نشر بتاريخ: 17/02/2015 ( آخر تحديث: 17/02/2015 الساعة: 11:39 )
الكاتب: عصام بكر
على ابواب انعقاد الجلسة القادمة للمجلس المركزي لمنظمة التحرير الذي تفصلنا عنه عدة ايام وهو بمثابة هيئة وسيطة بين اللجنة التنفيذية والمجلس الوطني الفلسطيني هذا الاجتماع الذي ينظر اليه بالكثير من الاهمية في ظل مرحلة بالغة التعقيد وفي ظل اجواء من انسداد الافق السياسي التي ما زالت تخيم على صورة الوضع حيث هناك من العناوين البارزة والمهمة التي تستوجب ان تثار بشكل جدي وبما تحتل من اهمية على جدول اعمال هذا المجلس لكي لا يكون مجرد اجتماع (رفع عتب) او مهرجان احتفالي يتلوه بيان ختامي ، ثم ننتظر البيان التالي للاجتماع التالي بعد تمهيد الاجواء لعقد " اذا توفرت الظروف " لعقده اصلاً .
هذا الاجتماع يأتي بعد الاجتماع الاخير للمجلس اواخر نيسان 2014 في الدورة 26 التي اطلق عليه دورة الاسرى وانهاء الانقسام وحضرها 86 عضوا من اصل 114 عضواً والقى الرئيس عباس خطاباً شاملاً استعرض فيه التطورات السياسية دون ان يخلو الخطاب من الممازحة او توجيه النقد لبعض الاطراف باسلوب ساخر، واستمر نحو 90 دقيقية تلاه بيان سياسي امام وسائل الاعلام سلط الضوء على مجمل القضايا المتعلقة بالقضية الوطنية للشعب الفلسطيني والمواقف منها .
بكل الاحوال الكثير من التطورات حدثت منذ ذلك الوقت قبل نحو عام من الان ، وحجم التحديات الماثلة اصبحت اكثر تعقيدا ووضوحاً في نفس الوقت ، عدة قرارات اتخذت ضمن توجهات جديدة للقيادة الفلسطينية معظمها يتعلق بالعلاقة مع الاحتلال بحث امكانية التحلل من التزامات السلطة في المجال الامني والاقتصادي ، ومن هنا ينظر الكثير من المهتمين للاجتماع المقرر نهاية شباط الجاري بالكثير من الاهتمام كونه يفترض ان يعطي اجابات واضحة لاسئلة صعبة تدق اروقة صنع القرار وباتت تتطلب اجابات محددة ، من ضمنها تحويل الاجتماع نفسه من اجتماع بروتوكولي الى ورشة عمل وطنية حقيقية تناقش بشكل جدي الازمة الحالية وسبل الخروج من الوضع الراهن وهو انهاء الاحتلال الاسرائيلي بكل اشكاله ومسمياته عن ارضنا التي احتلت في عدوان 1967 بما فيها القدس الشرقية وتأمبن حق العودة وفق القرار الاممي 194.
منذ عدة سنوات والقضية الوطنية للشعب الفلسطيني تدخل فصولا تثير مخاوف جدية لدى الجل الاعظم من ابناء شعبنا في داخل فلسطين وفي دول الشتات والمنافي ارتباطا بمدى قسوة وتاثير أي حل لا يضمن تامين الحقوق الاساسية للشعب الفلسطيني التي كفلها القانون الدولي بما فيها حق العودة وتقرير المصير والاستقلال الوطني في دولة كاملة السيادة على جميع اراضي 1967 بما فيها القدس الشرقية عاصمة لهذه الدولة بعد كل التضحيات والمعاناة التي قدمت على مذبح الحرية والاستقلال .
الحديث عن حقبة ملتبسة غير واضحة المعالم تتسم بالجمود والتوتر الداخلي مازالت تجرف معها احلام وامال كبيرة على صعيد برنامج الحركة الوطنية ومهماتها بكل تفاصيله ، تختلط فيها الاوراق ويهيمن عليها تردي القيم المجتمعية وضعف المشاركات في الانشطة والفعاليات وتردي التضامن الداخلي التي بقيت على نطاق محدود ، والانكفاء للذات العليا بدل الاهتمام بالقضايا المشتركة العامة ، وبدلا من بناء والحفاظ على منظومة قيمية تحافظ على النسيج الوطني والاجتماعي لشعبنا تحت الاحتلال ، وسط محاولات لتجزئة هويته الوطنية وتقسيم الجغرافيا السياسية بين ابناء الشعب الواحد حسب الاهتمام، منطقة السكن ، اسلوب الحياة.....الخ
التحدي الابرز الان هو الوصول الى تعريف متفق عليه من كافة الاطراف للمرحلة التي نعيش وعلى اسس جديدة واضحة المعالم تزيل اللبس القائم المقصود وغير المقصود ، فهل نحن في مرحلة تحرر وطني !!!! بكل ما تقتضيه المرحلة من عمل ؟؟؟ وماهي متطلبات اجتيازها؟؟ كيف يمكن ان نعمل من اجل الولوج الى الاستقلال في ظل التحديات الداخلية والمتغيرات الاقليمية والدولية من حولنا؟؟ هذه الاسئلة لا تحتمل المواربة او امكانية القفز عنها وتجاهلها او الالتفاف عليها من أي جهة كانت، وهي ترتبط بمنهجية عمل جديدة تولد لتزيل الضباب من طريق شائك طويل سلكناه وجربناه وعرفنا مدى الخطورة التي يمثلها على مشروعنا الوطني وهو التفاوض الذي حاولت دولة الاحتلال استخدامه لتدمير اسس امكانية قيام دولة فلسطين ، وتفتيت وضرب الحلم حتى بامكانية ايجاد حل عادل وشامل ودائم للقضية الوطنية للشعب الفلسطيني ، بل استخدمت ذلك لتصفية القضية وادخالها الى زاوية نعترف اليوم جميعا انها من اصعب الاوضاع التي عانى منها شعبنا على مدار العقود الخمسة الماضية.
