السبت: 23/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

مأزق اعادة اعمار قطاع غزة والقطاعات الانسانية؟

نشر بتاريخ: 09/04/2015 ( آخر تحديث: 09/04/2015 الساعة: 11:59 )

الكاتب: عقل أبو قرع

لا يخفى على اي شخص، سواء اكان مسؤولا او مهتما او مراقبا، او حتى مواطنا عاديا، عمق وحدة الازمة، التي تدور حول موضوع اعمار، او حول عملية اعادة اعمار قطاع غزة، ومن الواضح انة وبعد مرور اكثر من سبعة اشهر على توقف العدوان الاخير على قطاع غزة، لم تدر او لم تبدأ عملية او عجلة الاعمار الحقيقية في قطاع غزة، وما زالت الالاف من العائلات مشردة، وتتخذ ملجأ لها في المدارس او في الابنية العامة، وما زالت الالاف بل عشرات الالاف، من الوحدات السكنية مدمرة، سواء اكان تدميرا كليا او جزئيا، وبالاضافة لذلك، ما زالت قطاعات او مجالات انسانية واساسية وحيوية، للبشر ولنشاطات البشر تعاني، بل يزداد وضعها تدهورا، ، مثل قطاعات المياة والطاقة والنفايات والصرف الصحي والمستشفيات والعيادات؟

وقبل ايام، عقدت في مدينة رام اللة،ورشة او حلقة للنقاش، تمحورت حول " ازمة او مأزق اعادة الاعمار في غزة"، ومن الواضح انة كان هناك نوعا من الاتفاق او من التوافق، بين المشاركين، سواء اكانوا من القطاع العام اي من الحكومة، او من القطاع الخاص، او من الاكاديميين والمحللين والمهتمين، على عمق هذه الازمة، وكذلك على عدم وجود بوادر او مؤشرات، في الافق القريب، يمكن ان تؤدي الى البدء الحقيقي لاعادة الاعمار، او حتى لامكانية وجود خطة او خطط تحظى بالتوافق حول الية واولويات وامكانية استدامة الاعمار، وبالاخص في قطاعات يمكن تصنيفها على انها قطاعات انسانية، مثل السكن والمياة والكهرباء والنفايات والصرف الصحي؟

ومن خلال النقاش، كان من الواضح، ان من اهم معيقات او حواجز البدء في اعمار قطاع غزة، هو عدم صحة الفرضيات السياسية التي واكبت التحضير لاعادة اعمار غزة، او عدم وجود الارضية السياسية، او عدم توفر الغطاء السياسي التوافقي الفلسطيني للبدء بأعمار حقيقي اوباعمار كما هو واجب، وكان واضحا من النقاش، انة ورغم وجود الكفاءات البشرية او الايدي العاملة، ورغم امكانية او احتمالات وصول مواد البناء والاعمار، والمعدات والاليات وما الى ذلك، الا ان غياب الاطار السياسي او الغطاء السياسي الفلسطيني الداخلي هو من اهم المعيقات، بل من اهم المحبطات لاعادة الاعمار، وبالاضافة الى ذلك، فأنة من الواضح، عدم وجود ارادة او قرار سياسي من الدول التي تحيط بقطاع غزة، وبالتالي تتداخل بشكل او بأخر في عملية الاعمار، اي من اسرائيل ومصر، وربما من بعض الدول الاخرى، في المنطقة ومن خارجها؟

ورغم الضجيج الاعلامي والترويج والتهليل الذي رافق نتائج المؤتمر الاخير الذي عقد من اجل اعادة اعمار قطاع غزة، وبالاخص التهليل لمبلغ ال 5400 مليون دولار، الذي تم التعهد بة لاعمار غزة، الا انة من الواضح، ان الفتات قد وصل او في الطريق الى الوصول او تم التوقيع على اوراق لامكانية وصولة، مع كل الشروط التي يمكن ان ترافق وصولة، او ترافق كيفية استخدامة او صرفة، وحتى ان الالاف من الاطنان من الركام ما زالت قابعة في قطاع غزة، ولم يتم ازالة اكثر من 10% من اكوام الركام، الذي قامت بة جهات دولية وتحت شروط محددة، وفي ظل منح محودة من هنا او من هناك؟

