نشر بتاريخ: 22/02/2015 ( آخر تحديث: 22/02/2015 الساعة: 10:49 )
الكاتب: سمير عباهرة
بدأت بعض الاصوات ترتفع وتتعالي في اسرائيل مطالبة بالعودة الى المفاوضات مع الجانب الفلسطيني، حيث خرج الرئيس الاسرائيلي رؤوفين ريفلين عن صمته وطالب نتنياهو بالعودة الى المفاوضات "بدلا من الاستمرار في مواجهة مبادرات احادية الجانب تقوم بها جهات مختلفة"، والمح ريفلين الى ان التطورات الاقليمية وتداعياتها ستؤثر على المنطقة وقال : "انها ليست بسهلة اذ نشاهد الارهاب قد ظهر من جديد". وقد جدد رئيس اسرائيل دعوته للرئيس الفلسطيني محمود عباس باستئناف المفاوضات " بدلا من الذهاب الى لاهاي او للأمم المتحدة" وطالبه بالمجيء الى "القدس" للتحدث مباشرة مع الحكومة والشعب الاسرائيليين. وفي سياق متصل اعلنت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي ان اللجنة الرباعية تحضر لاستئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين على خلفية التوتر الشديد في المنطقة.
الحراك السياسي سواء كان من الجانب الاسرائيلي او الاتحاد الاوروبي له اسبابه ودوافعه،وربما يكون الرئيس الاسرائيلي ريفلين قد بدأ بقراءة المعادلة الدولية والإقليمية جيدا وما طرأ عليها من تغيرات وتحولات اثرت على طبيعة النزاع الفلسطيني الاسرائيلي، وبدا ذلك واضحا من خلال مطالبته الرئيس الفلسطيني بان يكون استئناف المفاوضات بديلا "للاهاي"، حيث ان هناك عناصر جديدة دخلت على الصراع وأثرت ايضا في طبيعته بدخول فلسطين الى عدد من المنظمات والمؤسسات الدولية وباتت اسرائيل وساستها يدركون جيدا ان ذلك سيؤثر على موازين القوى، واتضح ذلك من خلال ردود فعل القادة الاسرائيليين على قرار محكمة لاهاي بالبدء بإعداد ملفات محاكمة للبعض منهم. اضافة الى ان استمرار في تنكرها للحقوق الوطنية الفلسطينية وإدارة ظهرها للمجتمع الدولي ساهم كثيرا في تصاعد قوى التطرف في المنطقة واثر ايضا في طبيعة الصراع واثأر مخاوف اسرائيل التي لن تكون بعيدة عما يجري من احداث في المنطقة.
وهناك دوافع اخرى للعودة الى المفاوضات من وجهة نظر ريفلين تتعلق اساسا بالوضع الداخلي الاسرائيلي الاخذ في التصعيد بين الاحزاب الاسرائيلية مع اقتراب موعد الانتخابات الاسرائيلية وتبادل الاتهامات فيما بينهما والمتعلقة بكافة الامور السياسية التي تهم اسرائيل ومنها عملية السلام والعلاقة مع الفلسطينيين وخاصة بعد قيام نتنياهو بحجز الاموال الفلسطينية وهو ما اثار قوى اليسار الاسرائيلي ودفعها لمهاجمة نتنياهو واتهامه بتعطيل اتفاقية باريس الاقتصادية وألمحت هذه القوى الى ان ذلك يمكن ان يؤثر على الوضع الاقتصادي في اسرائيل مع بداية الحديث عن مقاطعة اقتصادية لإسرائيل من الجانب الفلسطيني. وبدا واضحا بأن ريفيلين يريد اخراج اسرائيل من دوامة الاتهامات المتبادلة وتحرير نتنياهو من الضغوط الواقعة عليه بعد الازمة التي اختلقها مع الولايات المتحدة وتحديدا مع الرئيس الامريكي اوباما الامر الذي قوبل بعاصفة من الاستهجان داخل الشارع السياسي الاسرائيلي ووجهت اتهامات الى نتنياهو بانه ذاهب لتوتير العلاقة مع الولايات المتحدة من اجل اهداف دعائية انتخابية، وصلت الى حد تحذير نتنياهو من قبل احزاب العارضة بان العلاقة مع الولايات المتحدة خطا احمر.
اذاً ريفلين اكتفى في مطالبته بالعودة الى المفاوضات لإخراج اسرائيل من دوامة الاتهامات المتبادلة ولم يشير اطلاقا الى ان الجمود في عملية السلام وتجاهل حقوق الشعب الفلسطيني ربما يزيد الوضع انفجارا في المنطقة وكان من الاحرى به وهو يتطرق الى صعود اسهم تيارات الاسلام السياسي،ان يتحلى بشيء من الموضوعية ويعترف بان سياسة بلاده ربما تكون قد ساهمت في صنع هذه التيارات التي ابدت اسرائيل مخاوفها منها.
كما ان ريفلين لم يتطرق اطلاقا لموقف المجتمع الدولي من العملية السلمية التي اجهضتها اسرائيل حيث ينظر المجتمع الدولي الى اسرائيل بصفتها المسئولة عن ذلك وكان الاجدر بـــ ريفلين وهو يطالب بالعودة الى المفاوضات ان يذكر قادة حكومته بان هناك استحقاقات دولية لعملية السلام على اسرائيل الالتزام بها.
ان العودة مرة اخرى الى المفاوضات ستكون بظروف مختلفة عن الظروف التي حكمتها سابقا، وان المفاوضات بشكلها القديم باتت مرفوضة من قبل الفلسطينيين ولم تعد تلك المفاوضات هدفا لهم،بل ما تأتي به من نتائج تخدم القضية الفلسطينية ومشروعها الوطني.
هناك عوامل وعناصر جديدة دخلت على طبيعة الصراع بنيل الفلسطينيين عضوية المنظمات الدولية وتحديدا محكمة الجنايات الدولية، وطرح مشروع الدولة على مجلس الامن القاضي بتحدي سقف زمني لإنهاء الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة، وان كان هذا المشروع قد رفض في مجلس الامن الا ان القيادة الفلسطينية مصرة على ان يكون هذا المشروع هو مقدمة العودة الى المفاوضات التي يجب ان تنتهي بوقف شامل للاستيطان وانسحاب تام من حدود 67 وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية والإفراج عن كافة الاسرى والمعتقلين.