نشر بتاريخ: 10/08/2014 ( آخر تحديث: 14/08/2014 الساعة: 14:19 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
يكفي ان تمرّ عائلة فلسطينية واحدة عبر حاجز القدس للصلاة في المسجد الاقصى أو كنيسة القيامة ، لتكره اسرائيل وتعلن تأييدها للمقاومة على الفور ، وذلك لانها ستفقد كرامتها بسبب اجراءات الاحتلال التي تحوّلت الى سبب اساسي في تأييد المقاومة . وكل عائلة فلسطينية تجلس في حافلة السفر عبر جسر الاردن لمدة ساعات وهي تنتظر المجندة الاسرائيلية السماح لها بالنزول الى اريحا تقول في نفسها " تبا للمفاوضات وتبا لاتفاقية اوسلو وتبا للسلام وتحيا المقاومة وتحيا السواعد التي تطلق الصواريخ باتجاه تل ابيب ".
ومرة اخرى وأخرى . كم اتمنى ان يطلب الرئيس ابو مازن من جميع القادة والمسؤولين من دون اي استثناء ان يصعدوا الى حافلات السفر حتى استراحة الاردن اجباريا ، ليذوقوا " السعادة الحقيقية التي جلبتها اتفاقية اوسلو "ما يعيشه كل مواطن ، ويذوقوا ما يذوقه المسافر وهو يحمل اولاده وحقائبه وينتظر احيانا 6 ساعات امام ثلة من "الجنود الاغبياء " الذين يشهرون البنادق في وجه المسافرين .
وقد لا يعرف المحللون ان الهزات الارتدادية للعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة دخلت عميقا في نفوس سكان الضفة ،. وقد لا يشعر البعض قيمة ما حدث بسبب حجم الدمار الذي خلّفه العدوان ، ولكن وعلى المدى القصير سوف يلمس الشعب الفلسطيني ما أنجزته المرحلة السابقة . ومن الان فصاعدا تغيّر شكل ومضمون المفاوضات مع اسرائيل :
لاول مرة وفد فلسطيني موحد من داخل ومن خارج منظمة التحرير
لاول مرة الوفد يضم فلسطينيي الشتات وابناء الارض المحتلة
لاول مرة مطالب فلسطينية موحدة وواضحة وغير قابلة للتنازل
لاول مرة المفاوضات لا تجري في تل اسرائيل وانما في عاصمة عربية
لاول مرة المفاوضات تجري والمقاومة تقاوم ، وقد انكسر الشرط الاسرائيلي بتجريد الفلسطيني من السلاح قبل مفاوضته
اعتاد قادة اسرائيل التباهي والقول انهم لا يغفلون الخيار العسكري ، وهذا ما يفعله الفلسطينيون الان
لاول مرة يجري بحث الملفات النهائية مثل الحدود والاستقلال وليس اجراءات الحياة اليومية
انتظر الفلسطينيون 20 عاما على باب طاولة المفاوضات ، وأيّد معظم الشعب الفلسطيني السلام وانا اولهم ، وانتخبوا قادة اّمنوا بالسلام . ولكن الجمهور الاسرائيلي انقلب بسرعة نحو اليمين والتطرف ، فأسقط حكومات التفاوض وانتخب أعتى رموز اليمين ، واختار أكثر الداعين الى التطرف .
ومنذ عشر سنوات بالتمام والكمال والشعب الفلسطيني يحمل الأمل بأن يختار الشعب اليهودي قيادات تؤمن بالسلام دون جدوى . وقد نجحت حكومات نتانياهو في سدّ واغلاق نوافذ الامل في نفوس ابناء الشعب الفلسطيني بطريقة محكمة ، ما خلق جيلا مناهض لاوسلو . جيل مستعد للاصطفاف خلف المقاومة على الفور مهما كانت النتائج . بل ان اعادة ترميم اوسلو تبدو مستحيلة ، وقد ان الاوان لدفن اتفاقية اوسلو . لان اكرام الميت دفنه .
والان وبشكل تلقائي يتجه الشعب الفلسطيني بصورة جماعية نحو اليمين الراديكالي ، وقد قابلت في الشهر الماضي الاف من نشطاء السلام ومن ابناء منظمة التحرير وهم الان يؤيدون المقاومة ويؤيدون اطلاق الصواريخ باتجاه تل ابيب ( لان اسرائيل لا تريد السلام ولا تريد ابو مازن ولا تريدنا ولا تحترم وجودنا او رغبتنا في التعايش ) .
والمعركة اليوم ليست مع تنظيم اسلامي كما تقول حكومة نتانياهو ، وان هذه الجماهير الدافقة التي خرجت في كل أرجاء المعمورة لم تخرج لانها تؤيد داعش أو الاخوان المسلمين او بوكو حرام ، بل لانها وجدت في كتائب القسام وسرايا القدس وألوية الناصر وباقي الاجنحة العسكرية للمقاومة ، وجدت فيها خشية الخلاص من الاحتلال الاسرائيلي ، وانها أسهل الطرق لتفجير الغضب بداخلهم .
قد أذن فجر الاستقلال ، وقد ان اوان الحرية والانعتاق من الاحتلال الاسرائيلي . وقد تسيل دماء كثيرة ، وربما تختصر اسرائيل الطريق علينا وعلى جمهورها وتعطينا حريتنا .
ومهما كان قرار اسرائيل . فقد حسمت الجبهة الداخلية الفلسطينية نفسها ولا أمل في القبول بعشرين سنة اخرى من تلك المفاوضات .