نشر بتاريخ: 09/09/2014 ( آخر تحديث: 13/09/2014 الساعة: 21:30 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
تشرفت حين طلب مني الدكتور نبيل طهراوي من جامعة فلسطين في غزة ان اشارك بكلمة في مؤتمر حول الاعلام الوطني خلال العدوان على غزة ، وكانت هذه كلمتي :
بسم الله وباسم الوطن
تدفق نهر الاعلام الوطني الفلسطيني خلال الحرب الاسرائيلية على غزة في شهر حزيران ، بشكل تلقائي . ما أعاد الهيبة للقلم والمايكروفون والشاشة والصورة والكاريكاتير والتعليق وحتى طريقة الدعاء في الصلاة وصولا الى الاغنية الشعبية ، بل انه أجبر العدو على تغيير خطابه وإستراتيجيته أكثر من مرة خلال الحرب في محاولة منه للاستفراد بالمقاومة .
وقد صبّت عدة ينابيع في هذا النهر ، ينبوع الاعلام الحزبي ممثل بفضائيات وصفحات ومواقع الاحزاب الوطنية الفلسطينية ولجميع الفصائل والقوى ، وينبوع الاعلام الشعبي او المستقل او الحر او التجاري ولا يهم التسمية هنا بقدر ما تهم الوظيفة والدور التاريخي ، وينبوع الاعلام الافتراضي والذي أبدع في هذه الحرب ونجح في تحويل مواقع الفيسبوك وتويتر والواتس اب الى اهم ادوات الحرب الاعلامية والسيكولوجية والتعبوية . ورابعا ينبوع الاعلام الرسمي الفلسطيني المتمثل في عدة مواقع رسمية ووزارات لها دور بالغ الاهمية دوليا وخارجيا ورسميا من خلال السفارات والمنظمات الدولية .
ومنذ البداية كان أمام الاعلام الوطني الفلسطيني مفترق طرق ، وطريقان . احداهما طريق الواقعية والتي تقيس الامور بحسابات المنطق والربح والخسارة وكانت ستؤدي حتما الى الجدل والتفرقة ، والطريق الثانية تؤدي الى التضحية بوجهات النظر الشخصية وخلق جدار ثقة جديد بين المقاومة ككل وبين الشعب كوحدة واحدة ديموغرافيا وجغرافيا .
ورغم انني لا أزال أدرس نفسي واصحّح اخطائي المهنية ، كما وجب أن ادرس تجربتي في مؤسساتي التي أفتحر انني اعمل بها مثل الميادين التي أثبتت ان فلسطين بوصلتها الاولى ووصلت ذروة المشاهدة في العالم العربي ، ومثل معا التي تمثل الاعلام الشعبي التلقائي غير الحزبي و ازداد عدد قراءها 5 مليون ، الا انني اول مرة اكشف امامكم ان النتيجة التي توصلت اليها تقول ان الفضل الاول يعود لشباب فلسطين على مواقع التواصل الاجتماعي في فيسبوك وتويتر وواتس اب ويوتيوب والذي رسموا بسرعة اطار الخطة الاعلامية للمرحلة . وبشكل تلقائي جميل نما من داخل ضمير الوعي الجماهيري ووجدان الشعب المقاوم ، فلا الاعلام الرسمي مثل تلفزيون فلسطين ولا الاعلام الحزبي بقنواته ولا الاعلام الشعبي كان له براءة الاختراع في رسم الصورة ، وانا اعتقد ان شبان الفيسبوك والامهات وطلبة المدارس والمعلمات واخوات الابطال وتلاميذ الابتدائي ورجال الاعمال واصحاب المهن والعاطلين عن العمل كان لهم شرف رسم الاطار الاعلامي لهذه المقاومة الاعلامية ، ومن بعدهم جئنا نحن نركض ونحاول ان نعيد تنظيم الامر بصورة لائقة تضمن الاستمرارية والتكنولوجيا والمال للنصر المظفر .
ان ما يميز الاعلام الفلسطيني عن الاعلام العربي الصديق ، أو اعلام العدو . اننا لم نأخذ الاوامر من الرقيب العسكري ولا من وزارات الداخلية ولا من كتائب المقاومة حتى ، وانما استوحينا الفكرة من قطاعات جماهير شعبنا الممثلة في مواقع التواصل الاجتماعي ، من طلبة مصاطب العلم في الاقصى ومن الشبان العلمانيين في الجامعات ولجان العمل التطوعي ، ومن ربات المنازل ومن اهالي الاسرى والذين يمكن لي الان ان اطلق عليهم اسم ( قوات الاحتياط الفلسطيني ) لانهم أثبتوا انهم سدنة الثورة وحراس النار والعين الساهرة على الثوابت ، وانهم لا يتبعون لحماس ولا لوزارة الداخلية والقوة التنفيذية في قطاع غزة ، كما لا يتبعون للامن الوقائي والمخابرات والشرطة في الضفة الغربية ، ولا يتبعون لهذا القائد او ذاك ، بل هم جيش الاحتياط الفلسطيني .
اساتذتي واخوتي
انني اتعلم كل يوم منكم ، ومن خلال تجربتي المتواضعة في الحياة التنظيمية وفي الصحافة ، انني اشعر اليوم ان شيئا كبيرا قد تغير بداخلي ، وربما بداخلنا جميعا ، فلقد صغرت الذات وكبرت فلسطين فينا ، صغرت المسافات وكبرت غزة فينا ، غزة الوطن وغزة الانسان وغزة الابداع .
ان غزة ليست حماس ، كما ان الضفة ليست فتح ، بل ان فلسطين هي البوصلة والقدس هي درة التاج . وهي امور بسيطة ومعروفة ، هي بديهيات لكنها لزوم البقاء والاستمرار .
انني حين قلت في اول ايام الحرب عبر فضائية الاقصى ، ان هذا هو جيش الدفاع الفلسطيني ، كنت أعني ذلك ، وإنني أشعر ان كل مقاتل في كتائب القسام وكتائب الاقصى وكتائب ابو علي مصطفى والألوية والمقاومة الوطنية وجهاد جبريل وكلهم ، انني أشعر انهم المفاوضون الذين تحدثوا باسمنا في تلك المرحلة ، كما انني لا اشعر ابدا بأي تناقض حين افخر بأبنائنا وقادتنا في الامن الوطني وأجهزة السلطة لأنهم مقاتلون وحماة الوطن ، ومثلما حمل المقاتلون الامانة ، فإنهم يحملون الامانة ويستمرون .
انني مثل أي مواطن فلسطيني يكاد قلبي يطير من الفرح حين يسقط صاروخ فلسطيني على تل ابيب . ليس لأنني احب القتل او قصف المدنيين ، بل لأنني اشعر ان هناك من يدافع عن كرامتي وكرامة اولادي امام المتطرفين والحاقدين الصهاينة الذين يهتفون كل يوم الموت للعرب .
انا رجل يحب السلام ويتمناه ويكره الدمار والقصف والتفجيرات ، ، ولكنني أكره الظلم ، وأدافع عن نفسي في وجه الذين يهتفون الموت للعرب أو من جاء يقتل اطفال غزة .
والسلام عليكم ورحمة الله