نشر بتاريخ: 30/03/2015 ( آخر تحديث: 30/03/2015 الساعة: 14:59 )
الكاتب: رامي الشرافي
بعد نكبة 1948م، وجد الفلسطينيون داخل فلسطين المحتلة عام 1948 أنفسهم أقلية غريبة في وطنهم ومعزولة عن بقية أبناء شعبهم وأمتهم العربية. بما ان النخب السياسية والدينية والاقتصادية والتعليمية، التي كانت متمركزة في المدن، نزحت خلال النكبة، فإن هذه الاقلية بقيت من دون قيادة ترعى مصالحها وتدافع عن حقوقها.
استخدم الكيان الصهيوني سياسة مزدوجة لأبناء الاقلية العربية الفلسطينية، منحتهم الجنسية (الإسرائيلية) اعتبرتهم مواطنين قانونياً، ومن ناحية أخرى احكمت السيطرة عليهم من خلال فرض الحكم العسكري الذي بقي ساري لعام 1966.
من خلال هذه السياسة عمل الكيان الصهيوني على منع التنقل إلا بتصريح من الحاكم العسكري، وطبقت سياسة "فرق تسد" وعززت الانقسامات الداخلية بينهم، بحسب الدين والحمولة والمنطقة الجغرافية، ونجحت في تقليص الاتصالات والتفاعلات الاجتماعية فيما بينهما.
رغم هذه السياسة الممنهجة من قبل الكيان، لم يتنازل الفلسطينيون داخل فلسطين المحتلة في هذه الفترة هويتهم القومية العربية، رغم تحسين أوضاعهم الاقتصادية من خلال استيعابهم في سوق العمل الإسرائيلية لم يتناقضا، مع تأييدهم للحركة القومية العربية بزعامة الرئيس جمال عبد الناصر في خمسينيات وستينيات القرن الماضي.
ولم تكن انتفاضة يوم الأرض وليدة صدفة، ولم تكن كذلك نتيجة السبب المباشر الذي أشعل فتيلها وهو مصادرة دفعة جديدة من الأراضي الفلسطينية، بل كانت وليدة مجمل الوضع الذي يعانيه الشعب العربي الفلسطيني في فلسطين المحتلة منذ قيام الكيان الصهيوني .
إن احتلال إسرائيل للأجزاء الباقية من فلسطين في حرب 1967، كان له نتيجة إيجابية وحيدة للفلسطينيين، كونه أعاد في البداية بعض الصلات التي تقطعت بعد نكبة 1948، وأتاح للاجئين والمقيمين في الضفة الغربية وقطاع غزة أن يعيدوا وصل ما انقطع مع عائلاتهم وأصدقائهم الذين بقوا فيما أصبح بما يسمى (إسرائيل) بعد النكبة. وخلال العقدين التاليين كانت الحركة عبر الخط الأخضر وبين الضفة الغربية وغزة سهلة نسبياً، فضلاً عن إمكان السفر إلى الخارج عبر الأردن ومصر. وفي الوقت ذاته، كان لصعود منظمة التحرير الفلسطينية بعد سنة 1967، كإطار لحركة تحرر وطني، أثر إيجابي في الفلسطينيين داخل فلسطين المحتلة (داخل إسرائيل)، لأنه أعطاهم إحساساً بالقوة، وأشعرهم بأنهم جزء من مشروع وطني آخذٍ في البروز.
ويوم 30 أذار هو يوم يحييه الفلسطينيون في من كلّ سنة ذكرى يوم الأرض الخالد، والذي تعود أحداثه لآذار 1976 بعد أن قامت سّلطات الكيان بمصادرة آلاف الدّونمات من الأراضي ذات الملكيّة الخاصّة أو المشاع في نطاق حدود مناطق ذو أغلبيّة سكانيّة فلسطينيّة مطلقة، وخاصّة في الجليل. على اثر هذا المخطّط قرّرت الجماهير العربيّة بالدّاخل الفلسطينيّ المحتل بإعلان الاضراب الشّامل، متحدّية ولأوّل مرّة بعد احتلال فلسطين عام 1948 سّلطات الكيان الصهيوني، وكان الرّدّ الصهيوني عسكريّ شديد إذ دخلت قوّات معزّزة من الجيش مدعومة بالدّبّابات والمجنزرات إلى القرى الفلسطينيّة وأعادت احتلالها موقعة شهداء وجرحى بين صفوف المدنيّين العزل.
صادرت قوات الكيان الصهيوني من أراضي عدد من القرى العربية في الجليل الأوسط منها عرّابة وسخنين ودير حنا (وهي القرى المثلّث) وذلك في نطاق مخطّط تهويد الجليل. تحت عنوان: مشروع "تطوير الجليل"، وهي الخطة التي تعد من أخطر ما خططت له واشتمل على تشييد ثمان مدن صناعية في الجليل وهو ما يتطلب مصادرة 20 ألف دونم من الأراضي العربية ذلك أن نظرية الاستيطان والتوسع توصي بألا تُقام مظاهر التطوير فوق الأراضي المطورة، وإنما فوق الأراضي البور والمهملة، وهي التسميات التي تُطلق على الأراضي التي يملكها العرب.
فقام فلسطينيو 1948 بإعلان إضراب عام وقامت مظاهرات عديدة في القرى والمدن العربية وحدثت صدامات بين الجماهير الفلسطينية المتظاهرة وقوى العدو الصهيوني فكانت حصيلة الصدامات استشهاد 6 فلسطينيين.
ورغم مطالبة الجماهير العربية الفلسطينية سلطات الكيان الصهيوني بإقامة لجنة للتحقيق في قيام مجرميه بقتل مواطنين عُزَّل إلا أن مطالبهم قوبلت بالرفض التّام بادعاء أن قواته الصهيونية واجهت قوى معادية.
اليوم يوم الأرض الذي نتطلع فيه الى فلسطين التاريخية كل فلسطين، هناك في القدس والجليل و وسهول عكا وحيفا ويافا وأسدود والمجدل والرملة واللد ومرج ابن عامر وبيسان والنقب، ومدنه بئر السبع ورهط وأم الرشراش، يوم الأرض تتوحد الأرض الفلسطينية وتتوحد الهوية العربية الفلسطينية.