نشر بتاريخ: 06/05/2014 ( آخر تحديث: 10/05/2014 الساعة: 13:53 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
طوال أيام بث التلفزيون الاسرائيلي فعاليات مناحات واحزان الجيش الاسرائيلي على قتلاه خلال الصراع على أرض فلسطين ، ولا جديد هذا العام عن كل عام سوى التصريحات السياسية الحادة التي اطلقها رئيس اسرائيل شمعون بيريس ونتانياهو وليبرمان ووزراء الاحزاب اليمينية ، وقادة اجهزة الامن ورئيس الاركان ووزير الجيش . تصريحات ضد القيادات والتنظيمات الفلسطينية ، وضد الحقوق المشروعة والثابتة في دساتير الشرعة الدولية .
و حين ارادت اسرائيل بكل اجنحتها واجهزتها وقواها الخفية ان تصنع من يوم الثلاثاء " يوم استقلال اسرائيل " رأينا الاستعراض الجوي للطيران وحفلات الهش والنش ، وكيف عاد الخطاب السياسي الاسرائيلي هذه الايام الى فترة بداية السبعينيات . اي فترة الصدمة .
وحين يقع اي حادث جلل او مصيبة ، يمرّ الفرد او الجماعة او المجتمع بثلاث مراحل . مرحلة الصدمة ، ومرحلة الانكار ومرحلة القبول .
وقد مرت اسرائيل بمرحلة الصدمة في الخمسينيات والستينيات ، حيث لم تكن العصابات الصهيونية تصدّق اساسا انها نجحت في هزيمة الجيوش العربية واحتلال فلسطيين واقامة سلطة . وفي الثمانينيات عانت اسرائيل كثيرا من مرحلة الانكار ، ورأينا كيف رفض مناحيم بيغن واسحق شامير واسحق رابين الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني وقمعوا انتفاضة أطفال الحجارة بكل وحشية ، وحتى مؤتمر مدريد رفض شامير ان يسمح للوفد التفاوضي بالمشاركة تحت علم فلسطين وكانت مصافحة عرفات في تونس تهمة تتسبب في زجّ كل من يجرؤ على ذلك في السجن الاسرائيلي .
وفي التسعينيات ، قبلت اسرائيل بالوقع وان منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ففاوضتها واضطرت الى رفع العلم الفلسطيني في تل ابيب ، وجلست الى طاولة المفاوضات .
التصريحات التي اطلقها قادة اسرائيل هذه الايام ، تدلّ على ان اسرائيل عادت الى مرحلة غولدا مئير - رئيسة وزراء اسرائيل في اواخر السينيات وبداية السبعينيات - وانها اختارت ان تعيش بكل جوارحها مرة اخرى فترة صعبة على اي " مريض " . لان فترة الانكار هي الفترة التي يكابر فيها المريض ولا يعترف بما وقع له .
وكيلا نثرثر أكثر ، ان القضية الفلسطينية الان تعود الى مرحلة السبعينيات ، وهذا ما سيحدث في السنوات المقبلة مرة اخرى . حيث سينكر قادة اسرائيل الجدد كل ما اعترف به أسلافهم ، وسيضطر الفلسطينيون مرة اخرى ان يثبتوا العكس تماما . بكل الطرق وبأشكال جديدة .