نشر بتاريخ: 29/05/2013 ( آخر تحديث: 03/06/2013 الساعة: 12:06 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
من يعرف الدكتور صائب عريقات عن قرب يدرك تماما انه قد وصل قبلنا جميعا الى قناعة تامة ان الحكومات الاسرائيلية تعمل على اضاعة الوقت وانها لا تريد الدخول في مفاوضات جدية لحل الملفات النهائية . وانما تسعى اسرائيل الى تطبيق مفهوم الدولة المؤقتة والتي ستتحول لاحقا الى حل نهائي تلقائي وان تتحول السلطة الى ما يشبه اية سلطة محلية مثل سلطة المياه وسلطة الكهرباء او شركة حراسة امنية تخدم مصالح اسرائيل لا أكثر . والدكتور صائب يعرف اكثر مني ومن معظمنا تفاصيل هائلة تؤدي الى قناعة واحدة وهي ان اسرائيل لا تريد حل الدولتين ولا تريد حل الدولة الواحدة . فما العمل حينها ؟
لست خبيرا اقتصاديا ، لكن فشل خبراء الاقتصاد جعل من كل مواطن فلسطين " خبير اقتصادي" بامتياز ، وفي مؤتمر " دافوس " الاخير ، او منتدى الاقتصاد العالمي للشرق الاوسط وشمال افريقيا اتضحت الامور اكثر لدرجة لا يمكن معها الشك تجاه الامور التالية :
* امريكا لا تملك حلولا لازمات العالم وقد فشلت الامبريالية الامريكية في قيادة العالم لانها مجرد دكتاتور اخر يدّعي انه يحارب الدكتاتوريات ولا تملك امريكا رؤية انسانية حضارية او حلول اقتصادية او سياسية وانما هي حليف الاحتلال الاسرائيلي ولا يهمها سوى الربح والرخاء الداخلي والدفاع عن اسرائيل خارجيا .
* اوروبا غارقة في همومها الاقتصادية وسبب فشلها الاقتصادي هو محاولة بعض قادتها مثل ساركوزي الفرنسي وبرلسكوني الايطالي وتاتشر وبلير في انجلترا في تقليد الامبريالية الامريكية ، ويبدو ان هذه الدول الثلاث وهي صاحبة تاريخ استعماري كبير رغبت في التماهي مع النظام الامريكي فخسرت نمطها الاوربي وفشلت في منافسة كبرى كارتيلات الشركات الامريكية فاوقعت نفسها في حفرة الازمات الاقتصادية . وحين وقعت رفضت امريكا مساعدتها ولولا مساعدة الصين لانكشف وهنها وبان عظمها .
* امريكا تبيع لحكومات العالم وهم الرأسمال المالي والبورصة للعالم ، واستهلاك المواطن الامريكي يفوق قدراته ويفوق ما يستحق منه ، ولذلك تعتمد امريكا على تجارة السلاح والنفط وهي بذلك تعتبر "دينمو" الحروب في هذا العالم ، وكل نقطة دم تسيل في هذا العالم يكون وراءها شركة امريكية او شركة اسرائيلية تتاجر في الدم والسلاح .
* ان الدول العربية " المسكينة والغبية " لا تزال تراهن على وهم الخطط الامريكية للنمو والتطور ، ولم تيأس ولم تتعلم من ستين عاما مضت ، ولو لاحظنا عدم وجود اية دولة من امريكا اللاتينية في هذا المؤتمر ، لادركنا ان المشاركين في هذا المؤتمر هي الدول الرأسمالية " التي تمص دماء الشعوب " والدول الفقيرة التي سوف يمصون دماءها . انه لقاء الذئب بالنعجة ولقاء الضبع بالفريسة الدائخة التي تبحث عن المساعدة ... انه لقاء الفريسة بالقاتل ولقاء الذبيحة بالسكين .
* دول نجت اقتصاديا من براثن الامبريالية الامريكية مثل روسيا واندونيسيا وماليزيا والصين وكوريا واليابان وتركيا وايران والبرازيل وغيرها لا تحتاج الى مثل هذا المنتدى فهي ليس مصاصة دماء من جهة ولا هي ذبيحة مثل العرب من جهة اخرى .
* ان مجرد مشاركة شمعون بيريس في اي منتدى عالمي دلالة موضوعية على فشل هذا المنتدى وتوكيد قاطع على ان اسرائيل هي المستفيد الوحيد من هذا النشاط العالمي ، لان اسرائيل تلميذة في مدرسة امريكا لامتصاص دماء شعوب العالم واقتصادها .
