نشر بتاريخ: 29/05/2014 ( آخر تحديث: 01/06/2014 الساعة: 12:17 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
استشهرت منطقة قلنديا بمطارها الهادئ الصغير ، وكنا نشعر بسعادة غامرة ونحن اطفال حين نقف هناك وتهبط الطائرات من السماء وتحلّق فوق رؤوسنا الى المدرج ، وسرعان ما توقف الطيران في هذا المطار الفلسطيني ، وحلّ محله حاجز عسكري " غبي " .
غباء الاحتلال دفع اسرائيل للاعتقاد ان الحواجز تمنع العمليات الفلسطينية ، ولا يريد ان يقتنع ان الحواجز لا تمنع العمليات وانما تزرع الكراهية فقط ، وان كل مواطن يلعن اسرائيل ووالد رئيس وزراء اسرائيل في قبره كل يوم بسبب هذا الحاجز .
ومعبر قلنديا بين القدس ورام الله أفضل مثال على فشل اتفاقية اوسلو ، فشل اسرائيل وفشل السلطة في التعامل مع المواطن الفلسطيني بكرامة ، ولان المسؤولين وقادة المجتمع لا يستخدمون هذه المنطقة وانما يستخدمون حاجز الارتباط العسكري - بيت ايل فان غالبيتهم لا تعرف ما يعانيه عامة الناس هناك ، مع الاشارة ان غالبية الصحفيين " وانا منهم " يمرون من منطقة بيت ايل .
مئات السيارات تختنق هناك في ما يشبه عنق الزجاجة ، فلا السائق الخارج من رام الله يستطيع الخروج ولا القادم من القدس وباقي المدن يستطيع الدخول الى رام الله . والسبب هو عدم اكتراث اية جهة لتنظيم المعبر .. وغالبا ما يأتي سائق سيارة اجرة عمومي ارعن وصمج ويسير بعكس السير فيغلق جميع المداخل ، والناس تفقد اعصابها هناك ، ولو حاولت ان تحتج او تتدخل في تنظيم السير يمكن ان تتورط مع " ازعر او أرعن " فيقع شجارا تندم عليه .
اسرائيل تتعمّد خنق المرور هناك من خلال عدم اكتراثها بتنظيم المسارات والشوارع ، ووزرات السلطة ليست اقل مسؤولية لانها قبلت بالواقع واكتفت بالقاء اللائمة على اسرائيل ودائما لديها التبريرات الجاهزة لتنقية ثوبها من أية مسؤوليات ، وفي ايام الخميس او الاحد ، وفي شهر رمضان يفقد المؤمن صيامه من شدة الغضب ، يضاف الى ذلك القاء اطفال مخيم قلنديا البطل الحجارة على دشم الاحتلال فيرد الاحتلال ياطلاق الرصاص وقنابل الغاز فوق رؤوس العباد فتصبح الساعات التي ستمضيها هناك فلم رعب حقيقي .
قائد الشرطة حاول تجنيد شرطة مدنية لتنظيم السير لكنها اصبحت جزء من المشهد لا غير ، ولا حسيب ولا رقيب لكل من يتجاوز ويوقع الأذى بالاخرين ، والمنطقة تحوّلت الى مكب للنفايات الصلبة والتجريف والباعة المتجولين وتجار المفكات والعدة ، ومن المفارقات انك تكون قد وصلت الى مرحلة طلوع الروح ، فيأتي بائع متجول ويقرع نافذة سيارتك ويسألك : هل تشتري اغاني هيفاء وهبي ؟
من يريد ان يعرف كيف هي اتفاقية اوسلو عليه ان يمر من هناك ... وكم اتمنى ان يقوم الاحتلال باجبار جميع المسؤولين بالمرور عبر قلنديا وجسر الاردن ليذوقوا ثمار اوسلو .. لان الكلام فقد معناه والتجربة خير برهان .