الإثنين: 18/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

دحلان على قناة دريم .. والجمهور شاهد ما شفش حاجة

نشر بتاريخ: 17/03/2014 ( آخر تحديث: 20/03/2014 الساعة: 12:11 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

ذات يوم غضب ضابط مخابرات فلسطيني من القدس ( الاخ فهمي شبانة ) من قيادته ، فخرج على شاشات التلفزيون وأحرق جميع المراكب ، واحرق المستودعات وكشف " الاسرار " ووجه سهام غضبه ضد كل من عرفهم ومن لم يعرفهم . وبالامس استخدم " ابو فادي " دحلان نفس طريقة فهمي شبانة وخرج على قناة دريم واحرق السفن والاساطيل و" خلّى اللي ما يشتري يتفرج " على قيادة السلطة . ولم يبق ولم يذر .

استمر لقاء الصحفي المصري وائل الابراشي مع محمد دحلان نحو اربع ساعات ، ونام معظم المشاهدين الذين كان عليهم ان يصحو باكرا للذهاب الى اعمالهم ، وبين كل قنبلة كان يفجرها دحلان ضد الرئيس ابو مازن وخصوصا حين اتهمه بالجنون واهانات شخصية اخرى كانت ضحكات وائل تعلو اكثر واكثر وكأنه يشاهد فلم كوميدي ، ورغم ان وائل ليس بشوشا بطبعه وعادة ما يبدأ حلقاته عابسا وينهيها عابسا ، ولكن حلقة الامس اعجبت المذيع المصري كثيرا حتى تعب من كثرة الضحك .

والعالم العربي يشبه بعضه هذه الايام ، وفي لبنان ومصر وليبيا واليمن وسوريا والسودان وتونس والخليج لا يختلف الوضع عن فلسطين ، وترى في كل بلد صار هناك تيارات متطاحنة حتى لم يعد بلد يتشفّى في بلد اخر .
والاهم من اللقاء " الناري " ردود الفعل بعده ، كما كان الاهم من خطاب الرئيس هو ردود الفعل بعده :

بعد خطاب الرئيس الغاضب ضد دحلان امام المجلس الثوري فضّلت مصر عدم الرد كما استنكف معظم قادة فتح عن التعقيب على الخطاب . والتزم الجميع الصمت باعتبار ان خطاب الرئيس يمكن استيعابه داخل مؤسسات فتح وداخل اوسع هيئة قيادية مثل المجلس الثوري ولكنهم لم يفهموا لماذا جرى بث هذا الخطاب على شاشة تلفزيون فلسطين ؟ وما هي الفوائد التي يمكن ان تجنيها فتح منه ؟ والمستفيد الاول والاخير من خطاب الرئيس كان نشطاء الاخوان المسلمين واعوانهم الذين بدأوا يطالبون بمحاكمة دحلان استنادا لما قاله " السيد الرئيس " حيث صار ابو مازن فجأة مرجعية مصدّقة لديهم .

بعد لقاء السيد دحلان الناري على قناة مصرية ، رفض معظم القادة الرد عليه باعتباره كان غاضبا لدرجة فقد فيها قدرة التمييز بين الدفاع عن النفس وبين احراق المراكب والسفن نكاية بالرئيس ، ولكن نشطاء الاخوان سعدوا كثيرا ومنذ ساعات الفجر تراهم يقتبسون عبارات " القيادي دحلان " ضد عباس ولولا العيب لقالوا " دحلان قدّس الله سرّه " من شدة اعجابهم بما قال ضد خصمهم عباس .

امّا غالبية الجمهور الفلسطيني وبينها الصحافة المحلية ، فتنظر للامر على انه حلقة اخرى في حلقات الصراع على قيادة فتح وخلافة الرئيس ، ولان الجمهور الفلسطيني ذكي ومجرّب فانه يعرف ان الصراع الدائر بين التيارات المتطاحنة على السلطة ليس على القدس ولا على اللاجئين ولا على الكفاح المسلح ولا على عرفات ، وانما على اقتسام الغنائم .

وجميع الاطراف تطلب من الجمهور الفلسطيني ان يكون هو الحكم وهو الشاهد على الاحداث ... ولكن الجمهور لا يعرف شيئا عن اي شئ ونحن لا نصلح لان نكون شهود لاننا وطوال حياتنا لا نعرف سوى الشوارع وورشات العمل ولم يكن مسموح لنا ان نشارك في المفاوضات او اجتماعات الزعيم الراحل عرفات ... نحن ينطبق علينا قول " شاهد ما شفش حاجة " . اما الشهود الذين يعرفون فهم القيادات المعروفة وهم يلوذون بالصمت ولا يقولون شيئا . والاهم ان الجمهور الفلسطيني في النهاية يقرر ، ويعرف أيضا متى يقرر ايضا .