لا انتفاضة من دون شمال الضفة ولا سلام من دونها

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

يقول كبار السن ان للكلام مفاصل مثل الذبيحة ، ولا يجوز الكلام جزافا في حضرة الجغرافيا والديموغرافيا ، وبعد الاخذ بالفوارق الشخصية والظروف الزمكانية . يحين دور الاساسيات . وشمال الضفة لم تشارك بثقلها في " غضبة الاسرى " قبل شهرين لاسباب تتعلق بالعتب على اجهزة الامن وحملة الاعتقالات التي طالت نشطاء المخيمات وكوادر كتائب شهداء الاقصى . فكان العتب كبيرا ولكن الدماء لم تتحوّل الى ماء .

اسرائيل اطلقت على مدينة نابلس اسم " مدينة الاستشهاديين" او "مدينة الانتحاريين " ، وحاصرتها لعشر سنوات بالحواجز وحملات الدهم والاعتقال لكن نابلس كبرت اكثر وصارت أعلى وارقى واجمل ، هي الشام الصغرى ، وهي التي جعلت من جبل عيبال وجبل جرزيم ملاكان حارسان على كتفيها ، وجعلت من الباذان واد لدموعها وجعلت من حارة الياسمينة عاصمة لنضالها وجعلت من بلاطة حارس مرماها .

ومن نابلس الى جنين التي صمدت اكثر مما صمدت العواصم العربية ذات الجيوش الكبرى ، جنين التي قاتلت حتى اتعبت موفاز وصواريخه وطائراته ، جنين التي احرجت العرب واذهلت العجم ، الى قلقيلية التي قلقت على القدس فاقلقت تل ابيب ، وطولكرم التي صمدت طول عمرها وسلفيت التي تدافع عن كلّ الضفة من خلال صمودها ومن دون سلفيت لا دولة للفلسطينيين غرب النهر .

لم ينجح الرئيس عباس في وقف الفلتان الامني في العام 2005 الا حين زار شمال الضفة و" تفاهم " معها . ولم ينجح ابو علاء قريع والدكتور سلام فياض او وزراء الداخلية نصر يوسف ومحمد دحلان وهاني الحسن وعبد الرزاق المجايدة وسعيد ابو علي من بسط سيادة القانون الا حين اراد شمال الضفة ذلك .

منذ شهر يهاجم المستوطنون شمال الضفة ، وهو خطأ عمرهم و" نكبة " حياتهم ، حيث ان المستوطنين ومن دون ان يدركوا يقومون باستفزاز " الوحش " ويعملون ليل نهار على اعادة الغضب الى شرايينه .

اعتداءات المستوطنين شمال الضفة وهمجية جنود الاحتلال في الرد على المسيرات السلمية في بلعين ونعلين والنبي صالح ستقود الى اشتعال المواجهات من جديد ولكن بصورة لا يعرف احد شكلها او مداها او قوة ارتدادها . وحتى السلام فانه يولد في عواصم اوروبا ويصرخ في رام الله ويرضع في العواصم العربية ، لكن شهادة ميلاد السلام لا تصدر الا من حارات نابلس وشمال الضفة .

فلا انتفاضة من دون شمال الضفة ولا سلام من دونها .