نشر بتاريخ: 19/03/2015 ( آخر تحديث: 19/03/2015 الساعة: 13:52 )
الكاتب: سمير عباهرة
خلافا لما كان متوقعا كما اشارت استطلاعات الرأي العام التي كانت تشير الى فوز المعسكر الصهيوني وتراجع حزب الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو في الانتخابات البرلمانية الاسرائيلية التي جرت مؤخراً،فقد جاءت النتيجة معاكسة تماما لنتائج الاستطلاعات وفاز في الانتخابات حزب الليكود بزعامة نتنياهو وحصل على المركز الاول وبات المرشح الاوفر حظا لتشكيل الحكومة الاسرائيلية وتكون مواصفاتها تماما كما افرزتها الانتخابات من حيث تطرفها وتنكرها للحقوق الوطنية الفلسطينية كما اشار نتنياهو خلال حملته الانتخابية وتعهد بعدم السماح باقامة دولة فلسطينية لكن الثابت في طبيعة الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة ومنذ اكثر من عقدين من الزمن انها تعاني من عدم الاستقرار نتيجة المواقف السياسية للأحزاب المتصارعة.
ردود الفعل الدولية على نتائج الانتخابات الاسرائيلية جاءت متطابقة مع مواقف تلك الدول من عملية التسوية في الشرق الاوسط حيث اشار الناطق باسم البيت الابيض "جوش ايرنست" ان البيت الابيض لا زال يعتقد ان الحل القائم على دولتين هو الحل الافضل لإحلال السلام في المنطقة، وكذلك كان الموقف الفرنسي بضرورة تحريك المفاوضات بهدف التوصل الى اتفاق سلام شامل مع الفلسطينيين قائم على حل الدولتين.
لكن نتنياهو وخلال حملته الانتخابية كان قد قطع الطريق امام كافة الحلول وتحديدا فيما يتعلق بحل الدولتين ووضع المجتمع الدولي امام اختبار صعب وبات من المفترض البحث عن حلول تحفظ ماء وجه الدول الراعية لعملية السلام. وسيكون الامتحان الاصعب هو الذي تتعرض له الولايات المتحدة الامريكية بصفتها الراعي الاول لعملية التسوية اضافة الى ان عملية السلام في الشرق الاوسط كانت من صنعها وقدمت ضمانات والتزمت بتعهدات لإنهاء النزاع الفلسطيني الاسرائيلي وحصول الفلسطينيين على حقوقهم بإقامة دولة مستقلة لهم.
الولايات المتحدة انتظرت نتائج الانتخابات الاسرائيلية لتحدد سياستها من عملية السلام وكانت على اتصال دائم مع القيادة الفلسطينية من اجل عدم اتخاذ قرارات من شأنها ان تؤثر على طبيعة الصراع وتزيد من التدهور الحاصل اصلا في عملية التسوية. وعلى ما يبدو ان الولايات المتحدة كانت تراهن على تغير في الخريطة السياسية والحزبية الاسرائيلية لإطلاق المفاوضات من جديد،لكن بقيت السياسة الاسرائيلية على حالها بل ازدادت تشددا تجاه الفلسطينيين,
سيمتحن المجتمع الدولي فيما اذا كان على استعداد للدفاع عن قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي والتي تقوم اسرائيل بانتهاكهما، والامتحان الاصعب يقع على الولايات المتحدة وفيما اذا كانت فعلا جادة في تصحيح مسار عملية التسوية التي تتحمل اسرائيل مسئولية فشلها وذا كان بمقدورها مخاطبة نتنياهو بضرورة الانصياع للمجتمع الدولي الراغب فعليا في انهاء ملف الصراع في منطقة الشرق الاوسط وإعطاء الفلسطينيين حقوقهم.
القيادة الفلسطينية استجابت للرغبة الامريكية في عدم التصعيد على الجبهة السياسية مع اسرائيل وبقيت قرارات المجلس المركزي بوقف التنسيق الامني دون تنفيذ،وباتت القيادة الفلسطينية بانتظار موقف امريكي حسب الوعد المقطوع حيث التزمت القيادة الفلسطينية بعدم التصعيد مع اسرائيل لقاء خطوات تقوم بها الولايات المتحدة فيما اذا اصرت الحكومة الاسرائيلية القادمة على الابقاء على حالة التشدد تجاه الفلسطينيين.
سياسة الولايات المتحدة في المنطقة باتت امام مفترق طرق ومن المفترض الدفاع عنها حيث ان عملية التسوية في المنطقة كان مشروعا امريكيا لحل الصراع بحيث يسود الامن والاستقرار في هذه المنطقة التي عانت كثيرا من ويلات الحروب، وان استمرار اسرائيل في سياستها هذه يعتبر ليس موجها ضد الفلسطينيين والقضية الفلسطينية بل موجها ضد عملية التسوية التي اطلقتها الادارة الامريكية.
واذا اصر نتنياهو على مواقفه فهناك خيارات كثيرة امام الولايات المتحدة تستطيع من خلالها ممارسة ضغوطها على نتنياهو وذلك بدعم المشروع الفلسطيني في الاعتراف بدولة فلسطينية في مجلس الامن وعدم استخدام الفيتو، وعندها ستنحصر الخيارات امام نتنياهو ويضطر للالتزام برغبة المجتمع الدولي والعودة الى المفاوضات بتحديد سقف زمني وتكون نتيجتها الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة.