السبت: 23/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

هل نحن على مشارف حرب المائة عام (العربية/ العربية)

نشر بتاريخ: 30/03/2015 ( آخر تحديث: 30/03/2015 الساعة: 10:22 )

الكاتب: ناصر دمج

هل نحن على مشارف حرب المائة عام (العربية/ العربية) والتي من المتوقع أن لا تدركها أي نهاية قبل يكمل هذا القرن عامه المئوي ؟؟

التطورات الدراماتيكية في حالة المشهد السياسي للمنطقة العربية تقرب موعد الضربة الإسرائيلية لإيران بدعم عربي وثيق؛ أمام ذلك من المتوقع أن لا تتمكن إيران من القيام برد فعل ذي قيمة رداً على ضرب إسرائيل لمنشئاتها النووية، لأن تلك الضربة لن تكون إسرائيلية صافية، ما سيتسبب في تشتيت الرد الإيراني وإفراغه من إنتاجيته العسكرية والإستراتيجية، والضربة الإسرائيلية ستتم بتوافق الحلفاء أجمعين وستحمل بصماتهم جميعاً.

يعني ذلك بأن إسرائيل ستتحول إلى قائد فعلي للمنطقة العربية، وفقاً لنبوءة (شمعون بيرز) صاحب الطبعة الإسرائيلية من مشروع (الشرق الأوسط الجديد) التي افترض فيها قيادة العقل الإسرائيلي للإمكانيات العربية النادرة، كالنفط والغاز والشمس والرياح والقوى العاملة؛ وهي غير القادرة على خدمة الإنسان العربي بنفس الكفاءة التي تخدم فيها الآخرين.

بطريقة أو بأخرى تطوى الأحداث وفقاً لمشيئة الغرب وإسرائيل، بدليل إن وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة (كونزاليزا رايس) سبق لها أن قالت: في نيسان عام 2004م "إن تطبيق مشروع الشرق الأوسط الجديد يحتاج لشلال من الدماء، لكي ينجح" وهو المشروع الذي عدله (رالف بيترز Ralph Peters) وهو ضابط أمريكي متقاعد يحمل رتبة جنرال، ليحمل اسم (حدود الدم Blood borders)، أي إعادة ترسيم حدود الدول الجديدة وتسكين السكان الجدد فيها بناء على بنوة وعلاقة الدم بينهم، أي على أسس عرقية وإثنية؛ وليس على أسس وطنية، وهو أمر يمهد لتحول دول المنطقة لدول دينية (مثل إسرائيل) وتصبح السمة الدينية هي الهوية القومية الجديدة للشعوب والدول الجديدة وليس العروبة والانتماء القومي.

إذن نحن على مشارف حرب المائة عام (العربية/ العربية) والتي من المتوقع أن لا تدركها أي نهاية قبل يكمل هذا القرن عامه المئوي، ويعود الفضل في جر الدول العربية إلى هذا المنزلق، (المحافظون الجدد) بقيادة "جورج بوش الأب" الذين تبنوا رؤية (برنارد لويس Bernard Lews) لتقسم الوطن العربي، وهي رؤية تعادل في خرابها اتفاقية "سايكس بيكو" الأولى عام 1916م، التي مهدت لوعد بلفور.

وتمكن لويس من إقناع المحافظين الجدد من إشعال نار حرب الخليج الثانية 1990م، ومن غزو أفغانستان عام 2001م والعراق عام 2003م، لتوفير البيئة المثالية لنمو غراس الانقسام والانشطار الذاتي للوطن العربي؛ وإذكاء نار النعرات الإثنية والعرقية والطائفية داخل الدول العربية، مضاف إليها دول الجوار الإسلامي مثل باكستان وإيران، لتصبح (52) دويلة، بحيث تختفي الأمة العربية ومعها خريطة الوطن العربي لمصلحة نظام إقليمي جديد تصبح فيه إسرائيل الدولة الكبرى المهيمنة والقائدة، ووصفت جريدة (وول ستريت جورنال) في افتتاحيتها صباح 21 أيلول 2004م، برنارد لويس "بأنه مزود إدارة [جورج بوش الابن] بما يلزمها من الذخيرة الأيديولوجية حول حربها ضد الإسلام في الشرق الأوسط" وبهذا اعتبر [لويس] بلا منازع منظر وباعث فكرة الحرب على الإرهاب التي بدأت بعد تفجير برجي التجارة العالميين في نيويورك عام 2001م.

وتعتمد نظرية لويس على فكرة "أن العرب والمسلمين قوم فاسدون ومفسدون وفوضويون لا يمكن تحضيرهم، وإذا تركوا لأنفسهم فسوف يفاجئون العالم المتحضر بموجات بشرية تدمر الحضارات وتقوض المجتمعات، ولذلك فإن الحل السليم للتعامل معهم هو إعادة احتلالهم واستعمارهم وتدمير ثقافتهم وتطبيقاتها الاجتماعية، وفي حال قيام أمريكيا بهذا الدور فإن عليها أن تستفيد من التجربة البريطانية والفرنسية في استعمار المنطقة لتجنب الأخطاء والمواقف السلبية التي اقترفتها الدولتين".

وبهذا اعتبرت أفكار (برنارد لويس) مشروعاً تنفيذياً للرؤية الصهيونية الحالمة بتقسيم الوطن العربي. على أسس مذهبية وإثنية لأنه بذلك تتوفر الظروف الجيوسياسية والديمغرافية التي تسمح بتقبل إسرائيل كدولة إثنية صافية لليهود، وخاصة بعد موافقة الكونغرس الأمريكي على مخططه بالإجماع في جلسة سرية عقدت في ربيع عام 1983م، وتم تقنين المشروع وإيداعه ضمن الملفات السرية الخاصة بالأمن القومي الأمريكي.

وفي معرض شرح (لويس) لنظريته يقول: "أصبح من الضروري إعادة تقسيم الأقطار العربية والإسلامية إلى وحدات عشائرية وطائفية ولا داعي لمراعاة خواطرهم أو التأثر بانفعالاتهم وردود أفعالهم، ويجب أن يكون شعار أمريكيا في ذلك إما أن نضعهم تحت سيادتنا أو ندعهم يدمروا حضارتنا، ولا مانع عند إعادة احتلالهم أن تكون مهمتنا المعلنة هي تدريب شعوب المنطقة على الحياة الديمقراطية، وخلال هذا الاستعمار الجديد، لا مانع من أن تقوم أمريكا بالضغط على قياداتهم الإسلامية بدون مجاملة ولا هوادة، ليخلصوا شعبهم من المعتقدات الإسلامية الفاسدة، ولذلك يجب تضييق الخناق على هذه الشعوب ومحاصرتها واستثمار التناقضات العرقية والقبلية والطائفية فيها، قبل أن تغزو أمريكيا وأوربا لتدمر الحضارة فيها".

ونشرت مجلة (فورن أفيرز Foreign Affairs) الأميركية في خريف 1992م، نسخة مجددة لمخطط (برنارد لويس) القديم تحت عنوان (إعادة النظر في الشرق الأوسط)، انطلق فيه من ضرورة دفع العرب للتخلي عن حلم القومية العربية الذي طال تقديسه، والمتعلق بدولة عربية موحدة أو حتى بكتلة سياسية متماسكة ورسم لويس خارطة محدثة للشرق الأوسط الذي وصلت حدوده الجغرافية إلى الجمهوريات الإسلامية المستقلة حديثاً عن الاتحاد السوفيتي، ودعا لويس إلى إلغاء دور العرب في التاريخ الجديد للمنطقة لمصلحة قوى إقليمية أخرى مثل إسرائيل.