الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

يُحِبُّ امرأته رغم نكدِها

نشر بتاريخ: 29/03/2015 ( آخر تحديث: 29/03/2015 الساعة: 14:37 )

الكاتب: عطا الله شاهين

حينما يصحو ذاك الرّجل الغلبان في كُلّ صباحٍ يجدُ أمامه النّكد متربعاً على وجه امرأته الجميلة.. فيحاولُ التّملُّصَ منها بحججٍ كثيرة كأنّه يتأخّر عنْ عمله وأنّه مهمومٌ بمشكلةٍ ما تواجهه في عمله .. تقتربُ منه في صباحٍ ربيعي بوجهها المليء بالنّكدِ الأسود كالعادة وتطلبُ منه بأنْ يُحضرَ لها الآن الكثير مِنَ اللحوم والدّجاج.. فيصرخُ بوجهها منْ أين النُّقود ؟ فأنا لا أملكُ إلّا بعض الشّواكل كمصروفٍ يومي للمواصلات ، وأنتظرُ راتبي بكُلّ شغفٍ.. كفى ديوناً .. صرتُ أهربُ مِنَ الباعةِ ومِنْ كُلّ النّاس .. لقد كثرتْ عليّ الدُّيون وأنتِ تطلبين مني في كُلِّ صباحٍ بشراءِ أشياءٍ لا تنفعنا مع أنها ضرورية.. 

كانتْ تصغي له ولكنّها تصرُّ على شراءِ اللحوم فتقول: اليوم سيأتي عندي ضيوف وأنا أخجلُ إذا ما قمتُ بالواجبِ وهو يفهمُ بأنها تريد طبخَ عدّة طبخات من اللحوم والخضار لأنّها لا تريدُ أنْ تعاير فهي تريدُ أنْ تبيّن بأنّها تعيش حياةً عادية مع أنّها تأكلُ في كلِّ يومٍ خُبزا بالشّاي.

لا يمكنُ أنْ يخرجَ بدون نكدٍ أسود على مُحيّاه المُتعَب مِنْ حياةٍ صعبة يواجهها .. ففي كُلّ صباحٍ يتعكّرُ مزاجه من النّكد ويتمتمُ وهو على عتبةِ الباب المخلوع والله تعبتُ من كثرة الضُّيوف ألا يشعرون بوضعي المادي المتردي والمشكلة أنهم لا يبقوا لي طبقاً وحظّي أنني متزوجٌ مِنْ امرأةٍ تُحِبُّ الفشخرة وأنا أتعذّبُ في نكدي الصّباحي الذي يجعلني في حيرةٍ مِنْ أمري ولكنني أُحِبُّها فهي ذا سحنة ساحرة يملؤها النّكد مع أنني لا أستطيعُ الإستغناءَ عنها فهي امرأة تختلفُ عنْ الأُخريات في كلّ شيءٍ فلا يمكنني أنْ أهجُرها حتى لو بقيتْ نكدة في صباحاتها..

يخرجُ إلى عمله.. وفي المساء يعودُ بلا لحوم فيعلو صوتهما.. يسمعُ الضُّيوف صراخهما فيخرجوا لاستعلام الأمر .. فيشكو الزّوجُ من كثرة طلباتها اليومية فيهدأُ الضُّيوف من عصبيته ويقولون له لا تقلقُ سنخرجُ الآن إلى مطعمٍ قريب ولا تهتمُّ فأنتَ دعوتنا إلى بيتكِ عشرين مرّة ونحنُ ولا مرّة .. فيُسرُّ الزُّوج ويفرُّ النّكد من على وجهه لأنّه سيأكلُ هذه المرّة لحماً.. يقتربُ من زوجته ويهمسُ لها رغم نكدكِ إلا أنني أُحبُّكِ .. فتبتسمُ له وكأنّ النّكدَ اختبأَ خلفَ مُحيّاها الجميل مؤقتاً ..