* ان غياب د.سلام فياض عن هذا المؤتمر يطرح سؤالا كبيرا !!! وحتى لو كان فياض استقال من رئاسة الحكومة ، فهو خبير دولي في الاقتصاد ، ومع ذلك لم تدع ادارة المنتدى هذا الخبير في حين دعت خبراء " مبتدئين " من كل دول المنطقة !! لماذا ؟
* لقد غابت غزة عن اوراق المؤتمر ولم يطرح اي خبير اية خطة لاعادة اعمار غزة او اعادة ترميم ما بقي من بنيتها التحتية ، وفي حين كان يتحدث خبراء الرأسمالية عن ثروات الارض لم يأتوا على ذكر ان بحر غزة قد تحوّل الى حفرة امتصاص كبيرة بسبب عدم وجود شبكة صرف صحي !!
* ازمات مستفحلة تهدد البلدان العربية مثل ارتفاع الاسعار - انخفاض الاجور - البطالة - ازمة الخريجين الجدد - التضخم - تراجع النمو - الصراعات السياسية على الحكم - القتال والدمار - ازمة الطاقة والكهرباء والتنقيب عن الغاز - ازمة المياه والعطش . كلها اسئلة لا يملك المؤتمر اجابات عليها واكتفت اوراق المؤتمر ان تشرح لنا الواقع وتعطينا ارقام . وكأن المواطن العربي لا يعرف هذه الازمات وجاء الغرب ليشرح لنا اننا في ازمة !!!
* بالنسبة لمجلس التعاون الخليجي فهو لا يختلف عن جدار شارون ، وقد اقامت الدول النفطية هذا التحالف من اجل " الاستمتاع " بما اعطاهم الله ، ونسوا بعدها ان هناك الله . وفيما يحظى كل مواطن خليجي باربعة من خريجي الجامعات " معظمهم نساء من اسيا " لخدمة كل فرد هناك ، نجد عشرات ملايين العاطلين عن العمل في العالم العربي ونرى ان شبان تونس والجزائر والمغرب يلقون بانفسهم في البحر من اجل الهجرة الى اوروبا والعمل كخدم في الفنادق او الشوارع وفي البرد القارص بينما الدول العربية تصنّف من أغنى دول العالم !!!
* في السنة الثالثة للربيع العربي يقول خبراء المؤتمر ان العالم العربي لا ينقسم بين دول ثورة ودول دكتاتورية بل ينقسم الى دول مصدّرة للنفط مثل قطر ودول مستوردة للنفط مثل مصر . وهنا بشرى غير سارة للدول الغنية والنفطية في العالم العربي ، وقد ورد في اوراق المؤتمر ان اسعار النفط في العالم يجب ان تنخفض في العام المقبل وبالتالي فان الغرب لا يكتفي بعدم وجود حلول للدول الفقيرة وانما سيعمل باسرع وقت على افلاس الدول الغنية واغراقها بمشاريع " وهمية " تفلسها . وقبل سنوات ادّعت بعض البنوك التي يملكها يهود انها افلست وتسبب ذلك في افلاس امارة دبي الغنية . ولدينا مثال اخر على ذلك اعطاء قطر استضافة كأس العالم 2020 والتي كلفت خزينتها حتى الان 130 مليارد دولار لعمل ملاعب وفنادق وبارات . مع العلم ان 130 مليار دولار كافية لحل ازمة كل الوطن العربي وويمكننا ان نشاهدها على شاشات التلفزيون وليس من الضرورة الملحة ان تقوم دولة عربية باستضافتها !!!
* المنتدى في دورته ال13 يثبت ان الغرب عاجز عن حل مشاكل العالم وانه سبب اساسي فيها من خلال الاحتلال والصراعات والنهب لخيرات الارض والمساهمة في تقسيم البلدان العربية وعلى العرب ان يمتنعوا عن المشاركة في هذا المؤتمر وان يبحثوا لانفسهم عن اطار دولي اخر لحل ازماتهم ولا مانع من التحالف مع دول اقليمية اخرى مثل امريكا اللاتينية او الصين او كوريا او تركيا لاعادة دراسة وتشكيل الاقتصاد العربي .
* لا حل اقتصادي في فلسطين من دون التحرر من الاحتلال ... واذا فشلت المفاوضات - يبدو فشلت تماما - يجب الكف عن تصديق شمعون بيريس والعمل على رسم استراتيجية سياسية اقتصادية جديدة . وان يكون المواطن جزء منها . ومن حق المواطن ان يعرف الى اين تذهب الامور ، وعلى القيادة الاقتصادية ان ترى المواطن ، فالمواطن لا يرى من لا يراه .