نشر بتاريخ: 05/02/2015 ( آخر تحديث: 07/02/2015 الساعة: 07:34 )
الكاتب: د. وليد القططي
في ندوة حوارية تناولت موضوع (الانقسام وأثره على المشروع الوطني الفلسطيني )هاجم أحد المشاركين في الندوة الحركة الإسلامية الفلسطينية واتهمها بأنها حركة غير وطنية وأنها تنتمي للحركة الإسلامية العالمية التي لها مشروع أو مشاريع مختلفة عن المشروع الوطني الفلسطيني , ودلل صاحبنا على ذلك بعلاقة حركة حماس بالإخوان المسلمين , وعلاقة الجهاد الإسلامي بإيران وحزب الله، واعتبر هذه العلاقة مناقضة للهوية الوطنية لهاتين الحركتين . وهذا الرأي ذكرّني بما قاله لي أحد المحققين في أحد الأجهزة الأمنية للسلطة عندما كنت معتقلاً عندهم على خلفية انتمائي السياسي المعارض للسلطة "أنكم تخّربون المشروع الوطني الفلسطيني وتعملون على هدمه لتعملوا على بناء مشروعكم الخاص، فأنتم بذلك كمن يهدم حائطاً ليبني طوبةً بدلاً منه ".
وفي الحقيقة أن الاثنين – المحاور والمحقق – ينطلقان من أرضية فكرية إقصائية تحتكر مفهوم الوطنية و تختزله في الفصائل المنضوية تحت عباءة منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها تمثل الحركة الوطنية الفلسطينية حصراً و امتداداً لها منذ نشأتها بعد الاحتلال البريطاني لفلسطين و بروز المشروع الصهيوني فيها. ورغم الدور الريادي للمنظمة في قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية لمرحلة طويلة من الزمن ،وتكريس الهوية الوطنية الفلسطينية عبر رموزها و أطرها و كفاحها, إلا أنه يجب التأكيد على مركزية البُعد الوطن للحركة الإسلامية الفلسطينية المقاومة. الذي ينطلق من مبادئ الدين الإسلامي وكذلك مبررات وظروف النشأة لجناحي الحركة الإسلامية الفلسطينية المقاومة .
فالبُعد الوطني للحركة الإسلامية الفلسطينية المقاومة هو بُعد أصيل نابع من مبادئ الدين الإسلامي والعقيدة الإسلامية التي تجعل الدفاع عن الوطن واجباً شرعياً على كل مسلم ومسلمة , وأن الجهاد لتحريره إذا اُحتل فرض عين على كل رجل وامرأة , وان إخراج المسلمين من ديارهم ووطنهم من أهم أسباب الجهاد في سبيل الله حتى يعودوا إلى ديارهم ووطنهم , وأن كل المسلمين مطالبون بأن يحبوا أوطانهم التي ولدوا ونشئوا فيها كما أحب الرسول – صلى الله عليه وسلم – مكة المكرمة حيث قال عندما هاجر منها " ما أطيبك من بلدةٍ وأحبك إلىّ ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك " فالوطنية في الإسلام هي التي تزرع العزة والكرامة والشجاعة في نفس المسلم ، وتجعله يحب وطنه ويدافع عنه ويجاهد لتحريره ، والرابطة الوطنية التي تجمع أبناء الوطن الواحد ، بغض النظر عن أديانهم وأعراقهم وألوانهم في بناء مجتمعي واحد ونظام سياسي واحد لا تناقض الرابطة الإسلامية المنبثقة من مفهوم وحدة الأمة الإسلامية .
والبعد الوطني للحركة الإسلامية الفلسطينية المقاومة نابع أيضا من مبررات وظروف نشأتها في فلسطين كحركة إسلامية تتبني المشروع الوطني الفلسطيني التحرري ، وتعتبر نفسها نقطة تقاطع بين كل من الحركة الإسلامية العالمية ، والحركة الوطنية الفلسطينية، فهي حركة إسلامية قضيتها المركزية وطنية وهدفها الرئيسي تحرري وطني ، فهي حركة وطنية بمرجعية إسلامية كما قال الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي الدكتور ( رمضان شلح) ، أو هي حركة تحرر وطني بصبغة إسلامية كما قال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس السيد ( خالد مشعل ) . وهذا الانتماء الوطني والإيمان بفكرة ( الجماعة الوطنية ) لا يعني أنها تخلت عن فكرة (الأمة الإسلامية ) ، وليس من المطلوب منها أن تتخلي عن هذه الفكرة ، كما أنه ليس مطلوبا ممن يؤمنون بفكرة ( الأمة العربية ) أن يتخلوا عن هذه الفكرة فدوائر الوطنية والقومية والإسلامية دوائر متداخلة لا تناقض بينها .
والخلاصة التي نصل إليها أن ارتباط الحركة الإسلامية الفلسطينية المقاومة بالحركة الإسلامية خارج فلسطين كجماعة الإخوان المسلمين أو أي محور إقليمي كمحور المقاومة يجب أن يكون لصالح القضية الفلسطينية ومشروع تحرير فلسطين ، ويكون حسب القرب أو البعد من محاور الإسلام وفلسطين والمقاومة ،وأن لا يتم علي خلفية المصلحة الحزبية بعيدا عن مصلحة الشعب الفلسطيني وقضيته ومصلحة المقاومة وهدفها ، وأن لا تكون لخدمة مشاريع إقليمية علي حساب المشروع الوطني الفلسطيني التحرري . ولكي تحافظ الحركة الإسلامية الفلسطينية المقاومة علي هويتها الوطنية يجب أن تقدم خطابا إسلاميا وطنيا يعتمد علي عدم إقصاء الآخر – الإسلامي والوطني – بتكفيره أو تخوينه ، ويكون جهادها ومقاومتها من اجل تحرير فلسطين وليس من أجل فرض العقيدة بالإكراه ، والأهم من ذلك أن لا ترتبط بجهة خارجية تتبنى أجندة بعيدة عن المشروع الوطني الفلسطيني الرامي إلي تحرير فلسطين من البحر إلى النهر .