الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

دائرة الطباشير في غزة

نشر بتاريخ: 13/09/2014 ( آخر تحديث: 21/09/2014 الساعة: 13:23 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

دائرة الطباشير القوقازية تعتبر من اهم مسرحيات الكاتب الالماني التقدمي برتولت بريخت، وتحكي المسرحية عن ملكة تتخلى عن طفلها الرضيع وتهرب خوفا ويظل الصغير في رعاية الخادمة الصغيرة التي أحبته ورعته، حتى تمر الأعوام وتعود الملكة للحكم وتطالب باسترداد إبنها لكن الخادمة ترفض وتتمسك به وعندما يقع القاضي في حيرة من أمره يصنع دائرة من الطبشور ويضع بداخلها الصغير ويطلب من كلتيهما أن تجذباه لخارج الدائرة. وتنجح الملكة في جذبه وانتزاعه بقوة من يد الخادمة الحنون فيحكم القاضي للخادمة بالطفل. هكذا صور بريخت فكرة إذا أحببت شيء فلا تتنازع عليه وتمزقه.

ان القوى والفصائل تنازعت على غزة حتى مزقتها، والان وبعد اسابيع من الحرب لا تزال القوى تتنازع على غزة واعادة اعمار غزة لدرجة انه لم يقدم احد على اعمارها.

لا يحتاج الامر الى تنظير كبير، بل الى افعال صغيرة. من يحب غزة فليتركها ولا يخنقها بحبه الملتهب، وليتعامل معها بحنان وبحنو، ومن يجذبها نحو تنظيمه بقوة فهو لا يحبّها وسيعمل على تمزيقها. وانا لم أر حبا خشنا الى هذه الدرجة. تحبون غزة؟ اتركوها تختار.

امّا اعادة الاعمار فالامر سهل، فلتقوم حماس وقطر وتركيا باعادة اعمار ما تستطيع، ولتترك حكومة الحمد الله تعيد اعمار المؤسسات والجسور والطرقات والابراج التي هدمها الاحتلال، ولتتفضل وكالة الغوث والامم المتحدة وتعيد اعمار المرافق والمنازل، ولتتفضل مصر وتعيد ترتيب معبر رفح كما تريد وكما تختار هي مع الرئاسة الفلسطينية، ولتتفضل اوروبا وروسيا وامريكا اللاتينية وكذلك جامعة الدول العربية ورجال الاعمال والمؤسسات العربية ولجان الزكاة والامارات والسعودية. تفضلوا لاعادة اعمار غزة، بارك الله فيكم.

الشتاء على الابواب، ومن يحب غزة لا يمنع اعادة اعمارها، لا يمسكن بعنقها، لا يأخذنها رهينة، لا يجثون فوق صدرها ولا يتحكمن بمعابرها. من يحب غزة يحررها، يطلق جناحها. وهي تعرف كيف تختار في الانتخابات القادمة.

مسرحية الكاتب الكبير بريخت موجودة في الاسواق وعلى صفحات الانترنت، وجب على السياسيين قراءتها مرة اخرى، ليتعلموا ويفهموا ان الحب ليس بالقوة، وان المشاعر لا تنبع بحد السيف وعلى رؤوس الرماح.