السبت: 23/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الفلسطينيين في قلب الخارطة السياسية الاسرائيلية

نشر بتاريخ: 15/03/2015 ( آخر تحديث: 15/03/2015 الساعة: 10:54 )

الكاتب: د. هاني العقاد

مع احتدام المعركة الانتخابية في اسرائيل واقتراب يوم الاقتراح ترتفع موجات التوتر بين الاحزاب الاسرائيلية ليس بسبب رصيد كل حزب من الاصوات بل بسبب ظهور القائمة العربية الموحدة واقترابها من قلب الخارطة السياسية الاسرائيلية وازدياد التوقعات بحفاظها على المركز الثالث في الانتخابات البرلمانية ,ولم يتوقف هذا فقط عند حصول القائمة على المرتبة الثالثة بل أن المؤشرات في ارتفاع مستمر بما يتيح وصول القائمة العربية لتحقيق انجاز سياسي لم يعهد من قبل يستطيع فيه الفلسطينيين داخل إسرائيل أن يحددوا موقعهم السياسي سواء في جبهة المعارضة وبقائهم جسم ممانع قادر على التشارك مع الاحزاب ذات الفكر و الهدف و الوقوف في وجه كل المخططات التي تحاول اجهاض مشروع السلام العادل بالمنطقة او حتى المشاركة في حكومة ائتلاف يقودها اليسار وفي كلا الحالتين فإن النضال من خلال وجود العرب الفلسطينيين اليوم في قلب الخارطة السياسية بإسرائيل اصبح شكلا مختلفا عن السابق واصبح محط اهتمام كافة المراقبين ليس للداخل في اسرائيل بل لمراقبي الصراع و تطور اشكاله السياسية والديموغرافية .

بعد اقل من اسبوع هناك احتمالين كبيرين لدرجة أن يصبح احدهما واقع كبيرة ,الاحتمال الاول هو فوز معسكر ليفني هرتسوغ المعسكر الصهيوني وبالتالي يكلف ببدء المشاورات لائتلاف حكومي واسع و الاحتمال الاخر وهو الاقل حظوظا هو صعود معسكر الليكود وبالتالي يكلف بتشكيل الحكومة بائتلاف حكومة يمينية متطرفة ,لكن احتمال أن يفوز نتنياهو بولاية رابعة بدأ يتضاءل امام تقدم المعسكر الصهيوني الذي بدا في الايام الاخيرة يحقق نجاحات متواصلة وتصاعد في استطلاعات الرأي التي تنفذها جهات حكومية واعلامية مختلفة في اسرائيل واخرها استطلاع الراي الذي نفذته إذاعة الجيش الإسرائيلي وصحيفة هآرتس والذي افاد بتقدم المعسكر الصهيوني بمقعدين على حساب الليكود وحصول القائمة العربية على 12 مقعد , وسبق هذا الاستطلاع انتخابات تجريبية طبقت على مجموعات من عدد من طلبة الجامعات الاسرائيلية والذي اعطي نتائج دراماتيكية التوقع بحيث اظهرت النتائج نزول كبير في حظوظ معسكر الليكود ولم يصل الى النسب المعتادة في استطلاعات الراي السابقة وهذا ما دعا نتنياهو بالتوجه الى الاحزاب الأخرى بضرورة انقاذ المعسكر القومي والتصويت له, لكن نتنياهو حذر جمهور الناخبين في عراك انتخابي من التصويت لمعسكر هر تسوغ ليفني الذي يقدم على تنازلات سياسية في عملية انهاء الصراع التي قد تضر بالأمن الإسرائيلي وقال انه لن يدخل في ائتلاف مع هذا المعسكر .

بعيدا عن عراك وسباق الخيول الاسرائيلي الى الكنيست هناك خيل عربية اصيلة تنطلق بقوة نحو الكنيست ليس لغرض الحصول على عضوية الكنيست لأعضاء القائمة العربية وانما لتشكيل قوة سياسية مؤثرة تدفع باتجاه التغير في سياسة اسرائيل اتجاه فلسطينيي الداخل واتجاه الصراع وأنهائه حسب الاسس والاعراف الدولية وقرارات الامم المتحدة المتعلقة بهذا الشأن , كما وان هذا الخيل العربي الاصيل الذي يتمثل في اعضاء القائمة العربية الموحدة يعرف انه سوف يكون في قلب الخارطة السياسية بإسرائيل حتى لو لم يشارك في اي ائتلاف حكومي يقوده اليسار , لعل المشاركة في ائتلاف حكومي قد تكون محل جدل بين الاوساط العربية خاصة اذا ما قام الجيش الاسرائيلي بتوجيه ضربات الى الفلسطينيين في اي انفجار قادم بالضفة او غزة ,والسؤال هنا للجميع ما هو موقف القائمة اذا ما شاركت في ائتلاف من هذا النوع ؟ وهل تستطيع هذه القائمة الضغط على حكومة اسرائيل من داخل الحكومة اكثر ام من خارج الحكومة ؟ اعتقد أن بقاء الفلسطينيين خارج اي حكومة اسرائيلية ائتلافية افضل لهم و لنضالهم لان حكومة اسرائيل لم تنهي الاحتلال الاسرائيلي على الارض العربية والمشاركة في حكومة من اي نوع تعتبر تساوقا مع سياسة الاحتلال وقد لا تستطيع مثل تلك القوة الموجودة داخل خارطة الحكم أن تمثل قوة ضغط على رئيس الحكومة بالقوة التي يمكن لها أن تأتي بنتائج ,لكن اتحادها و توافقها مع احزاب اخري لتشكيل جبهة معارضة قوية تحشد داخليا وخارجيا ضد الاحتلال الإسرائيلي و استمرار اي حكومة اسرائيلية قادمة بالسير على نفس خطي حكومة نتنياهو في ممارسة العنصرية القاتلة و الاستمرار في المخططات التي تسارع الى تكثيف الاستيطان وتهويد القدس في محاولة لسباق الزمن لإعاقة اي تصور لحل الدولتين الذي تؤيده كافة دول العالم وكتلها السياسية و تؤيده كافة الدول العربية حسب مبادرة السلام العربية , كما وتسابق الزمن في تحويل اسرائيل الى دولة ذات قومية واحدة .

أن وصول الفلسطينيين الى مستوي سياسي مؤثر في الكنيست الاسرائيلي يعني انهم اصبحوا قوة سياسية عربية تتحدث باسم العرب واليهود المسحوقين في اسرائيل كجمهور يطالب المساواة وخاصة ان سياسة التميز العنصري طالتهم جميعا ابان الحكومات الاسرائيلية المختلفة , كما ويعني أن هذه القوة السياسية اثبتت أن اسرائيل كيان متعدد القوميات مهما كان الوزن الديموغرافي للفلسطينيين داخل اسرائيل, واثبتت في نفس الوقت انها تستطيع اسقاط كل مخططات اليمين المتطرف العنصرية والتهويدية ضد المقدسات الاسلامية و الارض العربية , ولعل قوة الفلسطينيين السياسية داخل اسرائيل انهم اصبحوا في قلب الخارطة السياسية الاسرائيلية ثابتين اقوياء يرفعوا صوتهم عاليا ويناضلوا ديموقراطيا من اجل تحقيق العدالة و المساواة للجميع .