نشر بتاريخ: 09/03/2015 ( آخر تحديث: 09/03/2015 الساعة: 10:38 )
الكاتب: حسام الدجني
ما يحدث في الحالة الفلسطينية هو دمقرطة الانقسام، فعندما يوافق الرئيس محمود عباس وحركة حماس على إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني قبل المصالحة الحقيقية بينهما؛ فهذا يعني حسم الانقسام أو الانقلاب عليه عبر الخيار الديمقراطي، وهذا يدفعنا إلى الحديث عن المخاطر المتوقعة من وراء تلك الخطوة.
العودة للشعب هي الخيار السليم والأمثل لحسم الخلافات في أي نظام سياسي ديمقراطي بالعالم، ولكن الحالة الفلسطينية لها خصوصيتها التي تتمثل في:
1- بقاء الاحتلال على الأرض الفلسطينية، وتأثيره المباشر وغير المباشر على القرار الفلسطيني.
2- انفصال جغرافي طبيعي بين الضفة الغربية وقطاع غزة بسبب الكيان العبري.
وبذلك تتلخص مخاطر إجراء الانتخابات قبل التوافق على ميثاق شرف وخطوات عملية تنهي الانقسام، وتعالج تداعياته المجتمعية، وترسم ملامح الإستراتيجية الوطنية للمرحلة المقبلة، إذ تصبح الانتخابات مشكلة وليست حل.
كيف تصبح الانتخابات مشكلة؟، قد توضح النقاط التالية معالم المشكلة في الحالة الفلسطينية:
1- شكل العلاقة بين مكونات النظام السياسي وأبنيته المختلفة على سبيل المثال (ماذا لو فاز تيار المقاومة بالمجلس الوطني وقرر حل السلطة الفلسطينية مثلاً؟).
2- العلاقة المتوترة بين طرفي الانقسام فتح وحماس وأزمة الثقة بينهما (هل يسلم أحد طرفي الانقسام السلطة في المنطقة التي يسيطر عليها للطرف الآخر، إن فاز بالانتخابات؟).
3- الدور الأمني والوظيفي للسلطة الفلسطينية المرتبط بالتمويل المالي من قبل الدول المانحة، وهذا يطرح السؤال التالي: ما هي رؤية الفصائل الفلسطينية لسلاح المقاومة؟، وما هو مستقبله؟، وكيفية التعاطي معه؟
4- المصالحة المجتمعية وقضايا الدم التي لم تحل حتى اللحظة (فازت فتح أو حماس، واستغلت إحدى العائلات ذلك، وصفت حسابها من قاتل ابنها).
5- علاقة الإقليم بالحالة الفلسطينية، فنحن نعيش حالة انقسام أفقي تجاوزت حدود القطرية، وعليه ستكون الانتخابات مدخلًا لمزيد من الاستقطابات التي ستجر الحالة الفلسطينية إلى أتون معارك جانبية.
6- العلاقة المتأزمة بين مصر وحماس؛ ففي حال فازت حركة حماس بالانتخابات لا أحد يعلم طبيعة الموقف المصري من ذلك، وعليه يجب أن تسبق الانتخابات مصالحات داخلية وخارجية.
وهناك العديد من المحاذير الأخرى، ومن هنا إنني أدعو القيادة الفلسطينية بكل ألوانها السياسية لأن تبدأ بالخطوات التالية:
• التوافق على إستراتيجية وطنية تلزم كل الفصائل الفلسطينية، وتكون نتيجة الانتخابات داعمة لتطبيقها.
• البدء الفوري بإجراء المصالحة المجتمعية، وتعويض ضحايا الانقسام.
• إنهاء ملف موظفي الحكومة السابقة بما يضمن دمجهم بالحكومة، وبما يعزز مبدأ المشاركة السياسية.
• ضبط إيقاع الخطاب الإعلامي الوحدوي داخليّاً وخارجيّاً.
• التوافق على إخراج ملف إعادة الإعمار من باب التجاذبات السياسية والدعاية الانتخابية، والبدء الفوري بتعويض المتضررين.
• أن يقود الرئيس بصفته مصالحة إقليمية بين حماس ومصر.
• أن تكون الانتخابات قائمة على مبدأ المشاركة لا المغالبة، وأن توقع الفصائل وثيقة تضمن تشكيل حكومة وحدة وطنية بعد إعلان النتائج.
خلاصة القول: لا أحد ضد الانتخابات، ولكننا نخشى أن نعود للمربع الأول، ولذلك وضعت رؤية للوقاية من ذلك أتمنى أن يأخذها صانع القرار بالحسبان، وأن يعمل الجميع على محاكاة كل السيناريوهات، وأن نغلب السيناريو الوطني الذي يعيد لقضيتنا العادلة مكانتها بين الأمم.