الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الكلاب

نشر بتاريخ: 16/10/2013 ( آخر تحديث: 19/10/2013 الساعة: 12:18 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

رغم كثرة عددها بشكل يزيد عن الحاجة ، لم تعكف اية مؤسسة دولية او محلية على دراسة أثر الجدار العنصري على سلوك الحيوانات في الاراضي الفلسطينية !!
وقد لفت انتباهي بيان صادر عن وزارة الصحة الاسرائيلية قبل نحو اسبوع يدعو فيه الجنود الاسرائيليين الى اطلاق النار وقتل اي كلب يأتي من جانب الحدود السورية ، وذلك خشية ان يكون حاملا للامراض .

وقد يخطر ببالكم ان الكثير من الكلاب الضالة ذاقت طعم اللحم الادمي واعتاشت على الجثث الملقاة في شوارع المناطق السورية خلال الحرب الاهلية الدائرة هناك ، ما يعني ان هذه الكلاب قد وضعت في " مخيلتها " ان اللحم الادمي صار على قائمة طعامها !! وان الكلب الذي ذاق طعم اللحم البشري لا يحتاج اكثر من يوم او يومين مشيا على اربعة حتى يصل القدس ونابلس وقلقيلية وبيت لحم والخليل .

وما يزيدنا حيرة ودهشة هو سلوك الحيوانات داخل الجدار ، اي داخل الضفة الغربية ، ومنذ سنوات يشكو اهالي رام الله ونابلس وسلفيت من عدوانية مفرطة لدى الخنازير ، التي تهاجم المزارع وتشكل خطرا على حياة السوّاق ... حتى تحوّل الخبر الى مجرد نبأ صغير يرد في الصفحات الداخلية في الصحف .

اما في مناطق الجنوب فقد اشتكى عدد من رؤساء السلطات المحلية الفلسطينية من سلوك الكلاب الضالة مؤخرا ، ومن وجهة نظرهم فان هذه الكلاب صارت اكثر تخطيطا ومهارة في تنفيذ هجمات منظمة !!!! حتى ان كثرة اعداد الكلاب الضالة في الشوارع صارت مشكلة حقيقية لا سيما وانها لم تعد تخاف الادميين ولا تهرب اذا اقتربت منها بسيارتك !!

وقال احد رؤوساء السلطات المحلية على شاشة معا ان لكل قطيع قائد وهو يقوم بشم اللحوم التي قامت البلديات بدس السم فيها وأنه سرعان ما يبتعد عنها ويطلب من باقي كلاب القطيع عدم الاقتراب منها !! بل ان قطيعا من الكلاب هاجم نعاجا واغناما في بلدة حوسان وعقرت الكلاب خمسة منها وقضت عليها .

فيديو جرى تصويره بواسطة هاتف نقال يظهر وجود مئات الجرذان الكبيرة والتي يصل حجمها الى حجم القط تجوب شوارع بيت لحم والدوحة ليلا وتتبع رائحة بقايا الدجاج عند محلات بيع الفراخ ، بل ان السم العادي لم يعد يقدر على الفتك بها وان اعدادها كبيرة واسنانها قاطعة وصلت حد قطع التيار الكهربائي عن بعض المنازل بعد ان قرضت الكوابل المغذية للاحياء !!!

وأغرب ما قد يخطر ببالنا هو قول بعض رؤساء السلطات المحلية : ان هذه الكلاب ليست وطنية بل يأتي بها مستوطنون ويتخلصون منها باعتبارها كلابا ضالة ويرمونها في الاراضي الفلسطينية وسرعان ما اختلطت الجينات وصرنا امام انواع معدّلة ومهجّنة من الكلاب الجديدة .

وقد يعتقد البعض ان الطيور اقل تضررا من الجدار ولكن هذا غير صحيح البتة ، لان الجدار احدث خللا في دورة الحياة الطبيعية ، ولم تعد الطيور قادرة على ايجاد طعامها الطبيعي ما يدفع الى هجرات غير مفيدة ، ويؤثر لاحقا على انواع الاشجار ، بسبب تعطّل عملية النتح ، ولاحظنا في السنوات العشر الماضية اختفاء عدد من الانواع مثل البلوط والزعرور والصفرجل بشكل كبير من جبال الضفة الغربية .

تلفزيون اسرائيل بث قبل ايام باستغراب ، تجمع عدد كبير من القطط في احياء عدة مدن ما دفع السكان للاتصال بالشرطة !!!

من يشكو من ؟ هل نشكو الكلاب الى الكلاب ؟ وهل الكلاب هي المجرمة ام الضحية وان الاحتلال هو الكلب " صفة ذم " في هذا الموضع ؟ وهل اطلاق النار باتجاه الكلاب ورمي السم لباقي الحيوانات هو الحل ؟ ام ان دورة الحياة الطبيعية كلها تحتاج الى تدخل سريع من جانب المنظمات الدولية ودراسة ما فعله الجدار بمخلوقات الله في ارض فلسطين .