نشر بتاريخ: 08/04/2015 ( آخر تحديث: 08/04/2015 الساعة: 10:26 )
الكاتب: د. سليمان عيسى جرادات
في خضم الحراك السياسي للقيادة الفلسطينية على المسرح الدولي ، في مواجهة التحديات جراء السياسات والاعتداءات الاسرائيلية ، وحالة الحراك الاصلاحي التي شهدتها مؤسسات الدولة الفلسطينية على المستوى السياسي ، الاقتصادي ، الاجتماعي ، الثقافي ، الامني ، ما زال هناك تحديات كبيرة تواجه المجتمع الفلسطيني ومؤسسات الدولة ببعض الشائبات والعادات الصادرة عن بعض الخارجين عن القانون والعرف والعادات والتقاليد والقيم العشائرية والمنافية للادوار التي تقوم بها العشيرة ورجالات اصلاحها الذين يعتبرون من اهم المكونات الاساسية لاي مجتمع ، والمجتمع الفلسطيني الذي تميز عبر التاريخ بادورا مهمة ومحورية لاستقرارة الاجتماعي ، كان للعشائر ورجالات الاصلاح مساهمة بدعمها مسيرة النضال الفلسطيني عبر العقود الماضية ولعل دورها الريادي الابرز كان وما زال ليومنا هذا في التصدي لكافة الاجراءات الاسرائيلية خلال الفترات السابقة وخاصة عام 1982م وموقفها الرادع والحازم ورفع الغطاء والحماية العشائرية للذين تعاونوا مع سلطات الاحتلال والعابثين بأمن وممتلكات المواطنين ، وانهيار تلك المرحلة وانتصار الشعب والعشائر ورجال الخير والوطنين في المجتمع الفلسطيني خير شاهد ودليل ، وهي تلك الوقفة التي غيرت مجرى الاحداث ورسمت خارطة التماسك بين كافة شرائح المجتمع المحلي الفلسطيني الجديد.
ان رجال الاصلاح في المجتمع الفلسطيني لهم دورا تكميليا مع الجهات ذات الاختصاص وخاصة الامنية في حفظ الامن واستقرار المجتمع المحلي ، وهناك تفاهمات وتعاون وفقا للقانون واللوائح الناظمة بين الجهات ذات الاختصاص ورجال الاصلاح ليأخذوا دورهم الطبيعي باعتبارهم ركيزة أساسية في ضبط بعض السلوكيات البعيدة عن العرف والعادة والقيم الفلسطينية ، والتوجهات الجدية للمحافظات الفلسطينية بتشكيل المجالس العشائرية وتفرع للجان الفرعية الخاصة بها ، وتشكيل مجالس عشائرية خاصة بها ليكون عونا لأبنائهم وأفراد عائلاتهم ومساعدتهم على الصعد كافة وخاصة لم شمل ابنائها ، وتوجيههم لما فيه المصلحة العامة للوطن والخاصة للعشيرة وليكونا عونا للجهات ذات الاختصاص في التعاطي مع القضايا وحل المشاكل بين ابنائها من جهة وبينهم وبين ابناء العشائر الاخرى الامر الذي الغي اي نوع من التصادم او نشر الفتنة او الاقتتال الداخلي وجعله امرا مستحيلا .
واليوم فان التحدي الاكبر الذي يواجه المجتمع الفلسطيني ردات الفعل المبالغ فيها والتي هي بعيدة كل البعد عن قيم وعادات مجتمعنا وخاصة عند الحصول عملية قتل قصدا او بغير قصد او قضية راي عام والتي تتعاطف مع الضحية ايا كان السبب ، الامر الذي يؤدي الى عمليات الترويع والتخويف وتبني نهج بحرق المنازل وإلحاق اكبر الاذى للمجنى عليه ومن حوله وعدم التقييد بالعادات والتقاليد والعرف والقيم الفلسطينية التي لم تتنصل يوما بإرجاع الحق وتحقيق الامن المجتمعي وتوفير بيئة ملائمة لأصحاب الحق عشائريا وقانونيا واتخاذ الاجراءات اللازمة المتبعة في الإصلاح العشائري في هذا المقام وراب الصدع وحل القضايا الخلافية المتعددة الاوجه والتاريخ يسجل لرجال الاصلاح وللعشائر مواقفها المشرفة في ذلك.
