نشر بتاريخ: 04/09/2014 ( آخر تحديث: 09/09/2014 الساعة: 20:39 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
في الفلم العربي يخاف المخرج من الخسارة المالية، وينهار المنتج من فكرة المنافسة، فتراه يكثر من مشاهد النساء "الجميلات" الغبيات، ويملأ الفلم بالخيانة الزوجية، ولا أعرف لماذا دائما زوجة البطل تتعرض لمواقف مخزية؟ وان بطلة الفلم دائما سهلة السقوط؟ وانه لا يوجد بطلة فلم مبدعة او مفكرة او ام رؤوم او استاذة علوم او مقاتلة في خلية ثورية.
ولماذا دائما بشرتها بيضاء وشبه عارية ويحاول اصدقاء البطل مضاجعتها في كل فلم؟ ويكون الفلم مليء بالافخاذ ومشاهد الاغراء الرخيص. ومع ذلك لا يصل الفلم العربي الى مستوى الفوز بجائزة دولية، لا في مهرجان كان ولا في السعفة الذهبية ولا في اوسكار. اما الافلام العالمية وبينها الفلم الايراني والتركي والصيني والغربي فيبدأ الفلم وينتهي وانت لا ترى اية "فخذة" أو اغراء ومع ذلك تفوز هذه الافلام بجوائز عالمية، وجوائز على الصوت والاضاءة والجرافيك والموسيقى التصويرية والفكرة والابداع والماكياج. ولا تزال القنوات العربية تعرض لنا افلام المنتج العربي الرخيصة التي تتمحور حول الغيرة او "الحب الغبي" المدمّر، وهو يعتقد ان الجمهور يريد "نسوان" ويريد مشاهد جنسية ولا يعرف انه دمّر نفسه ودمر اجيالا بأفلامه التافهة، والسبب انه لم يدرس جيدا في المدرسة، وكان على ما يبدو يهرب من حصة الرياضيات ويعقتد ان الارقام أهم من المعادلة !!!!
لو تورّطت وانت في السيارة وقرّرت ان تسمع اغاني تراث شعبي، ستندم. لان كثيرا من الاذاعات تبث أسوأ اغاني التراث التي تحمل التمييز العنصري ضد المرأة وضد الفقير وضد ذوي الاحتياجات الخاصة، بل انها تحضّ على الخيانة والغدر، وسرعان ما تعتقد انها اغان جرى تأليفها على يد ضابط أمن، وليس على يد شاعر. فهي تتجسس على الحبيبة او الحبيب، وتراقبه او تراقبها وهو يخون وينظر الى امرأة اخرى او الى صديقتها !!!! ما هذا ؟؟ تراث ام محضر لشرطة الاداب؟
من الروايات العالمية الفريدة، رواية "الأبله" للمبدع الروسي دوستوفسكي، وهو يختصر رؤية العالم من منظار مواطن ساذج، ولكن حلاوة الحياة واحداثها وقيمة الدموع والخوف والاهم من ذلك طريقة السؤال تجعلك تتمنى لو انك تلعب دور الابله، بدلا من دور السياسي الذي يدّعي انه ليس بأبله. وصولا الى فكرة ان الابله في هذا العالم يفهم أكثر من الذي يدّعي انه قائد وانه سياسي وانه يريد ان يشرح لنا اهمية اللحظة التاريخية. اذهب واشرحها لنفسك اولا واتركنا في حالنا يا رجل، انت اساسا تحتاج الى من يشرح لك من أنت !!!!
وبعد الحرب على غزة، لا تزال نفس القيم البالية تحكم تفكيرنا. وان التفكير بنفس الطريقة سيؤدي الى نفس النتيجة، وان اختلفت الارقام، وفي علوم الرياضيات تكمن أهمية "المعادلة"، فالمعادلة هي الاهم وليست الارقام، لان رقم مليون مقرون بمعادلة ضرب صفر ستؤدي الى نتيجة صفر، في حين ان رقم 1 على رقعة الشطرنج او اللوغاريتمات قد يؤدي الى 360 مليون. والاجدر بنا عند اعادة اعمار غزة ان نسأل عن "معادلة الاعمار" وليس عن ارقام الاعمار. وان نطلب من اخوة يفهمون بالرياضيات ان يتولوا الامر، بل انني احيانا اتساءل بيني وبين نفسي: كم من القادة العرب كانوا يتواجدون في غرفة الصف أثناء حصة الرياضيات !!!!