نشر بتاريخ: 01/09/2013 ( آخر تحديث: 04/09/2013 الساعة: 13:14 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
باتت هناك تنظيمات تتصرف وكأنها دولة مثل حزب الله ، وبات هناك دول تتصرف وكأنها تنظيم مثل امريكا ... ولكن ما حدث منتصف ليل الاحد الماضي يشير الى انقلاب الموازين وتغير قواعد اللعب بشكل واضح . ولم يعد خافيا ان ايران اوصلت رسالة الى الولايات المتحدة الامريكية عن طريق امير البحرين بأنها ستمسح تل ابيب عن الوجود اذا هوجمت دمشق ، وانها ستغرق الاسطول السادس الامريكي في عرض البحر اذا تجرأت امريكا على العدوان ، كما فشل الرئيس الامريكي في اقناع حزب الله ان يقف بالحياد وراحت نداءات الرئيس اللبناني لحزب الله ألا يتدخل ادراج الرياح . فتقهقر اوباما صاغرا .
ومن بطون كتب التاريخ ان فيدل كاسترو حين قرر الثورة على الرجعية الحاكمة في هافانا رفضت باقي الفصائل الوطنية الكوبية المشاركة معه، ولم يوافقه الرأي الا رفيقه تشي جيفارا فقال كاسترو عبارته الشهيرة: حين يقرر الانسان ان يموت من اجل قضيته لا يحتاج إلا الى رفيق.
زاوية ثانية هي الصواريخ ، لقد انتهى زمن السيوف والالوية والتشكيلات العسكرية ، وصار بامكان بدوي تائه في صحراء سيناء ان يرعب ايلات ويغلق مطارها بواسطة صاروخ واحد لا يزيد ثمنه عن خمسة الاف دولار ، والصواريخ جعلت سلاح الطيران الاسرائيلي عاجزا عن حسم المعارك ، وجعلت الجبهة الداخلية للعدو تدفع ثمن اية حروب تقع . وكم كانت مفاجأتي كبيرة حين شاهدت حفلات الرقص والسهر في دمشق ليلة الاحد بينما سكان تل ابيب يهرعون للملاجئ ويصطفون طوابير على ابواب مراكز توزيع الكمامات.
زاوية ثالثة ان الامة العربية جمعاء وفي كل حرب قومية ، تنظر الى اصغر وافقر شعبين في لبنان وفلسطين للمساعدة ، وبات كل زعماء الدول يعرفون ان ارادة القتال متوفرة بكثرة لدى اصغر شعبين ... فالجماهير العربية لا تهتف لدول النفط او الجيوش الكبرى بل تهتف لكتائب فلسطين ولبنان ان تهب لنجدة الامة ، وهكذا اصبح اللبناني والفلسطيني معتصم العصر .
زاوية رابعة ، هناك تنظيمات فلسطينية مستميتة ان تصبح حكومة فيما الحكومات تهمس لنفسها وتتمنى لو تصبح تنظيما ، وقد ادركت منظمة التحرير اخيرا ان قيمتها الحقيقية في سوق العالم السياسي تقاس بميزان الذهب ، وان هذا الذهب هو قوة الردع المتوفرة بكثرة في المخيمات . وهنا دعوة صريحة للقيادة ان تعيد قراءة المشهد وان تعطي المزيد من الاحترام للمخيمات باعتبارها دفيئات الثورة وحارسة نارها .
زاوية خامسة ،ردة فعل الاسرائيليين على تردد اوباما في العدوان على سوريا . وبالذات ما جاء في المحطات الاذاعية صباح الاثنين و يمكن تلخيص الكلام على النحو التالي : يا عيب على امريكا لم تجرؤ على ضرب سوريا . وهو ما يثبت ان اوباما سيضطر اخيرا ان يطلب من اسرائيل ضرب سوريا لان اسرائيل تضرب من دون موافقة كنغرس او امم متحدة . والان يعرف الامريكيون من يحمي مصالحهم في المنطقة وعليهم ان يعترفوا باهمية وقيمة اسرائيل .
الحروب القادمة قادمة ، وفي هذا الاطار لا تحتاج فلسطين الى زملاء او معارف ، بل ان فلسطين يكفيها صديق واحد ، وسيكون افضل من الف منافق يبتسم وقت الرخاء ويغلق هاتفه عند الحاجة ، وهو ما فعله الزعماء العرب بياسر عرفات حين كان محاصرا في المقاطعة .