الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

أدونيس : الثقافة العربية تعلّم الرياء والنفاق والكذب

نشر بتاريخ: 09/02/2015 ( آخر تحديث: 09/02/2015 الساعة: 19:38 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

حلّ الشاعر العربي الكبير ادونيس ضيفا على معرض الكتاب في القاهرة ، واثارت محاضراته صخبا واسعا وسط المثقفين الذين انقسموا الى مؤيد ومنتقد ضده . وكعادته كان ادونيس حادا ومباشرا ، لم يشتر تذكرة عودة ومضى في قناعاته حتى النهاية .

من يعرف ادونيس من قبل كان يتوقع اكثر ومن لم يعرفه خرج مصدوما من هذه الصراحة القاسية لدرجة الفجيعة . فقد انتقد الثقافة العربية الراهنة وجلدها بكرباج النقد حتى نزف ظهرها دما وصديدا ، وانتقد الثورات العربية باعتبار انها مجرد فوضى تصب في نهر الثقافة العربية الفاشلة والتي لا تعبّر عن اية حريات من ناحية القيمة والمستقبل .

ما قاله ادونيس أغضب منظري الاسلام السياسي واغضب الحكومات واغضب وزارات الثقافة واغضب الماركسيين الذي اسعدهم بداية محاضراته ولكنه لم يخبئ نقده لهم لاحقا ، واغضب الواقعيين والشعراء ، حتى قيل ان ادونيس من اكثر الشعراء تأثيرا في الشعراء ... فهو لا يوجه اشعاره للجمهور او القراء بل يوجهه للشعراء وللنقاد .

ولمن فاته الاستماع لمحاضرات الشاعر السوري العربي ادونيس ، اقدم له في هذه المقالة بعض الملاحظات دون أي تدخل او تعليق مني عليها :
في المقابلات التلفزيونية وحين سألته المذيعة من انت ؟ اجاب بعد تفكير وتنهيدة مؤلمة : انا لست أنا ، انا حسب السؤال ، ان سألتني عن طفولتي سيجيبك ادونيس الطفل .. انا ذاكرتي 

انا لا أكتب للقراء ، لا اكتب للجمهور انا اكتب للانسان ، انا اكتب للمواطن العربي الذي سيولد بعد خمسين عاما ولا اكتب للجمهور العربي الان .
انا استغرب حين يخرج شاعر على مسرح ويصفق له الجمهور !!! لان الشاعر يجب ان يقول كلاما قد لا يعجب الجمهور ، وليس فقط ان الشعر ضد الحكومات فقط ، هناك قارئ بمستوى الشاعر وهناك شاعر مستوى القارئ . وان الشعراء الذين يصفق لهم الجمهور هم شعراء بمستوى القارئ
انا ابحث عن قارئ بمستوى الشاعر ، هناك قارئ مبدع وقارئ عادي . صحيح ان كل قارئ مبدع ولكن يجب التوضيح ان المتنبي عادى العالم باشعاره وليس مجرد انه امتدح هذا وهجا ذاك .

في الشعر العربي امرؤ القيس والمتنبي وابو تمام وابو علاء المعري وجميعهم لم يكتبوا شعرا ليعجب الجمهور .. من يسعى لكتابة شعر يعجب الجمهور يكون قد حكم على نفسه الاكتفاء بالتصفيق .

سؤال : يقول عنك د. احمد مجاهد انك اكثر الشعراء تأثيرا في الشعراء . فيرد : انا معجب بعبد المنعم رضا من مصر ومعجب بصلاح عبد الصبور فهو عارض احمد شوقي واحدث قطيعة مع شعره وقال كلا لشعر احمد شوقي .

وطه حسين ؟ انا مفتون بطه حسين التقيته مرة في بيته هنا وكان طويلا وكان جميلا . واي انسان ترتاح له او لا ترتاح له من خلال وجهه وعينيه وكان وجه طه حسين مشرقا وواثقا - ورغم ان طه حسين اعمى – قال ادونيس ان لديه عمقا في عينيه .. وانا معجب به لانه تمرد على التراث العربي واتفق معه ان الهوية لاية امة هي المستقبل وليس التراث .

انا استغرب من مثقف عربي يبحث عن هويته في الماضي وفي التراث ، ان الهوية في المستقبل
ان الثقافة العربية الراهنة لا تعلم سوى الرياء والكذب والنفاق ولو ان العرب غابوا عن الدنيا لم شعرت البشرية بغيابهم ( لو ماتوا جميعهم لن يندم احد على ذلك ) .

ان الامة العربية امّه منقرضة وتخرج من التاريخ فليس لديها ما تقدمه للبشرية

ان تأثير الادب ليس كتأثير الرصاصة ، وبعض المثقفين يعتقدون ان تأثير الادب نافذ ومباشر كالرصاصة يقطع المسافات ويصل الى الهدف ويحقق المطلوب وهذا غير صحيح ، لان تأثير الادب مثل ينبوع ماء او نسيم عطر وتأثيره يأتي لاحقا من هلال ابلاج زهرة او اخضرار حقل او نمو عشب . انه تأثير بطئ وفعال وخلّاق .

انا لا يهمني جائزة نوبل وغير صحيح انني تأثرت انني لم احصل عليها وان مواقفي ردة فعل وانصح العرب عدم الاهتمام بها فهي لن تضيف لهم شيئا ولن تضيف لي شيئا

الوسط الثقافي العربي بائس ولا يعنيني بشئ على الاطلاق

لا علاقة للمبدع بالسياسة العملية ولكن له علاقة في بناء الدولة والمجتمع

الماركسية مثل الاسلام السياسي تعطي اجابات مسبقة على كل شئ ، بينما دور المبدع ان يطرح اسئلة كل يوم ويبحث عن اجابات جديدة كل يوم وليس الاكتفاء باجابات جاهزة

لا ثورة بدون حرية مرأة ،وانا لا ارى الان في العالم العربي اية ثورات حقيقية ، لا اعترف الا بثورة الجزائر انها كانت ثورة حقيقية

من اشعار ادونيس اختار لكم هذا المقطع عن قصيدة حب:

أقسى السجون وأمرّها 
تلك التي لا جدران لها. 
كان أبي فلاّحًا 
يحبّ الشعر ويكتبه, 
لم يقرأ قصيدة 
إلاّ وهي تضع على رأسها رغيفًا. 
الحلم حصان 
يأخذنا بعيدًا 
دون أن يغادر مكانه.