ومع تعمق مأساة الاوضاع في غزة، ومع تضاؤل الامل في امكانية الخروج من ذلك من خلال البدء بأعمار حقيقي، ومع تزايد الاحتمالات بأنفجار الاوضاع في القطاع، وعلى كل المستويات ومنها الاجتماعي والصحي والبيئي والانساني، فأن الملام الاكبر في تعثر عملية الاعمار هو ما بات يعرف بعملية " الوفاق الوطني"، اي الخلافات او التناقضات او الاتهامات، التي باتت تدخل في معظم جوانب الحياة في القطاع، والتي يتحملها او يتحمل اثارها كل الاطراف الفلسطينية، التي وفي ظل اوضاع مأساوية ومتشائمة كما هو الحال في القطاع، من المفترض ان يتم وضعها جانبا، ولو بشكل مؤقت، وبالتالي افساح الطريق لاعمار حقيقي، وعلى الاقل، في مجالات انسانية حيوية اساسية للناس؟

ومن هذه القطاعات الانسانية، قطاع المياة، ونحن نعرف الوضع الكارثي للمياة في قطاع غزة، وان اكثر من 95% من المياة هناك، هي مياة غير صالحة للاستهلاك، حسب المعايير الدولية، ومن القطاعات الحيوية، قطاع الطاقة او الكهرباء، والذي سوف تحتاجة قطاعات عديدة من اجل الاعمار والتنمية واستدامة الاعمار، ومنها القطاعات التي وبالشكل الحالي او بأوضاعها الحالية تدمر النظام البيئي والصحي في غزة، مثل مياة الصرف الصحي او المجاري، التي تنساب مع ما تحوية عشوائيا، ومنها النفايات وبأنواعها، من نفايات صناعية وزراعية ومنزلية، والتي في المحصلة تجد طريقها، او تصل الى المياة الجوفية والى الطعام والى نواحي الحية المختلفة، ومن القطاعات الانسانية القطاع الصحي بأفرعة المختلفة من عيادات ومستشفيات ومستودعات وما الى ذلك؟

وفي ظل عدم وصول الاموال او المواد لاعادة اعمار حقيقية لقطاع غزة، وفي ظل الشلل السياسي، او غياب التوافق الداخلي الذي يحتاجة هذا لاعمار، وبالتالي يحتاجة وصول الاموال من الخارج، فهل يوجد اليات لتشجيع او لتوفير البيئة والظروف للقطاع الخاص الفلسطيني، لكي يبدأ بالعمل في الاعمار، وهل توفر الجهات الفلسطينية، وبالاخص الحكومة المقومات والتسهيلات للقطاع الخاص، لكي يأخذ دورا، يمكن بسهولة اخذة، وبدون انتظار او بدون استجداء، او تحقيق الشروط لوصول الاموال من الخارج ومن المانحين بانواعهم، سواء اكانوا دولا او مؤسسات او حتى افرادا؟

ونحن نتمنى ان يبدأ الاعمار الحقيقي في قطاع غزة، وان يعيد اليها نوعا من الحياة، سواء على صعيد الصحة اوالتعليم، او على صعيد توفر المياة الصالحة، او توفر الشوارع السليمة، واصلاح سبكات الصرف الصحي ومعالجة قضايا النفايات، او حتى تدفق السياحة الى غزة، ونأمل ان يتواصل هذا الاعمار، وينتهي في اعمال تستديم ويستفيد منها الناس، وبأن يتم استخدم المبالغ الضخمة من الاموال التي تم التعهد بها، من اجل المصلحة والاحتياجات الحقيقية للناس، وليس فقط من اجل الضجة الاعلامية التي رافقت ذلك، او من اجل الاضواء او تحقيق مصالح ضيقة او انية لهذا الطرف او ذاك

ولكن وفي ظل التخبط والانتظار، و في ظل مواصلة تبادل الاتهامات، تتراكم الخسارة وتتعمق المأساة في قطاع غزة، وربما تصل الامور الى حد الهاوية او الى حد الانفجار وفي كل المجالات، وفي هذه الحالة ربما يتم البدء في البحث عن اليات او عن مبررات، وربما يتم الوصول او عدم الوصول الى اليات فلسطينية تسمح بأعادة اعمار قطاع غزة، وبالتالي تكون الحاجة هناك، الى تدخل او الى اليات خارجية، سواء اكانت عربية او دولية؟