نشر بتاريخ: 12/03/2015 ( آخر تحديث: 12/03/2015 الساعة: 13:24 )
الكاتب: سمير عباهرة
بدأ الحديث يعود مجددا لإحياء عملية السلام في الشرق الاوسط والمتوقفة بقرار اسرائيلي وبصمت دولي. ومن الملاحظ انه وكلما لاحظت الدول الكبرى التي تتحكم في مقاليد السياسة الدولية وتحديدا الولايات المتحدة ان هناك تطورات وعناصر جديدة تتبلور وستؤثر على طبيعة الصراع الفلسطيني الاسرائيلي تقوم الولايات المتحدة الرمي بكل ثقلها في هذه المنطقة التي بدأت تعج في الصراعات. حدثان مهمان يتعلقان بالقضية الفلسطينية تركا اثرهما على المشهد السياسي الدولي دفعا الولايات المتحدة للتحرك عاجلا لتطويق تداعياتهما وانعكاساتهما على لب الصراع الفلسطيني الاسرائيلي.
وقد تمثل الحدث الاول بالتطبيق الفعلي لمقاطعة البضائع الاسرائيلية وهو ما اعتبرته الولايات المتحدة مؤشرا خطيرا حيث ان اشهار هذا السلاح وفي هذا الوقت بالذات يعطي انطباعا بفقدان الفلسطينيين الامل في امكانية حدوث تسوية سياسية. وتمثل الحدث الثاني بانعقاد المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية حيث كان هناك تخوف من قبل الادارة الامريكية من قيام المجتمعين باتخاذ قرارات من شانها المساهمة في زيادة حدة التدهور الحاصل اصلا في عملية السلام في المنطقة ، ولذلك قامت الولايات المتحدة باتصالاتها مع القيادة الفلسطينية وقاد تلك الاتصالات وزير الخارجية الامريكي جون كيري الذي طالب الرئيس الفلسطيني بعدم اتخاذ قرارات حاسمة قد تزيد من صعوبة الاوضاع في المنطقة وتؤثر على طبيعة الصراع، وكانت تأخذ بعض الاتصالات أحيانا لغة الوعيد والتهديد. اجتماعات المجلس المركزي انتهت وحملت معها قرارات كانت تتخوف الادارة الامريكية من صدورها واهما وقف التنسيق الامني الكامل مع اسرائيل، وقد يصبح هذا القرار نافذا في حال اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير لتفعيل القرارات الصادرة عن المجلس المركزي.
الاجواء السياسية الفلسطينية المشحونة والمليئة بخيبات الامل دفعت الادارة الامريكية لارسال تطمينات للقيادة الفلسطينية بعزمها طرح مبادرة جديدة بعد الانتهاء من الانتخابات الاسرائيلية ووضوح تشكيلة الحكومة الاسرائيلية كما اوردت صحيفة هارتس العبرية، حيث تخشى الولايات المتحدة من اندلاع ازمة جديدة في المنطقة نتيجة التدهور الحاصل.
التدهور الحاصل في المنطقة لا تعود اسبابه في عدد المبادرات المطروحة لتسوية الصراع الفلسطيني الاسرائيلي بل في شكل ونوعية المبادرات ومدى القدرة على اتمامها وتلبيتها للشروط الفلسطينية بالتحرر وإقامة الدولة الفلسطينية. فكثيرا من المشاريع والمبادرات الامريكية طرحت لتسوية الصراع ومنذ عقود طويلة بدءاً من عهد الرئيس الامريكي هاري ترومان وايزنهاور ومرورا بمشروع ريغان وانتهاءً بمشاريع اوباما ، وكلها كانت مجرد رغبات امريكية لاحتواء الصراع والعمل وفق قاعدة الحد الادنى الضرورية لاستمرار العملية السلمية حفاظا على المصالح الامريكية في المنطقة، ولم تتعامل بجدية لتسوية الصراع.
تتمثل استراتيجية الولايات المتحدة في سياستها الخارجية بالحفاظ على اسرائيل وتفوقها العسكري في هذه المنطقة التي باتت تعج بالصراعات، وندرك ان اسرائيل تمثل احد المصالح الامريكية الكبرى وان الحفاظ عليها يتطلب ان يكون هناك استقرارا في منطقة الشرق الاوسط، هذا الاستقرار لن يتأتى إلا بإيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية وحصول الفلسطينيين على حقوقهم ومن المفترض ان تكون الولايات المتحدة ومن خلال تجاربها الطويلة في المنطقة ان تكون قد توصلت الى مثل هذه الاستنتاجات وبأن سياسة الاحتواء والادماج، وحقبة المفاوضات بأشكالها السابقة قد ولت بغير رجعة.
ان اي مبادرة لا تتعاطى مع الشروط الفلسطينية لن تكون محل قبول وترحيب من الجانب الفلسطيني وسيتم رفضها،حيث ان قواعد اللعبة قد تغيرت مع توجه الفلسطينيين لتدويل القضية وخلق بيئة سياسية جديدة بعيدة عن التفرد الامريكي.
المبادرة الاخيرة التي طرحتها الولايات المتحدة وكانت تقضي بالعودة الى المفاوضات وإعطاء مهلة وتحديد سقف زمني مدته تسعة شهور للتوصل الى اتفاق بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي وتنتهي بالاتفاق على شكل الدولة، وكانت مشروطة بموقف امريكي في حال فشل المفاوضات،فشلت وانقضت المدة المحددة لذلك دون التوصل لاتفاق ولم نسمع ردود فعل امريكية تدين اسرائيل وتجبرها على الانصياع لقرارات الشرعية الدولية.
اذا كان الاهتمام الامريكي في المنطقة نابعا من دورها كقوة عظمى منوط بها حفظ الامن والسلم الدوليين فيجب ان تكون ردة فعلها بحجم اهتماماتها في المنطقة وان تعمل على احداث اختراقات في جدار التصلب الاسرائيلي وان تصارح الاسرائيليين بأن الوقت قد بدأ في النفاذ ولا يمكن اعادة عقارب الساعة الى الوراء، واذا كان الاهتمام الامريكي في المنطقة من اجل حماية مصالح اسرائيل فقط، فيجب اسقاط الرهان على الدور الامريكي.