السبت: 23/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

القضية المركزية فلسطين وعاصفة الحزم

نشر بتاريخ: 03/04/2015 ( آخر تحديث: 03/04/2015 الساعة: 10:35 )

الكاتب: المستشار نـايف الهشلمون الأيوبي

ليس مطلوب منّا أن نقف مع الحوثي او ضد الحوثي، مع ايران أو ضد ايران، فالسياسة تحتمل تعدد وجهات النظر. فلسطين كلها محتلة، والشعب الفلسطيني محتل، يعاني الكثير يوماً من ممارسات الإحتلال القمعية، ولا تكاد تمر سنة علينا من غير ان نتعرض لإرهاب المحتل الإسرائيلي، ولإجتياحاته وعدوانه الجوي والبري والبحري الغاشم.

والسياسة الحكيمة لا تؤيد ولا تبارك أي اجتياح عسكري أجنبي لبلد آمن أو أي عدوان على بلد مستقل، حتى وإن كان فيه صراعاً داخلياً مثل اليمن.
عندما اجتاحت إسرائيل قطاع غزة فيما سمي حينها بعملية (الجرف الصامد) ولم يظهر أي تحرك شعبي عربي مناصر في اي دولة عربية خلال الأسابيع الأولى من العملية، خرجت في صنعاء ومدن يمينة في الجمعة الأولى للعدوان مظاهرات لنصرة فلسطين وإدانة العدوان الإسرائيلي.

باعتقادي ان تأييد السلطة الفلسطينية وبشكل كامل للتحالف العسكري العربي الذي تقوده السعودية في حربة في اليمن، هو تكرار للخطأ الذي وقعت
فيه القيادة الفلسطينية أثناء احتلال الكويت من قبل النظام العراقي، وهذا ما يمثله أيضاً بيان حركة حماس، والذي يفهم منه تأييد عملية (عاصفة الحزم).

يجب أن يكون لدينا بعد نظر، وأن ندرك بأنّ ما يجري في اليمن يحمل أخطاراً محتملة ولاحقة على كافة الأصعدة في المنطقة، وأننا نرفض استخدام القوة لحل الخلافات الداخلية للشعوب، وأن الحوار لغة العقل، والطريق السلمي الديمقراطي هما أفضل الوسائل لحل قضايا الخلاف الداخلي، وأننا ندين ونرفض التدخل الآجنبي في شؤوننا الداخلية.

على السلطة وكافة التنظيمات الفلسطينية انجاز المصالحة الفلسطينية فورا ، وتحييد موقفها عن اي صراع اقليمي، وما يجري في اليمن يدمي القلب، ويدمع العين، كما في سوريا ، حرب بلا هوادة، تقضي على مقدرات الشعب وثروات البلاد، وفي العراق وليبيا وغيرهما أيضاً حروب ضارية، وقتال يهدد سلامة وأمن الآوطان، والنسيج الإجتماعي فيها.

وهذه الصراعات السياسية قد أدت إلى نشوء حالة من فوضى عارمة، باتت تهدد ليس فقط وحدة اليمن، بل باتت تشكل خطرا فعلياً على الأمن في البلاد العربية والإسلامية. إن أخطر ما تنتجته هذه الأحداث المؤلمة، هو ضرب مقومات العيش المشترك داخل البلد الواحد، وتحويل الإختلاف الى متاريس في الشوارع، وبراميل متفجرة، وإلى تضخم حالة الارهاب بإسم الإسلام، والإسلام منه براء.

الكل فينا يعلم أن واقعنا الأليم، وما ندفعه من ثمن بشري ومادي باهظ، وحالة عدم الاستقرار هذا في منطقتنا العربية والإسلامية، تغذيه مصالح خارجية معادية، وعلى رأسها الصهيونية العالمية، خدمة لمشروعها في السيطرة على فلسطين، والمنطقة العربية من الفرات إلى النيل، وبالتالي فإن السبيل لكبح هذا المسار الخطير والفتّاك، هو وقف العنف فوراً في مناطق الازمات، واللجوء إلى الحوار، والطريق السلمي الديمقراطي، والتشبث بالعيش المشترك.

العرب والمسلمون مطالبون إلى إقامة سد دفاعي منيع أمني وسياسي في وجه هذه الحالة المدمرة والارهاب العابر للحدود، وهذا يتطلب امكانات وقرارات حاسمة صادقة. وأن يدرك العرب والفرس أن العدو يعمل على توريطهما في صراعات مدمرة وقاتلة لشعوبهم وبلدانهم، ويسيء إلى ديننا الإسلامي الحنيف.

على مجلس الأمن والهئيات الدولية وخاصة محكمة العدل الدولية ضرورة تحمل مسؤولياتها الكاملة وبجدية إزاء التعامل مع مجريات الأحداث في بلدان المنطقة، وعلى الجامعة العربية العمل باستراتيجية مسؤولة، خصوصاً وقد أخذ الحكام العرب في مؤتمر شرم الشيخ الآخير قراراً حكيماً، بانشاء قوة عسكرية عربية، تشارك فيها الدول اختياريا، وتتدخل هذه القوة عسكريا لمواجهة التحديات، التي تهدد أمن وسلامة أي من الدول الأعضاء.

وعلى الجميع أن يدرك أن كافة الجهود الدبلوماسية في حل عادل للقضية الفلسطينية قد اخفقت، وأن العنصرية قد تجذرت في المجتمع الأسرائيلي، وهذا ما أثبتته انتخاباتهم التشريعية الأخيرة، وأن الرد العربي والإسلامي يجب أن يكون واضحاً لإسرائيل والعالم، وأن يدركوا أن القضية المركزية هي فلسطين، وأن الشعب الفلسطيني ليس متروكاً لوحده ، وأن يثبتوا أن العيش في الظلام ليس قدر العرب والمسلمين رغم كل المآسي المحيطة ، وأن العجز ليس سمة موروثة فيهم، وهم قادرون ولديهم المقدرات لـ(عاصفة حزم) نحو فلسطين، عليهم ان يثبتوا ذلك، مثلما تحركوا فوراً وحشدهم السريع نحو اليمن (عاصفة الحزم) لكي يتمكنوا من النظر بعيون أطفالهم.