الأربعاء: 04/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

نتنياهو الخاسر ...!

نشر بتاريخ: 12/02/2015 ( آخر تحديث: 12/02/2015 الساعة: 10:54 )

الكاتب: د. هاني العقاد

تتصاعد الازمة بين نتنياهو وادارة البيت الابيض في شكل ازمة بين شخصين اكثر من ازمة بين بلدين لان واشنطن واسرائيل بينهم تحالف استراتيجي قوي ومتين لا يقف عند ازمة يفتعلها سياسي مراهق كنتنياهو يذهب بعيدا عن الحكم يوما ما ويبقى التحالف قويا برغم تلك الهزات ,نتنياهو في محاولة منه للحصول على تأثير يهود امريكا في الانتخابات القادمة ينقل المعركة الى خارج اسرائيل بتسلله الى الكونغرس الامريكي ليتحدث هناك عن مشاكل اسرائيل الامنية وتوجسها من تطور النووي الايراني ومحاولة الادارة الامريكية لحل هذا الملف بالطرق الدبلوماسية , نتنياهو لا يريد الدخول للكونغرس الامريكي حسب البرتوكول الامريكي الخاص بالبيت الابيض بل يريد عقد صفقة مع الجمهورين بعيدا عن تدخلات البيت الابيض وفيتو هات اوباما التي لا يقبلها الكونغرس في كثير من الاحيان, نتنياهو يصر على صفقته مع رئيس الكونغرس الامريكي حتى بعيدا عن معسكر الديموقراطيين في الكونغرس وتأثيرهم الذي يعتبره ضارا له ولا يمكنه من حشد المزيد من الاصوات داخل اسرائيل وخارجها في محاولة منه ليلعب بعقل الجمهور الاسرائيلي عبر اثارة القضايا الكبرى التي يدعي انه الوحيد القادر على حلها .

نتنياهو يحفر الحفر امامه وخلفه بل وانه ماض في تعميق الحفر وتمزيق كافة الممرات الجانبية بينه وبين الادارة الأمريكية في مقابل الفوز بدعم الكونغرس الامريكي لكن لا يبدو تخطيط نتنياهو صحيحا لان العديد من اعضاء الكونغرس الامريكي وخاصة الديموقراطيين بدأوا بالفعل في دراسة مقاطعة خطاب نتنياهو القادم ,والاخطر أن زعيم الجالية اليهودية الاصلاحية في امريكا ( ريك جايكوبيس ) دعوة صريحة لنتنياهو بعدم الحضور الى واشنطن وإلقاء الخطاب امام الكونغرس معتبرا تلبية نتنياهو الدعوة دون علم ادارة البيت الابيض وتنسيقها امر سيئ مطالبا نتنياهو البحث عن بديل اخر لهذا الخطاب وبالفعل فإن هذه الجالية تعتبر هي الاكبر في الولايات المتحدة الأميركية وتمثل غالبية اليهود , ليس هذا فقط بل أن (ابرهام بوكسمان) احد زعماء الجالية اليهودية دعا نتنياهو الى التفكير مجددا في قراره بإلقاء الخطاب امام الكونغرس لان الخطاب من شأنه أن يلحق الضرر بموقف اسرائيل فيما يتعلق بالشأن النووي الايراني معتبرا أن الخطاب سيكون هدام ولن يقدم شيئا ايجابيا في النووي الايراني واليوم اعلن ايضا (بارني سندرس) السيناتور اليهودي رسمياً أنه سوف يتغيب عن الخطاب وهذا ما يؤكد أن الكثير من يهود امريكا ينحازوا الى ادارة البيت الابيض دون الاكتراث بنتنياهو او مستقبله السياسي .

بعد كل هذا التحذير يبدو أن نتنياهو لا يريد التفكير عمليا في تداعيات ما سيفعله او يقوله امام الكونغرس وما سيسبب من اثارا سليبيه على مستقبله السياسي بشكل عام وقد يؤدي الى تراجع اسهمه الانتخابية لان الإسرائيليين دون الادارة الامريكية لا شيء حتى لو كسب نتنياهو الكونغرس فهو الخاسر في النهاية لان اصرار نتنياهو القاء خطابه في الكونغرس يؤدي الى احراج اليهود الأمريكيين الذين يحتاجوا الادارة الامريكية اكثر من نتنياهو و وضعهم في موقف محرج جدا وبالتالي سوف ينحازوا لأوباما ليثبتوا ولائهم لأمريكا بالدرجة الاولى , ولعل نتنياهو يدرك أن خطابة في البيت الابيض وحديثة عن النووي الايراني يعتبر تدخلا في سياسة الادارة الامريكية وخاصة في ظل المفاوضات التي تجري مع ايران بهذا الخصوص , والحقيقة أن نتنياهو لا يعنيه النووي الايراني بقدر ما يعنيه فوزة بولاية حكم اخري ولا يعنيه ادارة البيت الابيض او حتى اوباما لان الكونغرس من وجهة نظرة هو من يصنع اسرائيل الكبرى ويتماشى مع طموحاته الصهيونية وتحفظه بل ومعارضته علي القبول بحل الدولتين وانهاء الصراع التاريخي.

الازمة التي سببها نتنياهو مع البيت الابيض ازمة كبيرة وبالطبع هو الخاسر الاول في هذه المعركة وخاصة أن اوضاعه الداخلية ليست جيده بعد ملفات قناني خمر زوجته وفضائحها الجنسية وملف نفقات سفرياته الضخمة التي شوهت الى حد ما سمعته السياسية في اوساط كثيرة بإسرائيل حتى لدي اليمين الذي يجنح الى يمين اكثر نفعا , بالرغم من نتائج بعض استطلاعات الرأي التي تشير في بعض الاحيان الى حصوله على نسب متقاربة مع تحالف العمل والحركة بقيادة هر تصوغ وليفني او يتفوق عليها بقليل , لكن هناك العديد من العوامل التي تدلل أن نتنياهو سوف يفشل في معركته السياسية مع اوباما ان لم يتراجع و يعود الى تحسين العلاقات و تؤكد ايضا أن وضعه الانتخابي اصبح مهزوزا بسبب رغبة العالم في استبداله لان لا خطة سياسية لحزبه السياسي مما ينذر بأن تبقي المنطقة فوق صفيح ساخن لولاية اخري و يبدو أن العالم قد ضجر من سياسة نتنياهو لكنه لن يتحدث كثيرا في هذا الوقت عن اخفاقات نتنياهو حتى لا يتهم من قبل اليمين الإسرائيلي الذي يتزعزع يوما بعد أخر بأنه تدخل في الانتخابات الاسرائيلية , وأي كانت سياسة العالم فإن الجمهور الاسرائيلي ايضا ليس غبيا بأن يقبل نتنياهو على عواهنه بالرغم من أن البعض يصوره الاوحد في اليمين الذي يهتم لمستقبل اسرائيل وامنها , لعلها المعركة التي يخوضها نتنياهو اليوم مع الادارة الامريكية خاسرة وقد يخسر ايضا امام التحالفات الانتخابية الأخرى ومعاداته لكثير من الاحزاب الاسرائيلية ومعركته الانتخابية وخاصة عندما يخوض الانتخابات دون تحالف معين يرفع امكانية تقدمه على التحالف المقابل ,فقد يلجأ الناخب الإسرائيلي الى الاحزاب المتحالفة لأنه يجد لديها من الرؤي السياسية الافضل ويجدوا ما ينفعهم اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا مما يجلب الامن والاستقرار لإسرائيل بشكل افضل .