" خليها علينا يا خواجا "

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

في احدى القرى الفلسطينية المحاذية للجدار، جاء مستوطن يهودي لاصلاح سيارته عند ميكانيكي فلسطيني صاحب كراج.. المستوطن كان يحتاج الى تصليح سيارته بسعر رخيص لذلك اختار الكراج الفلسطيني في تلك القرية، والفلسطيني يحتاج الى عمل ويطمح ان يعود لصغاره بما يكفيهم لقمة العيش .. وبعد ان انتهى الفلسطيني من تصليح سيارة المستوطن همّ الاخير ان يدفع له اجرة العمل فما كان من العامل الا ان قال للمستوطن بكل سذّاجة: خليها علينا يا خواجا. في اشارة للكرم العربي الاصيل !!!!

هذه الحادثة استوقفتني كثيرا، والى اي درجة تختلط الامور بسذاجة على المواطن البسيط الذي وجد نفسه بين شعوره الوطني الاصيل الرافض للاستيطان المقاوم للاحتلال وما بين صراع البقاء الذي وصل حدّه . كما ان اللوم لا يقع هنا على المواطن بل يقع على المسؤولين والقادة الذين يرفعون شعارات كبيرة مستوحاة من صلفهم وعنجهيتهم وليست مستوحاة من واقع الصراع على الارض ... بل ان عبارة "خليها علينا يا خواجا" وصمة عار على حبين المثقف والسياسي المنفصل عن الواقع والمستهتر بقضايا شعبه قبل ان تكون ممسكا على العامل الفقير.

الرئيس عباس يدعو للسلام، نبيل ابو ردينة يمتدح كيري، صائب عريقات يجتمع مع تسيفي ليفني، نتانياهو يجتمع بالزعماء العرب، سلفان شالوم يزور ابو ظبي، ايران توقع اتفاق مع امريكا، تل ابيب تفاخر بعلاقتها مع دول الخليج العربي، قطر تفاخر بمكتب اسرائيل التجاري في الدوحة، سلفا كير رئيس جنوب السودان يزور اسرائيل، حماس تلتزم بالتهدئة وتنشر قوات القسام على الحدود لمنع اطلاق الصواريخ، سفارات للدول العربية في تل ابيب، والناطق بلسان جيش الاحتلال راض عن عام 2013 لانه لم يقتل سوى 6 اسرائيليين في عمليات عشوائية لا علاقة للتنظيمات الفلسطينية بها، واجتماعات رجال الاعمال الفلسطينيين برجال الاعمال الاسرائيليين متواصلة، والسجائر الاسرائيلية مسموحة في الاسواق الفلسطينية اذا حصلت السلطة على قسم من الضريبة، فكيف نستغرب ما قاله الميكانيكي للخواجا !!!!

... وخليها علينا يا مسؤول.