واذا اريد تسمية هذا الاجتماع للدورة السابعة العشرين المرتقبة للمجلس المركزي فيمكن ان تكون دورة التمسك بانهاء الاحتلال (الاستقلال الان) ومحاكمة اسرائيل على جرائمها بحق شعبنا، والذين يرقبون الاجتماع المقبل من عامة الناس والمهتمين بالشان السياسي لا ينظرون الى ربطات العنق والسيارات الفارهة التي يصل اعضاء المجلس امام شاشات التلفاز فيها , ولا الى المناكفات والمشادات والمساجلات التي تحدث بين الحين والاخر بين هذا الطرف او ذاك بل ينظرون الى القرارات وايجاد الاليات المناسبة لمعالجة وضع يخرجنا من الوحل والتعثر الحاصل، وهناك عدة عناوين يمكن ان تحتلها المداولات والنقاشات ان اردنا فعلاً الوصول الى حالة تنهي التصدعات الحاصلة في البيت الفلسطيني اهم تلك العناوين هو ملف المصالحة الذي لا ينتظر التأجيل ويحتاج الى كل عمل مخلص لاتخاذ القرارات التي تتناسب مع حجم التحدي الذي يواجه قضية شعبنا ، الانقسام باتت حجر عثرة امام امكانية تقدم كل شيء في بلد ينخره الاستيطان كل يوم ، والتاخير في انجاز وتطبيق ما تم الاتفاق عليه بات يهدد كل القضية الوطنية لشعبنا فماذا نحن فاعلون ، هل نملك الجرأة للاجابةعلى اسئلة استمرار الانقسام وتكريسه وتأبيده !!
المسألة الاخرى تتعلق بوقف المفاوضات وانسداد الافق السياسي للوصول الى تسوية عادلة وشاملة تحقق الحد الادنى من حقوق شعبنا واهمية استكمال الخطوات التي خطتها القيادة سواء في نيل وحصد الاعترافات الدولية بدولة فلسطين او ما حصل من انضمام فلسطين الى محكمة الجنايات الدولية بعد التوقيع على عدة اتفاقات من بينها ميثاق روما والمتوقع ان تكون فلسطين عضواً رسمياً فيها في نيسان المقبل ، وهنا تطرح الاسئلة مجدداً هل يعني هذا طلاق بائن بينونة كبرى لطي صفحة مفاوضات عبثية !! ام تكتيك وخطوة هدفها تحسين شروط العودة للمفاوضات واحياء مسارها المتعثر بعد تدخل اطراف دولية ، وحملة ضغوط كبيرة لا سيما المساعدات المالية والاقتصادية لثني القيادة عن توجهها ، السؤال الان هو هل يتقل التوجه الجديد هذه الخطوة لمرحلة اللاعودة والاقلاع عن الرهان على خط المفاوضات الثنائية بالرعاية الامريكية ، وبما يستوجب ايضا من اعادة القضية الوطنية للامم المتحدة ومؤسساتها لتحمل مسؤولياتها!! الاعلان رسميا عن فشل المفاوضات واعادة بناء استراتيجية جديدة منبثقة من تعاليم وتقييم شامل واستخلاص العبر لتلك المرحلة وترميم التصدعات التي اعترت المشهد من جديد .
المسألة الاخرى هي المقاومة هل هناك مشروع مقاومة ؟؟ ماهي مرتكزاته ؟؟ وما هي اشكال المقاومة ؟؟ وما هو هدف هذه المقاومة ؟؟ هل نتطاير خلف شعار التحرير الكامل ام الاكتفاء بمقاومة تستخدم لتحقيق مكتسبات انية وضيقة ، الجميع يجمع على اهمية المقاومة الشعبية بكل اشكالها كحق طبيعي في مواجهة الاحتلال في ظل اوضاع تستباح فيها الضفة الغربية بالكامل ويمارس الاحتلال ومستوطنوه جرائمهم صبح مساء ، هناك اشكال للمقاومة وحالات لبعض القرى عبر مسيرات اسبوعية او اشكال مقاومة اخرى لها كل الاحترام ولكن كيف يمكن ان تصبح هذه الاشكال حالة يومية دائمة وتتسع لتشمل معظم القرى والبلدات؟؟ وكيف يمكن توحيد اللجان والنشطاء في اطار جبهة وطنية موحدة للمقاومة الشعبية بالاستفادة من التجارب السابقة وبمشاركة جيل الشباب التواق للمشاركة والعمل وتنقصه الادوات والخبرة والروافع في ظل تراجع عمل القوى الوطنية مجتمعة وغياب النموذج الذي يشكل هاديا وعنصر جذب لطاقات الشباب للعمل والابداع .
