نشر بتاريخ: 17/09/2013 ( آخر تحديث: 23/09/2013 الساعة: 09:30 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
اريد ان أكتب عن الجامعات. وكيف ان الابداع الفردي قد ينمو خارج اسوار الجامعة ولكن التطور العلمي لا يمكن ان يمرّ الا من خلال الجامعة وهذا هو الفرق بين المواهب العربية المتناثرة وبين الحضارة الغربية المؤسسة. وكيف اننا الان نحصد ما زرعناه قبل عشرين عاما.
ومع دخول السلطة الى الاراضي المحتلة عام 1993 تعرّضت الحركة النقابية الفلسطينية وعلى رأسها الحركة الطلابية الفلسطينية الرائدة الى ضربة كسرت ظهرها وجعلتها تعاني الشلل الرباعي، بل ان الاجهزة الامنية "القديمة" كانت تتسابق لتجنيد نشطاء الطلبة والعمال في الاجهزة وتحويلهم الى مندوبين امنيين بدلا من تطوير كفاءاتهم. فقام قادة الاجهزة الامنية حينها بقتل الحركة النقابية والطلابية من دون ان يدركوا ذلك. اما حركة حماس فوقعت في خطأ اسوأ من خطأ الاجهزة اللامنية القديمة حيث قامت بتحويل العمل النقابي الى عمل حزبي بحت وصار نشطاؤها النقابيون يعملون بعقلية الجماعة وليس بروح العمل النقابي التراكمي النضالي او المشاركة مع الاخرين من اجل المصلحة العامة.
وفي كل مرة كان العمال او الطلاب او الموظفين يحاولون الاضراب لتحقيق مطالب او مكاسب كانت الادارات تسارع للالتقاء بالزعيم ياسر عرفات ( والذي كان بحاجة الى اكبر دعم شعبي في وجه المعارضين لعملية اوسلو ) وكانت الادارات تتعمد الاستقواء بالزعيم ضد العمال والمستخدمين والطلبة.
وقبل دخول السلطة لم تكن تجرؤ ادارات الجامعات او المصانع او المؤسسات ان تظلم او تنكل بمرؤوسيها، بل كانت تتعاطى بكل استجابة مع توجيهات القيادة الموحدة للانتفاضة وتنصف العباد والمستضعفين حقوقهم.
وجاءت سنة، صار فيها الذي يدعو الى الاضراب كالداعي الى الشرك بالله، فترى الاجهزة الامنية في غزة تارة والضفة تارة والقيادات السياسية تارة والشخصيات الاعتبارية تارة تقف ضد اي اضراب في السر والعلن... كما ان الاضرابات صارت باهتة وفي معظمها لا تعبّر عن حاجة الجسم النقابي بقدر ما تعبّر عن رغبة القيادات النقابية فقط. وباستثناء بعض المسرحيات الاستعراضية الموجّهة لم تشهد فلسطين اضرابا نقابيا ناجحا منذ العام 1993، بل ان اضرابات الاسرى في السجون قد تأثرت على نحو مباشر بهذه الاجواء منذ ان سمحت السلطة التنفيذية ( الوزارات ) لنفسها بالتدخل في القضايا النقابية وكسرها بحجة المصلحة العامة.
جهة اخرى تتحمل المسؤولية وهي فئة المسؤولين المغفلين الساذجين الذين ينثرون الوعود للجماهير دون معرفة، مثل (التعليم الجامعي المجاني).وهم يعتقدون ان عضوية البرلمان او عضوية الحزب تؤهلهم لنثر الوعود وبيع الوهم للجماهير ... هناك ازمة مالية، والجامعات ستنهار في حال لم تأخذ اقساطا من الطلبة، ولكي نضمن جامعات راقية ونخبوية ومبدعة وفيها كليات العلوم والحضارة فاننا بحاجة الى جامعات غنية، ولكن الابداع ليس حكرا على الاغنياء فمعظم المبدعين والمخترعين واعظم المؤلفين هم من فئة الفقراء !!!
ونحن بحاجة الى ادارات وكوادر تعليمية صارمة وفي نفس الوقت تجيد التوازن وغير مستوزرة او مستميتة على التوظيف في اجهزة السلطة ووزاراتها او العضوية في احزاب المعارضة ودهاليزها. أو تستغل المنصب الاكاديمي لتمرير رسائل موتورة للطلبة، ونحن بحاجة ايضا الى وزارة تعليم عال تحمل مفاهيم التعليم العالي وليس الى وزارة تعليم عال طموحها واطي.