاج مساعد ، فلا هم يعملون في مجال امني حساس ولا هم في رأس الهرم السياسي ولا هم مستهدفون مثل عرفات او مشعل او غيرهما . ومع ذلك تراهم يختارون مجموعة من الحراس الشخصيين الذين تتوافر فيهم صفات المصارعة ويتبخترون بهم في شوارع رام الله وغزة ومدن الضفة الغربية والعواصم العربية . ولربما يجد بعض المسؤولين في البودي جاردز "رجولتهم" المفقودة . بل انني اعرف احد المسئولين اخذ البودي جاردز معه حين ذهب لزيارة والدته العجوز المريضة في قرية نائية !!!!!

لو كان الامر يتعلق بالحراسة لاتفقنا جميعنا ان جميع البودي جاردز لا يستيطعون ايقاف مجندة اسرائيلية واحدة ، ولا يستطيعون تسهيل مرور مسؤول واحد على حاجز عسكري اسرائيلي في الضفة . واذا كان الامر مجرد مرض نفسي وعدم ثقة بالنفس فنقول للمسؤولين : نحن نعرف الحقيقة فلا تخجلوا و اننا نحترم المسؤول من دون " عنتزات " ولا داعي لهذه الحركات الرعناء . لا سيما ان الامر لم يعد يتعلق بسائق او مرافق سكرتاري .
وانا هنا ارجو من فخامة الرئيس صرف المزيد من البودي جاردز لكل قائد او مسؤول يخاف ان يمشي في الليل بشوارع رام الله او غزة . او لا يستيطع حماية زوجته ، او لديه مشاكل في الدخول الى الحمام لقضاء حاجته او لا يستطيع شراء الخبز لاودلاه على العشاء ..

ملاحظة : البودي جاردز هم من خيرة ابناء الاجهزة الامنية وأكثرهم تدريبا على الحماية والعمل السري او من خيرة شباب فلسطين الرياضيين ويجب ان يكونوا مفخرة للوطن وليس مسخرة للمسؤولين المهووسين