نشر بتاريخ: 10/04/2015 ( آخر تحديث: 10/04/2015 الساعة: 10:24 )
الكاتب: جميل السلحوت
يخطئ من يعتقد أنّ الحرب القذرة الدّائرة في سوريا منذ أكثر من أربع سنوات، تستهدف النّظام السّوريّ، فتغيير الأنظمة لا يتمّ بهذه الطريقة، وإنّما الهدف هو تدمير سوريا وقتل شعبها واستنزاف جيشها تمهيدا لتقسيمها هي وغيرها من البلدان العربيّة ضمن مشروع "الشّرق الأوسط الجديد"، وتصفية القضيّة الفلسطينيّة لصالح المشروع الصّهيونيّ التّوسعيّ، وما الحروب الدّائرة في ليبيا واليمن والعراق ببعيدة عن ذلك، تماما مثلما هي الأعمال الارهابيّة التي تستهدف مصر دولة وجيشا وشعبا، وكلّ الدّلائل تشير إلى امكانية امتداد هذه الحروب إلى دول عربيّة أخرى بما في ذلك تلك الدّول التي تموّل وتسلّح وتدرّب الارهابيّين القتلة.
ومن المحزن التّذكير بأنّ الضّحايا والخسائر بسبب الاقتتال الدّاخلي في الدّول العربية تفوق في أعدادها وخسائرها مثيلاتها في الحروب مع اسرائيل.
ومن حقّ المواطن العربيّ أن يتساءل عن طبيعة ما يجري في سوريّا من قتل وتدمير وتخريب، خصوصا أنّ من جنّدوا "دول التحالف" لمحاربة داعش وأخواتها، يقومون في الوقت نفسه بتمويل وتسليح وتدريب "أخوات داعش" لمواصلة تدمير سوريا وذبح شعبها وتفتيت وحدة أراضيها لإطالة أمد الحرب، لانهاك سوريّا واستنزاف جيشها وليس لاسقاط نظامه الرئيس بشار الأسد كما يزعمون، وبالتّالي فإن القضاء على داعش ليس هدفا، ولو قصدوا ذلك فعلا لأنهوها خلال أسابيع قليلة.
ويخطئ من يعتقد بأنّ الحرب الدّائرة في سوريا بمثابة حرب أهليّة، وإلا ما تفسير تصدير"مجاهدين"من أكثر من تسعين دولة للحرب في سوريا، بما في ذلك "مجاهدون" من دول أوروبيّة ومن أمريكا ومن اسرائيل أيضا، فهل مخابرات هذه الدّول في غفلة عن ذلك أو لا تعلمه؟ وهل الدّول العربيّة المصدّرة والممولة والمسلّحة والمدرّبة والحاضنة للارهاب تحكمها أنظمة ديموقراطيّة حتى تتباكي على الدّيموقراطيّة في سوريّا؟
إنّ ما يجري في سوريّا وغيرها من الدّول العربيّة لا يستهدف النّظام السّوريّ فقط، وإنّما يستهدف الدّول والشّعوب العربيّة، ووجد مخططو الاقتتال الدّاخلي طريقهم في تنفيذ مآربهم باستغلال العاطفة الدّينيّة للشّعوب، ونظرة سريعة إلى أعمال داعش وأخواتها تثبت أنّهم يسيؤون إلى الاسلام أكثر من أعدائه، فأيّ دين وأيّة إنسانيّة تبيح الجرائم المرتكبة؟
وبما أنّ الدّماء المسفوكة كلّها سواء، فإنّ الدّماء الفلسطينيّة المسفوكة في مخيّم اليرموك قرب دمشق ليست أغلى من دماء الشّعب السّوريّ، وما حصار المخيم المستمرّ منذ عامين، واقتحامه في الأسبوع الأخير من قبل "الدّواعش" إلا تأكيد جديد على زيف وبطلان مزاعم مشعلي النّيران في سوريّا بأن هدف جرائمهم هو اسقاط النّظام السّوريّ، وقد سبق وتمّ تدمير مخيمات لجوء فلسطينيّة في سوريا قبل اليرموك مثل مخيّم النيرب ومخيّم درعا وغيرها، علما أنّ السلطة الفلسطينيّة ومنظمة التّحرير الفلسطينيّة ومنذ البداية أعلنت حيادها في تلك الحرب، واعتبرتها شأنا داخليّا سوريّا، ومع ذلك لم تسلم مخيّمات اللجوء الفلسطيني، ولا ساكنوها، ولو كانت حرب التّحالف الدّولي على داعش حقيقيّة، والنّوايا فيها سليمة لقاموا بحماية المخيّمات تماما مثلما حموا قرية "كوباني" الكردية شمال سوريا في الأشهر القليلة الماضية، وقصفوا الدّواعش الذين حاصروا البلدة ومنعوهم من اقتحامها.
إنّ اقتحام مخيّم اليرموك بهذه الوحشيّة، والفتك بقاطنيه يهدف إلى جرّ تنظيمات فلسطينيّة إلى المشاركة في الحرب القذرة الدّائرة في سوريا، وإذا ما تمّ ذلك وهذا ما لا نأمله ولا نتمنّاه، فإنّه حتما سيجرّ مخيّمات اللجوء في لبنان أيضا إلى المشاركة في تلك الحرب، وهذا يعني امتداد الاقتتال الدّاخلي إلى الأرض اللبنانيّة أيضا، وهذا ما يجب الانتباه إليه والتحذير من عواقبه الوخيمة.
وبما أنّ العرب "اتحدّوا" على شنّ حرب غيرهم على اليمن بحجّة الدّفاع عن الشّرعيّة، فهل يمكن أن يتحدّوا على وقف تمويل وتسليح الحرب الدّائرة في سوريّا، وجمع أطراف الصّراع للوصول إلى حلّ يحقق رغبات الشعب السوريّ؟