المسالة الاخرى السلطة وهذا عنوان في غاية الاهمية فالسلطة وجدت كبوابة للعبور نحو الدولة وكان يفترض ان ينتهي دورها في العام 1999 حسب اوسلو ، وجرى تمديد فترتها طوال السنوات الماضية بنوايا احتلالية خبيثة تهدف الى الابقاء عليها ضمن الوضع القائم فلا هي تتحول الى دولة ولا هي تسقط ويتم حلها لاجبار الاحتلال على تحمل مسؤولياته أي تبقى بغض النظر عن المسمى( صراف الي) يدفع الرواتب مع الحفاظ على ان تكون سلطة مطيعة مدجنة لا تتعدى دورها حسب الرؤيا الاسرائيلية التي تريدها ، ومن هنا مطلوب من المجلس الذي انشا السلطة (المركزي) ان يتحمل المسؤولية في تعريف دور السلطة واعادة النظر في وظيقتها ، بنيتها، واجهزتها المدنية والامنية وبناء على وخدمة للمرحلة الجديدة في تحويلها الى عنصر اساسي في تثبيت صمود الناس في القرى والارياف المستهدفة بالاستيطان ، ودعم صمود المواطن فوق ارضه بشتى الطرق والوسائل المتوفرة أي ان تكون السلطة لاعب اساس في المواجهة المقبلة واداة فعل حقيقية رغم الضغوط وحجز العائدات وسحب بطاقات الشخصيات المهمة V.I.P
هناك ملفات اخرى عديدة مهمة على اجندة اجتماع المجلس المركزي القادم تطغى على المجتمعين وينبغي ان تحتل مكانا هاما في المناقشات ، لماذا لا يكون اجتماع الثبات والتحدي والعودة الى الاسس الصحيحة لمنطق الاشياء ، وفق التعريف الطبيعي للمرحلة الحالية مرحلة تحرر وطني بكل ما تعنيه من انخراط شرائح المجتمع الفلسطيني وقطاعاته الوطنية والشعبية والاهلية والخاصة ان نعود الى جذور العمل الاولى التي جمعتنا واكسبت شعبنا احترام العالم اجمع ، وحظي باجماع دولي واسع وعريض حينها.
جلسة المجلس المركزي تحتاج الى تحضيرات وتهيئة الجو الملائم لانجاحها وهي تشكل محطة فاصلة في مرحلة فاصلة لانقاذ المشروع الوطني ، يفترض ان يتضمن بيانها الختامي مقررات واضحة ضمن توجه جديد فعلي يكرس اسلوب عمل مختلف في التعاطي مع القضايا المصيرية الملحة ، ننتظر قراراً ربما بعقد اجتماع مؤتمر وطني موسع يضم كافة الاطياف والاطراف والتنادي للقاء وطني شامل يجيب على الاسئلة الصعبة للخروج من النفق المظلم ، فالمرحلة الدقيقة التي نعيش تحتاج الى مسؤولية جدية ، وروح جديدة في العمل بما فيها ضخ دماء جديدة الى مركبات الحركة الوطنية ، ان تعود الى ذاتها من جديد .
المجلس المركزي ينعقد في ذروة حمى الانتخابات الاسرائيلية والجنوح نحو التطرف نحو حكومة مستوطنين جديدة بعد ان حسم الشارع الاسرائيلي امره مطلوب من هذا المجس ان يوسع العمل على الساحة الدولية لنزع الشرعية عن اسرائيل محاكمتها على جرائمها, وامام يهودية الدولة ، ان يشكل نقطة تحول حقيقية في المشهد الفلسطيني بهذا الخصوص وتوسيع حركة مقاطعة اسرائيل محلياً ودولياُ ليس فقط منتجات الاحتلال وبضائعه وانما الاتفاق على استراتيجية وطنية متكاملة لاسس الصراع سياسيا ودوليا وقانونيا.
المجلس المركزي مطالب بوضع اسس جديدة لدولة فلسطين العتيدة يمهد الطريق لمعركة سياسية بعيدا عن الشعارات والاحتكام للشعب لتعزيز مبادئ الديمقراطية لمجتمع تعددي تمارس فيه الحريات العامة وفق القانون, ونحقق من خلاله العدالة الاجتماعية والمساواة وباستطاعة الاطراف المختلفة ارساء قواعدها لعلاقات داخلية يسودها التسامح والانتقال الى فضاء المستقبل للاجيال القادمة برؤية سليمة وبصيرة نافذة وصلابة موقف لا تقتلعها الرياح