الخميس: 26/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

وللجنائية الدولية أحكام وأعراف

نشر بتاريخ: 03/04/2015 ( آخر تحديث: 03/04/2015 الساعة: 10:37 )

الكاتب: إبراهيم المدهون

أخيراً أصبحنا ممثلين رسمياً في المحكمة الجنائية الدولية. وهذا إنجاز وطني جاء بعد مجاهدة ودفع فصائلي وسياسي، أدى لطرق أبواب المحكمة ودخولها رغم رفض وحنق وتهديد الاحتلال الإسرائيلي، وهذا يعني أننا أمام حدثٍ مهمٍ وتاريخي وخطوة إيجابية يشكر عليها الرئيس عباس، إلا أنها غير كافية وتحتاج لتفعيل وإدارة سليمة وعمل متواصل وتنسيق متكامل بين قطاعات الشعب الفلسطيني. 

تنبه الاحتلال للقانون كسلاح يستخدمه في تعزيز استيطانه وإحلاله وجرائمه، فيغطيها بقناع زائف خادع ويضفي عليها شرعيةً دوليةً تؤهله للاستمرار، ولنعترف أنه حقق الكثير من النجاحات في العقود الماضية، وفي المقابل قصرنا دون أن ندري في مقارعة الاحتلال بميادين مختلفة اليوم بدأنا نتنبه إليها. فكنا نلوم باستمرار المؤسسات الدولية ونشكك بها، ولم ندرك مدى أهميتها في التعاطي مع الأحداث وآليات التعامل معها. كما أننا لم نفرق بين السياسية المنحازة كالأمم المتحدة، والقانونية التي تحاول وتجاهد بموضوعية لمحاربة الجرائم، وأي جريمة هي أكبر من احتلال شعب وتهجيره واستيطان أرضه وحصاره وقتل أطفاله ونسائه؟! 

لا أحد ينكر أن تجربتنا مع المؤسسات الدولية سيئة، ونحملها مسؤولية نكبتنا، وحقيقةً لم تنصفنا المؤسسات ولو لمرةٍ واحدة ولم تراع حقنا ولم تنصفنا رغم مظلوميتنا، واليوم علينا التفكير بكيفية استثمارها أو تحييدها على الأقل، أو تحويلها لأداة تلاحق المجرمين الصهاينة، ربما الأمم المتحدة كمؤسسة دولية سيئة السمعة تختلف بسبب هيمنة الولايات المتحدة عليها، فالمحكمة الدولية والتي فيها قضاة يشهد لهم بالنزاهة والعمل المخلص للعدالة دون التأثر بموازين القوى يمكن استثمارهم في ملاحقة الاحتلال وحصاره. 

ولنتنبه إلى أن لكل مؤسسة بيئة خاصة وقواعد لعب معروفة ولها مفاتيحها وعلومها وطريقة وآليات تعامل، ونتمنى أن يتصدى لهذه المهمات المتخصصين، وأخشى أن نتعامل به كموضوعٍ سياسيٍ فيتصدر للأمر أنصاف السياسيين من المسؤولين والمقربين من الرئيس، فيتخذون مواقف وإجراءات مضحكة أو مضرة فيبددو فرصةً يمكن فيها للحد من جرائم الاحتلال وملاحقته، لهذا نحتاج لجهد جماعي تكاملي، ولدينا كوادر قانونية وحقوقية كثيرة إن كان في الداخل أو الخارج ومن جميع التيارات. 

من حق شعبنا أن يخشى على مقاومته من استغلال العدو وتقصير الصديق، مما قد يعرضها للمساءلة والملاحقة، إلا أن ما يطمئن أن هذه المقاومة فطنة وذكية بالإضافة إلى أنها صاحبة حق؛ فالقوانين جميعها تجيز للشعوب حق الدفاع عن النفس ومقاومة المحتل، بالإضافة إلى أنها تحتكم لخبراء في القانون تستند عليهم وتشاورهم في أدق التفاصيل. هذه فرصة وخطوة علينا استثمارها، فلدى الاحتلال هاجس وقلق حقيقي من هذه المحكمة، وعلينا التركيز أولاً على وقف الاستيطان وهدم الجدار العنصري ورفع الحصار عن غزة، ثلاثة جرائم دولية واضحات يمكن العمل تفعيلهم بالإضافة لملاحقة كبار وضباط الجيش الإسرائيلي. قد يصفني البعض بأنني مغرق في التفاؤل، وهذا حقي، كما أن من حقنا العمل والدفع في أي اتجاه قد تكون نتائجه عظيمة.