الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

بلاطة ... لا نصطاد السمك بالديناميت

نشر بتاريخ: 21/03/2015 ( آخر تحديث: 21/03/2015 الساعة: 20:30 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

على الهواء مباشرة اتفق معنا رئيس الوزراء الدكتور رامي الحمد الله انه لا داعي لظاهرة الحملات الامنية على المخيمات في الضفة الغربية لان الامر غير مجدي اولا وغير حضاري ثانيا ويكسر هيبة النضال ويخلق وعي مشوّه عند الاطفال والجيل الجديد ، كما ان نتائج الحملات الامنية في التجارب السابقة لم تطرح سوى الثمار المرّة ، وقد تحوّلت الى نوع من انواع العقوبات الجماعية بجريرة ملاحقة نفر من الخارجين على القانون او المعارضين للسلطة ( في غالبيتهم نشطاء سابقون في حركة فتح او مسلحين بالغضب وعدم تسوية اوضاعهم التنظيمية ) .

ان الحملات الامنية على المخيمات ارهاصات ممجوجة ، تشبه اصطياد السمك بالديناميت ، اضرارها أكثر من منافعها ، ومن يصطاد السمك بالديناميت اما انه صياد فاشل لا يملك الصبر او صياد انه لا يملك التجربة . وفي كلتا الحالتين يكون الدافع هو الجشع والرغبة في الحصول على صيد بأي طريقة مهما كانت الاضرار الجانبية والبيئية .

المخيمات ليست عدوا للوطن ، ولا هي خارجة على القانون ، ولا هي عبئا يثقل ظهر القضية . بل هي القضية ذاتها ، وهي العمود الفقري للنضال والمقاومة ، وليس من باب الصدفة ان تلفزيون اسرائيل يقوم ببث سلسلة تقارير عن المخيمات وشظف العيش فيها ، وان حلقة بلاطة التي بثها التلفزيون الاسرائيلي كانت تشير بوضوح ان هناك طرف ثالث يعمل على استثمار الغضب المتّقد في أزقة المخيمات لصالح الاصطدام القادم .

لا يوجد عدالة في التوزيع ، ولا يوجد عمل كاف ، وهناك ارتفاع كبير في نسبة البطالة داخل المخيمات ، بالتزامن مع نقص الخدمات المقدمة من وكالة الغوث ، واستنادا الى عدد السكان نسبة وتناسبا فان عدد العاملين في السلطة من ابناء المخيمات سواء في المناصب العليا او الدنيا في حدها الادنى ، يضاف الى ذلك ان معظم مشاريع المموّلين لا تشمل المخيمات سواء في مشاريع الاستثمار او التطوير او البنى التحتية او المرأة او الطفل ولا يصل الى المخيمات سوى ما يفيض من مشاريع عند المنظمات غير الحكومية .

كما ان الفصائل والقوى هجرت المخيمات ونقلت مقارها الى الاحياء الراقية في المدن والى المدن الجديدة وصارت معظم نشاطاتها وحتى انطلاقة الفصائل تتم في فنادق خمسة نجوم وليس في شوارع المخيمات المهملة ، وبذلك يكتمل مثلث الهجران من السلطة والمنظمات غير الحكومية والفصائل ، فترى المخيمات تتراكم فوق همومها وجرحاها وشهداء المقاومة الشعبية فيها ، ولولا بعض الاهتمام - جزئي - من بعض وسائل الاعلام المحلية لما سمع احد بهموم اللاجئين في هذه المخيمات .

ان اصابة طفلين عمره 8 سنوات واّخر عمره عشر سنوات في بلاطة امر خطير وقاهر ومؤلم ، وان المسؤول عن الجريمة ( سواء كان مجند او مسلح ) هو من ينشر فكرة ان  المخيمات في الضفة الغربية مرتعا للمجرمين ومأوى للهاربين / في حين ان المخيمات  محكومة لتنظيمات منضبطة وقوية وقادرة على حماية نفسها وحماية الوطن كله ان لزم الامر .

شركاء في الوطن ، لا يعني ابدا اننا شركاء في الهم والفقر والقهر فقط ، ولا يعني ان المخيمات عليها ان تواجه المحتل وتموت وتطلق النار وتتظاهر وتنزف . شركاء في الوطن يعني اننا شركاء في القرار ايضا ، ومن لا يشعر بوجود المخيمات فان المخيمات لن تشعر بغيابه .