الخميس: 26/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

الامال والطموحات والثقة الفلسطينية بالمجتمع الدولي

نشر بتاريخ: 01/04/2015 ( آخر تحديث: 01/04/2015 الساعة: 11:06 )

الكاتب: د. سليمان عيسى جرادات

اعتمد الرئيس الفلسطيني محمود عباس في نهج سياساته الداخلية والخارجية على مبدأ لكل زمان دولة ورجال وسياسة خارجية متوازنة مع كافة الاطراف المحليين والإقليميين والدوليين مع المزج بين أصحاب الخبرة ورفاق النضال والكفاح من الحرس القديم الذي يعتبر اكثر دراية وحنكة في التعاطي مع القضايا المحلية والإقليمية والدولية ومع الجيل الطامح والذي فتح له ابواب الوصول لمصادر القرار ، واليوم وبعد مخاض لعقود مضت بالدبلوماسية الفلسطينية يعتبر الرئيس الفلسطيني احد امهر واشهر السياسيين في منطقة تعتبر من الاماكن الاكثر حساسية لأي تصريح او خطاب ، لذا فان الحكمة في ادارتة للمعركة السياسية الفلسطينية ستجود بما هو أكثر من ذلك على الفلسطينيين مستقبلا باعتماده سياسة تقوم على مبادئ والتزامات أخلاقية بما يتوافق مع المشروع الوطني الفلسطيني إذاً هذا فعل قيادي حكيم يؤسس لواقع جديد عندما قرر الرئيس الفلسطيني والقيادة الفلسطينية التوجه للأمم المتحدة أن القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني لا تستطيع أن يتحتمل أكثر للسياسة التوسعية الاستيطانية المستفزة في اراضي الدولة الفلسطينية والانتهاكات اليومية وحجز الاموال الفلسطينية والابتزاز الشبة اليومي والسكوت الأمريكي والمجتمع الدولي عن ذلك.

وبعد ترك القضية الفلسطينية متروكة للفلسطينيين وحدهم بالملعب الدولي وإدارة الصراع السياسي والدبلوماسي والمقاوم للفلسطينيين امام جبروت واله الحرب الإسرائيلية وعدم تمكن الدول الاكثر تأثيرا على الساحة الاقليمية والدولية وخاصة دول دائمة العضوية في مجلس الامن باستثناء الولايات المتحدة الامريكية التي تقف عائقا امام امال وطموحات الشعب الفلسطيني في مجلس الامن ، بالرغم من الدعم المطلق من روسيا والصين وفرنسا والتفاوت بمواقف بريطانيا ، بالإضافة الى مواقف بعض دول اقليمية ودولية اخرى من التأثير على القرار الاسرائيلي بإلزامه بالمواثيق والمرجعيات الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية بالانسحاب من اراضي الدولة الفلسطينية عام 1967م ، وتلتزم بالاتفاقيات التي وقعت مع منظمة التحرير الفلسطينية والتزام الولايات المتحدة الامريكية كراعي اساسي للعملية السلمية بعدم تقديم العون مادياً أو عسكرياً لدولة الاحتلال الاسرائيلي التي تعرض وتهدد الامن والسلم الدولي في منطقة الشرق الاوسط.

لقد اوضح الرئيس محمود عباس في خطاباته في مؤتمر القمة العربية التي عقدت في شرم الشيخ على مبدا التمسك بالثوابت الفلسطينية والالتزام بكافة المبادرات الاقليمية والدولية التي تقود الى اقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف وفق اطار زمني ، مع تأكيده على ضرورة تأسيس تحالف عربي اسلامي دولي تلزم حكومة الاحتلال بوقف اعتداءاتها على الشعب الفلسطيني وأراضيه والتوقف الكامل لعمليات الاستيطان وتوسعاتها ووقف كافة اعتداءات المستوطنين على ممتلكات المواطنين بالقوة والتخويف والتدمير والتخريب والتجريف ، الامر الذي استجابت اليه القمة العربية باستعادة القضية الفلسطينية الى اروقة المنظمات الدولية والعمل على تكوين تحالف سلام تقوم على تنفيذ المبادرة العربية وغيرها من المشاريع السياسية على اساس المرجعيات الدولية ذات الشأن وفق اطار زماني محدد .

