نشر بتاريخ: 19/12/2013 ( آخر تحديث: 23/12/2013 الساعة: 18:55 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
أودّ توجيه الشكر لكل السلطات المحلية في فلسطين بعد كل هذا الجهد الذي بذلته خلال المنخفض من اجل تجاوز الازمة ، وليس هناك أسوأ من انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل المدارس والعمل . فتبقى الاسرة كلها محاصرة في المنزل وتضيق صدور الرجال وتغضب السيدات اللواتي لا يوفرن جهدا في تحويل " الجحيم " الى جنة بلمسة حنان او ابريق شاي .
وقد لفت انتباهي ان المدن الفلسطينية تصمد بجبروت وقوة وارادة وعزم اكثر مما تصمد عواصم كبيرة وغنية ، فقد كنا قبل المنخفض في الكويت والسعودية وغرقت العواصم من موجة امطار ، فيما غرقت شوارع بيروت بالمياه واغلقت الانفاق وطريق المطار ... ومع ذلك يجدر بنا الانتباه الى الملاحظات التالية :
ان العمل التطوعي ومساعدة الاخرين بدا ملموسا بشكل كبير في جميع المدن والبلدات الفلسطينية اكثر من رام الله ، اي ان اخلاق القرية الايجابية وروح المؤازرة والتكافل كانت موجودة في العديد من السلطات المحلية اكثر من مدينة رام الله . وهذا لا يعني أبدا ان اهل المدينة ليسوا متكافلين . وانما يعني ان سكان رام الله اعتمدوا بشكل كامل على المؤسسات والسلطات ولم يبادروا الى ما فعله باقي سكان المدن . فتفاقمت الازمة اكثر واكثر .
ان اطلاق النار على سيارة سفيان ابو زايدة وبعد ذلك الشجار بالايدي بين رئيس اتحاد الرياضة جبريل الرجوب وعضو البرلمان جمال ابو الرب وبعدها اطلاق النار باتجاه مكتب وزير الاوقاف ، يعني ان هذه رام الله الجميلة الراقية تخفي وراء زجاجها الكثير من الاحقاد والغل وان القيادة واجهزة الامن نجحت في فرض هيبة القانون على المواطن البسيط ولكنها فشلت في فرض هيبة القانون على المسؤولين واصحاب التيارات وكارتيلات المال والسلاح وكومباردور السلطة . واذا لم تصل القيادة الى هذه النتيجة وتعترف بها وتعالجها فانها ستكون قد اخفت الجمر تحت الرماد .
ان السلطة على عجزها لا تزال تضطلع بمسؤوليات جسام وكبيرة ، فيما انحصر دور العديد من مؤسسات المجتمع المدني على الندوات في فنادق الخمسة نجوم وسفريات العواصم الغربية ، ويبدو ان ايام العمل التطوعي ومساعدة الفلاحين وشق الطرقات صارت من سمات المجالس البلدية ولجان المخيمات ... اما المنظمات غير الحكومية فقد تحوّلت الى شريحة مخملية غنية غير متصلة بالجمهور الا من خلال شاشات التلفزيون والبيانات التي تصدر بسبب او من دون سبب ومعظم مدراء هذه المؤسسات يعارضون السلطة لانهم يطمعوا في منصب او وزارة وليس من اجل الجمهور وخدمته ، وفي حال استمرت هذه المؤسسات العمل بنفس الطريقة فانها الى زوال دون أسف .
واخيرا ، ان كرامة اي قائد من كرامة المواطنين ، فما قيمة ان يثأر اي مسؤول لكرامته الشخصية فيما كرامة شعبه منثورة على الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي .. ان كرامة الثائر من كرامة وطنه وشعبه وليس العكس صحيح . فلا قيمة لكرامة قادة غزة وشعبهم يزحف على محطات البنزين ومعبر رفح ، كما لا قيمة لاي مسؤول في رام الله وهناك طفل جائع او شهيد يقتل في جنين وقلقيلية .