نشر بتاريخ: 23/10/2013 ( آخر تحديث: 26/10/2013 الساعة: 21:26 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
قبل ثلاثين عاما وفي مدينة الناصرة.. كتب الشاعر الفلسطيني المناضل توفيق زيّاد أشعاره وكأنما كان يقرأ الواقع ويحاكي طموحات الفقراء والمعذّبين فقال ( انّا نحب الورد لكنّا نحب القمح أكثر) وفاز توفيق زياد في رئاسة بلدية الناصرة كما فاز بعضوية الكنيست.. ولكن وبعد ثلاثين عاما اتّخذت الانتخابات البلدية والسلطات المحلية داخل الخط الاخضر طابع العشائرية أكثر من الطابع السياسي، كما اثبتت ان المجتمع الفلسطيني مثل باقي المجتمعات العربية لا يميّز بعد بين الدور التكاملي بين البلديات وبين الاهداف السياسية وهو فصل حاد وظالم بين السياسة وحياة السكان، ويقود مرة اخرى الى هوّة سحيقة بين السياسيين وبين المواطنين الذين يحاولون الصمود في وطنهم بطريقة لائقة.
ومن مخيم البرازيل في رفح مرورا بمخيم الدهيشة وبلاطة وصولا الى طرعان وجسر الزرقاء وخيام العراقيب وراهاط، لا يزال المواطن الفلسطيني اكثر وعيا من قياداته، وأكثر نجاحا في التعبير عن طموحاته السياسية. ومخطئ من يعتقد ان سكان غزة يختلفون عن سكان عكا والقدس وطولكرم واريحا.
وللفلسطينيين داخل الخط الاخضر 3 تجمعات سكانية هي النقب والجليل والمثلث الى جانب القدس، وفي القدس تجري مقاطعة الانتخابات بشكل قاطع ولا يمكن للفلسطينيين ان يسمحوا لامثال نير بركات ان يستخدمهم كأداة ضد انفسهم من اجل هدم منازلهم بأيديهم .. اما في باقي مناطق التجمعات العربية فقد قرّرت الحركة الوطنية ان تعطي القيادات العربية في الداخل الحق في اتخاذ القرارات التي تراها مناسبة لوجودها وان الحركة الوطنية الفلسطينية ستحترم هذه القرارات. فلو قالت القيادات الجماهيرية العربية انها ستترشح للكنيست او تقاطع فهذا قرارها وان المنظمة ستحترم هذا القرار، ومثله قرار المشاركة او مقاطعة البلديات والسلطات المحلية.
الالتحام بالجماهير ومعرفة اتجاهات العمل ليس من خلال ان يذهب المرشح لحضور حفلات الزفاف ومأّتم الموتى كما يفعل البعض، فالجماهير ليست غبية الى هذه الدرجة، كما ان الشعبوية ليست من خلال ان يلبس المسؤول بنطلون جينز وتي شيرت وينزل للمشي وسط الشارع ويشرب الشاي على "القهوة" اي المقهى. وليس من خلال توظيف ابنائهم في السلطات وافساد المؤسسات وتدمير طموح الخريجين من خلال الواسطة. وانما الاقتراب من الجماهير يعني الوضوح في الشعار وتحقيقه حتى لو يغضب بعض الناخبين الرعاع والدهماء الذين يملؤون الدنيا صراخا في كل انتخابات بحجة انهم يمثلون الفقراء مع انهم مجرد حفنة من تجّار الاصوات وباعة الديموقراطية في سوق النخاسة..حينها فقط يمكن ان تصبح الانتخابات سياسية وطنية وليست عشائرية.
المخيمات الفلسطينية والقرى والاحياء الفقيرة كانت وستظل الهدف الاول لكل مرشح، وفي اي انتخابات وعند جميع الاحزاب والمرشحين، ولكن التعامل مع هؤلاء لا يتم من خلال زيارتهم اثناء الانتخابات، وانما من خلال تبني قضاياهم وطرح حلول لها بموجب القانون ووالعدالة الاجتماعية. وان ما حدث في السلطات المحلية في داخل الخط الاخضر سيكون بروفة لما سيحدث في انتخابات بلديات غزة والضفة ان جرت هذه الانتخابات.
لدينا جماهير، ولدينا فقراء، ولدينا صناديق اقتراع، ولدينا مرشحين، ولكن ليس لدينا رؤية.