نشر بتاريخ: 11/12/2013 ( آخر تحديث: 20/03/2020 الساعة: 03:18 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
تعتبر رواية " الثلج يأتي من النافذة " من الروايات الشهيرة للاديب العربي السوري التقدمي حنا مينا ، ولكنني قرأتها منذ فترة طويلة لدرجة نسيت تفاصيلها ، لكنني اتذكر ان حنا مينا نجح في سبر اغوارنا حين كنا في مقتبل العمر وعرف كيف يخاطب عقولنا وضمائرنا وقلوبنا وصولا الى نتيجة واحدة ، نتيجة وجدتها في جميع رواياته من رقصة الخنجر وحتى الابنسوة البيضاء . النتيجة هي ان الناس نوعين : نوع قلبه ابيض ونوع قلبه أسود .
واصحاب القلوب البيضاء قد يملأون القارة الافريقية والشرق وحتى واشنطن وجبال الاورال والهند والسند، كما ان اصحاب القلوب السوداء قد يملأون البلاد الشقراء، وكل مكان .
واليوم أشعر من كل قلبي وعقلي ان التصنيف القديم للناس لم يعد مجديا، وكما قال حنا مينا فان جميع الناس مناضلين واحرار واشراف قبل ان يخوضوا التجربة ، ولكن بعد خوض التجارب وقياس مدى العذابات والاغراءات، حينها فقط تعرف من هو صاحب القلب الابيض ومن هو صاحب القلب الاسود .
لم يعد تصنيف تقدمي ورجعي مسارا واضحا ، كما لم يعد مقياس يسار ويمين واضحا ، فهناك رجال عشائر اكثر تقدمية من يساريين تخرجوا من الكوموسومول ، وهناك اغنياء لديهم طيبة قلب ورحمة على الفقراء اكثر بكثير من فقراء منحطّين لا هم لهم سوى نشر الاذى والتخريب .
في جنوب افريقيا ، وامام نعش المناضل نلسون مانديلا، راقبنا القادة والزعماء جميعا، وهم يتمنون ان يكونوا مثله، البعض منهم استلهم التجربة والتسامح المبني على الايمان والقانعة وليس على الضعف والاستكانة ، والبعض كان يحسد مانديلا حتى وهو ميت ، والبعض كان جاهلا لا يفهم لماذا مانديلا مناضل كبير ، والبعض جاء فعلا ليتعلم ... حتى ان الرئيس الامريكي اعترف بلسانه ان مانديلا نجح في تحرير روحه، وتحرير السجانين من قلوبهم السوداء، وحرر شعبه وحرّر القارة وحرّر البؤساء .
لا تنظروا الى وجه المرء وأقواله وادعاءاته وامواله او ذلّه وحسب ، بل انظروا الى روحه .