الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

شيزوفرينيا فلسطينية!

نشر بتاريخ: 25/02/2015 ( آخر تحديث: 25/02/2015 الساعة: 11:23 )

الكاتب: حيدر عيد

كنت واثقا من حتمية موتي قبل نهاية القرن المنصرم!
لم يكن لدي أدنى شك أن رصاصة ستجد طريقها الى قلبي مباشرة من جندي, أو رجل مخابرات, أو من امرأة كسرت قلبها!
حضرت نفسي لتلك اللحظة, و حينما دق ملك الموت الباب, كنت جاهزا!
كان في غاية الذوق. دق دقتين لا أكثر.
و حينما سمحت له بالدخول ألقى التحية و ابتسم ابتسامة جذابة ثم بدأ العمل!
لم أعد أعرف هذا الذي يسكن جسدي منذ بداية الألفية الجديدة!
"أنا؟"
راجعت أرشيف وفيات الربع الأخير من القرن المنصرم. صفحة الوفيات و التعازي:
"بسم الله الرحمن الرحيم
يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ
رَاضِيَةً مَّرْضِيَّة فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي.
صدق الله العظيم
بقلوب مؤمنة بقضاء الله و قدره و بمزيد من الحزن و الأسى ينعى آل عيد و أقرباؤهم و أنسباؤهم في الوطن و الخارج فقيدهم المغفور له بإذن الله تعالى الشهيد حيدر حافظ عيد الذي انتقل الى رحمته تعالى شهيدا في مدينة غزة, و سيشيع جثمانه الطاهر من مسجد النصيرات الى مثواه الأخير في مقبرة المعسكر بعد صلاة الظهر.إنا لله و إنا اليه راجعون "
""بسم الله الرحمن الرحيم
كُلّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْه رَبّك ذُو الْجَلَال وَالْإِكْرَام.""
صدق الله العظيم
الحاج عبدالمجيد المجدلاوي و أولاده محمد و سليمان و على و عبد الرحمن يتقدمون من آل عيد الكرام بأحر التعازي بوفاة ابنهم البار حيدر الذي وافته المنية برصاصة غادرة استهدفته ليلة أمس الموافق 24.4.1964. إنا لله و إنا اليه راجعون."

"هو؟"
إذاً من أنا؟
من "هو" ذلك الذي يقطن جسدي الآن؟
يحتله؟
يستوطنه؟
يغتصبه؟
كيف تعايشت معه لنصف قرن؟
رائحته؟ مغامراته؟ مرضه؟ رغباته؟ غرامياته؟ مزاجه؟ أنانيته؟ قسوته؟ نزواته؟ خيانته؟ جرائمه؟ عذاباته؟ بؤسه؟ قبحه؟ ...
هل هناك أمل في الانعتاق منه؟
هل علي أن أموت مرة أخرى للتخلص "منه؟"
هل يأتي ملك الموت مرة أخرى ليطرق بابي؟
دقتين؟ ثلاث؟
هل يأخذ الجسد و كل "الأنوات" المتصارعة عليه؟
و يترك لي نفسي لنفسي؟!