نشر بتاريخ: 22/03/2015 ( آخر تحديث: 22/03/2015 الساعة: 11:38 )
الكاتب: د.حازم الشنار
على الرغم من الفوارق الكبيرة بين نتائج أستطلاعات الرأي السابقة للانتخابات والتي اشارت الى تفوق المعارضة، ونتائج العينات التي اخذت من صناديق الاقتراع قبل اقفالها والتي اشارت الى تقارب المعسكرين، واخيرا تلك التي جاءت بها النتائج النهائية والتي اظهرت استمرار تفوق معسكر اليمين، حيث جاءت الفروقات الاولى في الغالب نتيجة حملة التخويف والتضليل العنصري التي قادها بنيامين نتنياهو عشية واثناء الانتخابات وجاءت الثانية نتيجة تكتم بعض منتخبي الليكود عن حقيقة اختيارهم الا ان النتائج النهائية للانتخابات لم تكن تماما لصالحه كما يتخيل البعض.
فقراءة متأنية لنتائج الانتخابات الاسرائيلية الاخيرة تظهر ان الهدف الرئيسي الذي سعى اليه نتنياهو من وراء اجراء الانتخابات المبكرة وهو الحصول على ائتلاف حكومي مستقر ويتمتع باغلبية مريحة لم يتحقق تماما . فإن كان نتنياهو قد نجح في تعزيز مكانته ومكانة حزب الليكود داخل معسكر اليمين على حساب الاحزاب الدينية التي خسرت تسعة مقاعد (البيت اليهودي4 وشاس 4 وايهود هتوراة 1) كما تقلصت قاعدة الاحزاب الدينية واليمينية المتطرفة الاخرى وخصوصا انصار ايلي يشاي وباروخ ميرزيل، حيث لم تجتز كتلة "ياحد" بقيادة ايلي يشاي حاجز الحسم وكان متوقعا لها لو نجحت ان تحوز على اربعة مقاعد على الاقل وحتى حزب ايسرائيل بيتينو برئاسة افيغدورليبرمان لم يفز سوى بست مقاعد بعد ان حاز في اخر انتخابات خاضها لوحده على 15 مقعدا.
كما ادت الانتخابات الى بروز حزب اقتصادي اجتماعي جديد "كلنا" بقيادة موشيه كحلون مستقل عن الليكود وان كان سياسيا قريب منه مما قد يساعد في قلقلة استقرار الائتلاف الحكومي، حيث حصل هذا الحزب على عشرة مقاعد يعتقد ان 6 منها على الاقل قد كسبها من حزب "هناك مستقبل" نتيجة كونه الاقرب لبرنامجه مما يعزز التناقض بين الحزب الاخير و معسكراليمين واحتمال انضمامه للمعارضة .
وقد قاد القطب الثاني خلال الانتخابات الاخيرة ائتلاف اليسار الصهيوني- حزب"العمل" برئاسة حاييم هرتصوغ مع المركز حزب "الحركة" برئاسة تسيبي ليفني من خلال ما يسمى ب"المعسكر الصهيوني" مما عزز قوة هذين الحزبين واكسبهما ثلاثة مقاعد اضافية ربما تكون هي مقعدي "كديما" ومقعد "ميرتس" المفقود رغم ان كل التوقعات كانت تشير الى تفوق هذا المعسكر على معسكر اليمين بفارق اكبر. كما ادى توافق الاحزاب العربية في الكنيست السابقة الى بروز القائمة المشتركة كقوة ثالثة في الكنيست الحالية وكسبها لمقعدين اضافيين حيث فازت بثلاثة عشر مقعدا وكان بامكانها الحصول على عدد اكبر من المقاعد لولا نشاط تيار المقاطعة في بعض اوساط العرب.
وبالمحصلة فقد تقلصت ولو بشكل ضئيل(بمقعدين ) قاعدة التصويت لمكونات الائتلاف الحكومي السابق (من80 الى 78مقعد) حتى مع ما حققه حزب "كلنا" الجديد وما تبقى من مقاعد لحزب "هناك مستقبل" وذهبت تلك الزيادة لصالح المعارضة حتى بدون انضمام الحزب الاخير اليها (حيث زادت قوتها من 40الى 42 مقعدا)، اما في حال انضمامه اليها فسيصبح لديها 53 مقعدا وسيكون الائتلاف الحكومي مبنيا من 67 مقعدا فقط وخاضع لمزاجات كحلون وبينت وليبرمان ناهيك عن درعي وشاش، ومن الصعب تخيل يائير لبيد يجلس مع كل هؤلاء وهو في حالة اضعف.
وهكذا فإن المحصلة الاجمالية للانتخابات الاسرائيلية الاخيرة لا تميل بالكامل لصالح اليمين بقيادة بنيامين نتنياهو واستقرار ائتلافه الحكومي الضيق كما اعتقد البعض،مما سيجعل حكومة برئاسة نتنياهو مهما كانت (عدا عن خيار حكومة الائتلاف القومي) غير مستقرة، ناهيك عن تعرضها لمزيد من الضغوط الخارجية والعزلة الدولية نتيجة تفوهات نتنياهو في حملته الانتخابية ضد حل الدولتين وعدم الانسحاب من المناطق الفلسطينية وضد العرب في اسرائيل.