ان تماسك المجتمع الفلسطيني عشائريا التي لم تؤثر عليه الاختلافات السياسية ، بالرغم من وجود بعض الشواهد على استغلال بعض النزاعات لصالح الجهات الخارجية في تقويض الإنجاز الحكومي والأمني لمؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية في عدد من المحافظات وخاصة في مناطقC التي لا توجد سيطرة امنية فلسطينية عليها ، لهذا فان المطلوب في المرحلة الحالية اعادة تقييم للمرحلة السابقة والنظر نحو المستقبل والعمل على بناء إطار عقد اجتماعي تنظيمي ثقافي فكري يسمح بإيجاد حراك اجتماعي موسَّع في مختلف المناطق في محافظات الوطن من خلال وضع خطط تعاون بين رجال الاصلاح والعشائر والهيئات المحلية والتنظيمات السياسية والمؤسسات الفاعلة والأمن تكون مهمتها دعم وتعزيز استراتيجيات تماسك السلم الاهلي الاجتماعي في كل مدينة وبلدة وقرية ومخيم والعمل بإخلاص دون محاباة وتحيز أو تميز فئة أو جماعة أو على اساس اجتماعي او حزبي او فصائلي وان الجميع تحت القانون لتلافي أكبر قدر ممكن من اي آثار سلبية على السلم الاهلي والأمن من العابثين او ردات فعل غير مدروسة.
واليوم حتى تكتمل مسيرة الانجاز المطلوبة لاستكمال بناء دولة القانون والمؤسسات ويكون لرجال الاصلاح والعشائر اصحاب الاعراف والتقاليد وأصحاب الايادي النظيفة ودورهما المعهود والمتواصل في حماية القيم والسلم الاهلي الاجتماعي وسنداً للمؤسسات الرسمية والأمنية ، ومعين امني اجتماعي وأخلاقي وطني يغذي توجهات القيادة السياسية والأمنية المصالحة على الصعيد الوطني العام لما يمثلون عوامل اجتماعية لهم ثقلهم في التأثير الاجتماعي بكافة القضايا مع الالتزام بسيادة القانون والاحتكام إلى سلطات الدولة وعونا لها وليست بديلاً عنها ، بالرغم من ان رجال الاصلاح والعشائر حقيقة فاعلة وأساسية ورئيسية ، وهنا لا بد من الية لتنظيم العلاقة بين العادات والتقاليد والشرع والقانون في حل المشاكل والقضايا المختلف عليها بإبعادها الاجتماعية والأخلاقية والوطنية ، الامر الذي لا بد من استصدار مرسوم رئاسي يمنع منعا باتا العمليات الانتقامية والتهجير والطرد والحرق والتخريب والتدمير والمنع والتهديد لأهل الجاني وتوسيع دائرة الحدث تحت طائل المسؤولية ولوضع حد لبعض الاعمال والتي تسئ الى سمعة وصورة ومؤسسات شعبنا ، وان يأخذ القانون اجراءاته الصارمة الذي لم ولن يتهاون مع اي قضية صغيرة ام كبيرة ، وان يلتزم الطرفين المجني علية والجاني بكافة الاعراف والتقاليد العشائرية المتبعة وتحقيق كامل الاهداف القانونية والعشائرية.
ويبقى القول ان رجال الاصلاح يعتبرون احدى ضمانات الاستقرار الاجتماعي ومساعدا للجهات المختصة الحفاظ على الأمن وركيزة أساسية في بناء المجتمع وتعزيز وترسيخ مفاهيم السلم الاهلي في فلسطين ، اذن لا بد النظر الى المستقبل من أجل تغيير بعض المفاهيم وتوجيه السلوك الانساني نحو الخيارات القانونية والقضائية والعادات العشائرية الاصيلة المتطابقة مع القانون والتي تخدم المواطن في الحصول على حقة الخاص ، والمجتمع الفلسطيني بمكوناته له الحق على الجميع واجبا بتقديم مصالحة بالاستقرار الدائم وإيجاد حلول جذرية للعديد من القضايا المرحلة من عام الى عام في معظم محافظات الوطن الفلسطيني وغيرها من القضايا التي لم تحل لغاية اليوم من خلال توقيع على وثيقة شرف وطنية تشارك فيها كافة مؤسسات وفعاليات ورجال العشائر والإصلاح وكافة المعنيين من أجل وأد الفتنة الذي يؤرق الكثير.