السبت: 23/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الانتخابات الإسرائيلية .. رسائل الحب والحرب

نشر بتاريخ: 22/03/2015 ( آخر تحديث: 22/03/2015 الساعة: 11:42 )

الكاتب: عمر فارس أبو شاويش

انتهت الانتخابات الإسرائيلية، بعد مرحلة ترقب عصيبة عصفت بالمجتمعين الفلسطيني والإسرائيلي، فالأول، يتابع من منطلق فهم أيدولوجيا المرحلة الإسرائيلية القادمة ومدى تعاطيها مع الموقف السياسي الفلسطيني، أهو ذاهب باتجاه التخفيف من حدّة التوتر بالتالي إيجاد مقومات حياتية مقبولة فلسطينياً قدر المستطاع، أم هو الطريق إلى العنف واستمرار العدوان على شعبنا الفلسطيني وإقامة المزيد من البؤر الاستيطانية وتفتيت الحياة، أما الثاني هو الذي يتعلق بالشأن الداخلي الإسرائيلي، حيث بات المجتمع منقسماً بشكل واضح إلى قسمين، قسم يميل للتطرف وهو السائد خاصة بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2014 وقسم يميل إلى الاعتدال، وفي كلا الحالتين، فإن النظر إلى القضية الفلسطينية واحد، على اعتبار أنها القضية العدو للمجتمع الإسرائيلي ككل، ولا يوجد داخل إسرائيل من يؤمن بحقيقة السلام، أو حقيقة وجود شعب فلسطيني يمتلك وطن وهوية وأرض وحرية .

ومما لا شك فيه، أن الانتخابات الإسرائيلية أفرزت لنا نتائج متوقعة، خاصة وأن اليمين المتطرف أو اليسار أو المعسكر الصهيوني، تجمعهم رسائل الحب والحرب، هي رسائل الحب للمجتمع الإسرائيلي، التي تتّسم بالعمل الدءوب لخدمة الشعب الإسرائيلي في كافة مناحي الحياة، ورسائل الحرب موجهة إلى صدر أبناء شعبنا، وهو العكس المؤلم لواقعنا الفلسطيني، حيث لا أحد من الفصائل الفلسطينية على اختلاف مسمياتها، يمتلك رسائل الحب والحرب بالشكل الصحيح والسليم، لا أحد يتطلع إلى آمال وتطلعات أبناء شعبنا، ويسعى إلى الارتقاء بواقع المجتمع والبناء والتقدم على كافة الصعد، ولا أحد يمتلك الرؤية الصائبة لإدارة العمل العسكري المقاوم ضد إسرائيل، كلٌ يمتلك رسالته الخاصة، دون النظر إلى مرجعيات أخلاقية ووطنية ومجتمعية صادقة، المجتمع بحاجة إلى اهتمام، والعدو بحاجة إلى قيادة فلسطينية تدير الصراع على المستويين السياسي والعسكري .

لماذا نراقب انتخابات العدو عن كثب، ونتطلع إلى نتائج تنصف الموقف الفلسطيني، بينما، ونحن في مواكبة الواقع الفلسطيني، نجد موقفاً فلسطينياً ممزقاً يحمل عناوين مختلفة، وتفاصيل مختلفة، وحياة هشّة سياسياً ومجتمعياً، أفرزت تحجراً في الموقف الفصائلي على حساب الموقف الفلسطيني، حتى علت راية الحزب فوق كيانية العلم الفلسطيني، وأصبح المال الإقليمي السياسي من هنا وهناك هو سيد الموقف، حيث اختصرت القضية الفلسطينية برمتها في معبر، وأنبوبة غاز وحفنة من مواد البناء، وشارع ساحلي طويل يمرّ عنه كل الفرقاء، ليتهم كل منهم الآخر، بأنه السبب في تعكير صفو مزاج هذا الشارع الطويل، وسبب عثراته .

ما أتطلع إليه، كمواطن فلسطيني، يتعايش مع واقع مجتمعه وأناسه، أنه بالإمكان التساؤل: لماذا لا نصل إلى المرحلة التي نجبر الاحتلال الإسرائيلي على متابعة الانتخابات التشريعية الفلسطينية، ليوصل الليل بالنهار، هماً وانشغالاً، فيما ستفرزه الانتخابات، ليرسم سياساته بما يقرره الشعب الفلسطيني، وليس بما تقرره الفصائل البعيدة كل البعد عن الشعب .

أقصد: هل تابعت الفصائل الفلسطينية، الانتخابات الإسرائيلية من منطلق البحث والدراسة واستخلاص العبر، أم كالمتابع المتباهي صاحب العضلات الذي لا يخشى شيء والذي يتحدث بلغة المنتصر دائماً، دون معايشة الواقع الفلسطيني المؤلم، المنهار اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً والتباعد عن حاجيات الناس والقفز على جراحاتهم وآلامهم ومعاناتهم .

المطلوب فلسطينياً، ألا نقف كالمتفرج على انهيار الموقف السياسي الفلسطيني ونضوج الموقف السياسي الفصائلي الضيّق والأعمى، والخروج من عتمة الواقع والنظر إلى الأفق القريب والبعيد، في فهم لغة العدو وسياسته العنصريتين، وكتابة رسالة الحب والحرب من واقع هموم ومعاناة الناس وأوج القضية الفلسطينية، لتبقى رسالة الحب هي رسالة المحبة للكل الفلسطيني والتآخي والتقارب والتعاون ورسم مستقبل قادم مشرق، ورسالة الحرب هيَ استخلاص العبر وإيجاد قيادة سياسية حقيقية جامعة، بإمكانها تحديد مسار السلم ومسار الحرب، ومن موقف وطني، بعيداً عن أي تدخلات خارجية وإقليمية، حينها، سيقف اليمين المتطرف واليسار والمعسكر الصهيوني وقفة المهزوم والمهزوز، وسيتابع بقلق وخوف كبيرين ما سينتج عنه من مواقف مشرفة، مهما بلغ صوابها وخطأها ، هي فلسطينية وطنية خالصة .

هل ستمتلك الفصائل الفلسطينية رسائل الحب والحرب بحكمة وحنكة وطنيتين جامعتين، أم ستظل في وجه الريح الإسرائيلية كلما تجمعت أعواد الشعب الفلسطيني متوحدةً، تصلب الموقف الحزبي الضيق وفرّق شملنا ؟!