وفي ايامنا الحالية تعاني العديد من شعوب الامة العربية إلى اضطرابات داخلية واعتداءات على الشرعية القانونية والدستورية لمؤسسات الدولة من فئات متجبرة او جماعات وتنظيمات اخذت على عاتقها التحرر بمنهجية البعد عن ارادة الشعوب وتفرض اجندتها على الاخرين ، وفلسطين التي تتعرض للظلم والعدوان لأكثر من ست عقود مضت من قبل سلطات الاحتلال الاسرائيلي هي جزء من الامة العربية والأسرة الدولية كشعب حي وحر لا يمكن ان يستغيب عن تلك الاحداث ، وهذا ما عبر عنه الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية او غيرها لكن هل تستطيع القيادة الفلسطينية مهما بلغت من الدبلوماسية الحكيمة في محيطها أن تطبق مبدأ كهذا في بعض القضايا الاستراتيجية خاصة التي تهدد الامن القومي العربي بمعزل عن المجموع العربي وقوى سياسية مفصلية سياسيا واقتصاديا وثقافيا وتحديداً السعودية ومصر والأردن والمغرب والجزائر ووووو ؟

لهذا تمكن الرئيس الفلسطيني خلال السنوات الماضية الى تأسيس قاعدة جديدة في العلاقات الدولية ، وقد اصاب الرئيس السهم برسائله الدبلوماسية واستكملها في خطابه في القمة العربية 26 في شرم الشيخ إن فلسطين ستقدم على عملية سياسية ومعركة دبلوماسية بمساعدة الاشقاء والأصدقاء والشركاء الدوليين ، وهو ما تنبهت إليها المسارح السياسية الاقليمية والدولية وخاصة بعد الخطوات الدبلوماسية المدروسة والناجحة في الامم المتحدة ومنظماتها وفرض القضية الفلسطينية في المحافل والسياسات الدولية لعدم الثقة في بعض مصادر القرار للأسرة الدولية بالرغم من الدعم اللوجستي المعنوي السياسي والذي لم يرتقى الى الطموحات الفلسطينية في دعم بعض القرارات لصالح القضية الفلسطينية ، مع عدم التمكن من التغير في الموقف السياسي للولايات المتحدة الداعم للاحتلال ، ولذلك خططت القيادة الفلسطينية لهذا التحالف بمعزل عن العديد من الدول التي يمكن ان تقف عائقا امام تقدم تحالف السلام الذي لم يحصل منذ عقود ، وللأمريكان الذين لهم موقفا مغايرا وان يطلبوا مهلة مع التوقع بأن يقوموا الامريكان بالضغط على الدول العربية والإسلامية والأسرة الدولية الداعمة لإقامة الدولة الفلسطينية وإيجاد حل لباقي القضايا وفقا للقانون الدولي.

