نشر بتاريخ: 01/09/2014 ( آخر تحديث: 04/09/2014 الساعة: 13:33 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
سطع نجم محمد ضيف في بداية التسعينيات، وحينها كان الذراع العسكري لفتح يسمى الفهد الاسود وكان الذراع العسكري للجبهة الشعبية يسمى النسر الاحمر. وكانت الانتفاضة الاولى في ذروتها، وبلغت جرائم الاحتلال حدا لا يمكن تصوره ضد المدنيين الفلسطينيين، حتى ان رئيس وزراء اسرائيل اسحق رابين أمر جنوده بتكسير اطراف الاطفال الذين يرمون الحجارة على دوريات الاحتلال. قبل ان يصل الى قناعة انه لا يوجد سوى الحل السياسي فوقع بنفسه اتفاقية اوسلو في الحديقة الخلفية للبيت الابيض عام 1993.
ومن ابو سمهدانة في رفح واحمد ابو الريش في غزة الى ابو طبوق في نابلس وفهود قباطيا ومطاردي الدهيشة والامعري انضبط الفهد الاسود لاوامر عرفات وتم حل الذراع العسكري لفتح وضم قادته في الاجهزة الامنية للسلطة والتي كانت تتشكل حديثا. كما ان ابن حارة الياسمينة وقائد النسر الاحمر في نابلس الصديق ايمن الرزة استشهد خلال اشتباك مع الاحتلال هناك. وبدأت مرحلة جديدة اسمها مرحلة اوسلو.
في الانتفاضة الثانية تشكلت كتائب شهداء الاقصى وكتائب ابو علي مصطفى وسرايا القدس وغيرها، ولم يعد يسمع غير أزير الرصاص، وتربعت "ام العبد" وهو الاسم الشعبي لمتفجرات سي فور شديدة الانفجار، تربعت على طاولة السياسيين كأقوى مفاوض عرفه الصراع العربي الاسرائيلي. وبعد استشهاد يحيى عياش واعتقال حسن سلامة قاوم محمد ضيف حتى ملأ الدنيا وأشغل الناس.
وفي نفس الفترة، اي بداية التسعينيات، سطع نجم الدكتور صائب عريقات كمفاوض فلسطيني، وبعد وفاة المناضل الكبير حيدر عبد الشافي والقائد فيصل الحسيني فاوض عريقات حتى ملأ الدنيا وأشغل الناس. فاوض شامير ورابين وبيريس ونتانياهو وباراك وشارون واولمرت ولا يزال يفاوض السيدة تسفي ليفني حتى انطبق عليه قول الشاعر:
طرقت الباب حتى كلّ متني...... فلما كلّ متني كلمتني
وبعد العدوان الاسرائيلي الكبير على قطاع غزة، وبعد هزيمة الاحتلال وهروب المستوطنين من جنوب البلاد، وبعد انتصار المقاومة وصمودها، وبعد أن أظهر المقاتل الفلسطيني ان لحمنا مرّ واننا لن نموت بصمت، وان لدينا جيش دفاع فلسطيني قادر على تأديب من يتطاول علينا. بدأت منذ أيام محاولات تقييم للمعركة، وهناك من بالغ في المديح حتى أحرج المقاومة، وهناك من ظلم المقاتلين وكأنما يبخل عليهم بكلمة حق.
والان... اسرائيل وضعت نفسها في مفترق طرق، بين محمد ضيف وصائب عريقات... وللصدفة المحضة فإن احدهما من غزة والثاني من أريحا، وكانت القصة كلها بدأت باتفاق صغير اطلق عليه حينها: اتفاق غزة أريحا أولا.
وبالفعل عادت الامور الى المربع الاول ايام رابين، غزة والبحر المتوسط والميناء من جهة. وأريحا والبحر الميت وحدود الاردن من جهة اخرى.