وكثيراً ما نسمع تصريحات من دول متعددة برغبتهم في فرض حل سياسي على اساس الحق المشروعة للشعب الفلسطيني في اقامة دولته المستقلة وفق الشرعية الدولية والأخذ بفكرة الرئيس محمود عباس بان المفاوضات الجدية والمبنية على اساس جوهري التي ستجد كل تأييد ودعم شعوب وحكومات بمنطقة تعيش في اسواء مراحل اقامتها ، لكن يبقى تحقيق هذه الرغبة بمدى رغبة وموافقة الولايات المتحدة الامريكية الداعم الرئيس وصاحبة اكبر معارضة في مجلس الامن للقرارات التي تتخذ لصالح القضية الفلسطينية على عقد مؤتمر دولي للسلام يلزم الاحتلال بتنفيذ التزاماته اتجاه الانسحاب من اراضي الدولة الفلسطينية وللرجوع الى الوراء لم يعد يكترث الشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية حجم الاعتداءات والمصادرات والبناء الاستيطاني والانتهاكات الاسرائيلية والاستفزازات بحجز الاموال الفلسطينية بين الفينة والأخرى ، وما كان هذا السكوت في وقت سابق ضعفاً عابراً لرئيس يقود شعبه والمنطقة نحو السلام والامن وإقامة دولته على اراضية وفقا لمرجعيات السلام والقرارات والاتفاقيات الدولية وتصفية المؤامرات والصفقات الكبرى التي عملت بعض الشخصيات على تنفيذها بخلط الاوراق الداخلية ، ها هو يقف ومن خلفة شعبة وكافة فصائل العمل الوطني الفلسطيني أن المصلحة الفلسطينية هي الأبدى في استراتيجياته العملية للمرحلة المقبلة ، وإذا ما اضطرت القيادة الفلسطينية إلى التصرف منفردة فستفعل في خلط الاوراق على الصعيدين الداخلي على الارض ، او من خلال التحرك الدبلوماسي النشط داخل المنظمات والهيئات الدولية وتحرج العديد من دول العالم كما حصل في مناسبات سابقة .

اخيرا ان القضية الفلسطينية دخلت مرحلة التجمد وأصبحت الامال مفقودة لدى الشعب الفلسطيني والقيادة السياسية والحكومة الفلسطينية نتيجة نتائج الانتخابات الاسرائيلية وفوز اليمين الاسرائيلي والأحزاب المتشددة فلا بد من اتخاذ خطوات جوهرية بتكوين قاعدة جديدة داخليا وخارجيا مقاومة للازمات الحالية والمستقبلية على الصعيد السياسي استعادة القضية الفلسطينية الى الحضن العربي الاسلامي وخاصة الدول ذات التأثير القوي على الساحة الاقليمية والدولية وأن تقود تحركا عربيا وإسلاميا مؤثرا وإن تغير التاريخ على الأقل لمواقفها ،ورسالة للولايات المتحدة وحكومة الاحتلال الاسرائيلي الذين يمثلان وجهان لعملة واحدة عندما ترى توجها استراتيجيا حازما عربيا ستضطر الى تغير استراتيجياتها اتجاه اولويات واستحقاقات السلام المبني على قرارات الشرعية الدولية فقد تستجيب وتتبع طريق السلام ، طالما أن الشعب الفلسطيني الوحيد الرازح تحت الاحتلال في العالم ، واقتصاديا العمل على تفعيل شبكة الامان عربية و وتوسيعها اسلاميا ودوليا للحفاظ على مقومات صمود وتعزيز الشعب الفلسطيني على ارضة وحتى لا تضطر القيادة السياسية والرئيس محمود عباس الى اتخاذ مواقف اكثر تشددا تعيد المنطقة الى حالة من عدم الهدوء والاستقرار وفرض اولويات قد تجاوبت معها مرحليا وطوعيا حفاظا على السلم والأمن الدولي فيعطلون ما تحقق ويربكون ما هو تحت التخطيط لإنهاء القضية الفلسطينية ،ومثلما ايد الشعب الفلسطيني كافة دول العالم في مراحل تحرره لا بد من موقف دولي يؤيد القيادة الفلسطينية والرئيس محمود عباس في استراتيجية دعم السلام الذي ينادي به على اساس الثوابت الفلسطينية ، وإذا نجحت عملية خطط الرئيس المستقبلية فقد تقلب قاعدة التجييش والخطابات الرنانه بين المتشائمين وان تتخذ طريق الحوار الجاد بين الدول والمتناحرين سيطرته لننظر وننتظر ونرَ.